احتضنت قاعة ابن خلدون سهرة أمس الأول، العرض الأول لآخر أفلام محمد زموري "مؤكد حلال"، بحضور وزيرة الثقافة نادية لعبيدي ومجموعة من السينمائيين ومحبي الفن السابع. "مؤكد حلال" إنتاج فرنسي جزائري مشترك، بدعم من وزارة الثقافة، سيناريو ماري لورانس عطية، أما التمثيل فتقاسمته مجموعة من الوجوه، منها: الممثل المغترب الفرانكو جزائري إسماعيل فيروز، نادية كوندا، فاطمة حليلو، العمري كعوان، عمر طايري حفصية حرزي، مراد زيغندي والشابة يمينة. يعالج محمد زموري في "مؤكد حلال" بأسلوب هزلي وفكاهي مشكلة الجيل الثالث من الشباب المغترب في فرنسا وأزمة الاندماج في المجتمع الفرنسي، وكذا مشكلة اختلاط المفاهيم ونفاق المجتمع من خلال قصة زواج تقليدي، تدور أحداثها في قرية نائية، حيث يصطدم موكبا عرس ببعضهما حول ضريح الولي الصالح، وتبدل العروسان، فكل واحدة منهما كانت مغطاة الرأس لتجد كنزة نفسها وهي شابة مغتربة مع راع كان من المفروض أن يكون زوج الشابة سلطانة التي ترفض أن تكون زوجة عطا الله، لأنها تحب بونعجة، لكن هذا الأخير يعجب بجرأة كنزة المغتربة التي أتى بها أخوها للبلاد ليجبرها على الزواج، بعد أن طرحت طابو العذرية مع جمعية فرنسية وصار أخوها أضحوكة بين أقرانه في حيّه بالضاحية الباريسية. تتداخل أحداث القصة، إلى أن تقوم كنزة بالمصالحة بين بونعجة وسلطانة وينتصر الحب في الأخير وتعود كنزة إلى فرنسا، لكن بعد أن تشجع المنقبات اللواتي كن في الحافلة على التمرد على أزواجهن، بل وبعض الملتحين وأصحاب نصف الساق والقمصان يندمجون في الحفلة التي أحيتها الشابة يمينة داخل الحافلة على شرف بونعجة وحبيبته سلطانة. قدم محمد زموري، صورا عن امتحان كرامة المرأة واعتبارها سلعة من خلال بعض المشاهد، مثل الاتفاق الذي حدث بين عطا الله وأب سلطانة الذي قبل أن يرسم زواجه بابنته رغم أنه حدث سوء تفاهم وخلط بين العروستين، لكنه يرسم الزواج مقابل مهر متكون من عدد من الدجاجات و"السرادك"، والنظرة "الدونية" التي استقبلت بها كنزة في مطعم معزول عندما أخذها بونعجة معه. وفي مشهد آخر يبرز زموري عطا الله وهو يحتسي الخمر في إبريق الشاي في عرسه وقريبة كنزة وهي تحاول أن تموه دم العذرية بدم الدجاج المذبوح. أماكن التصوير تنوعت بين فرنسا والصحراء الجزائرية التي تبقى المكان المفضل للمخرجين المغتربين من أجل أخذ صور "اقزوتيك" عن الجزائر، ولكن جاءت بعض الصور والمشاهد مبالغ فيها من حيث تسويد الوضع في الجزائر، حيث أبرز مثلا زموري الممثلين الذين اعتقدو أن جماعة إرهابية قد اعترضت طريقهم، وكأن زموري لم يغادر بعد مرحلة التسعينات. "مؤكد حلال" يضاف إلى مجموعة الأفلام المغتربة التي تقدم الجزائر على أنها مجتمع لا يصلح للعيش إطلاقا عبر مجموعة من الطابوهات الدينية والمجتمعية، ورغم أنها تحمل جانبا من الصحة والحقيقية، إلا أن زموري لم يستطع أن يغادر الثنائيات التي طبعت تعاطي المخرجين المغتربين الذين يعمدون إلى تسويد مجتمعاتهم الأصلية مقابل الحصول على دعم من مؤسسات الإنتاج الفرنسية لتمرير أفلامهم.