يتضمن المشروع التمهيدي لقانون المالية التكميلي 2015، إجراءات صارمة ضدّ أرباب العمل المتلاعبين بتأمين المستخدمين، وتنص الوثيقة على الحبس النافذ وغرامات ثقيلة في حق من يثبت تقصيرهم في التصريح بموظفيهم على مستوى صناديق الحماية الاجتماعية، بعد إحصاء 4 آلاف عامل ينشطون على نحو غير مشروع سنويا. تستعد حكومة الوزير الأول "عبد المالك سلال" للتعاطي بحزم مع ظاهرة أبعادا مقلقة في السنوات الأخيرة، وعليه يقترح المشرّع تسليط عقوبات مالية بين مائة إلى مئتي ألف دينار على من يخرقون القانون، مع مدة حبس تتراوح بين الشهرين إلى ستة أشهر، ويقترح محرّرو المشروع في حال التمادي في الخروقات، غرامات مالية مضاعفة بين 200 إلى 500 ألف دينار، وتمديد الحبس إلى 24 شهرا وفقا ما تنصّ عليه المادة 54 من مسودة قانون المالية التكميلي. ويمنح القانون المرتقب تمريره – كالعادة – فترة إعفاء لأرباب العمل بحدود 60 يوما بعد سريان مفعوله، ويفرض عقوبات لا تقل ثقلا عمن يوظّفون قاصرين (غرامات بين 10 و20 ألف دينار) نصف العمال غير مؤمّنين!؟ خلافا لتأكيدات رسمية أنّ عدد الأجراء غير المؤمّنين في الجزائر، يبقى "ضئيلا" بمقابل خمسة ملايين أجير مصرّح بهم، فإنّ نتائج مسح ميداني حديث أشارت بوضوح إلى أنّ نصف العمال النشطين في الجزائر غير مؤمّنين، وقدّر الديوان نسبة المحرومين من الحماية الاجتماعية ب50.4 بالمئة من إجمالي العمال النشطين . واستنادا إلى تحقيق أعده الديوان الوطني للإحصائيات، ومس عيّنة مؤلفة من 15104 عائلة، أفيد أنّ 000 778 4 نشط من بين 000 472 9 عامل، لم يستفيدوا من الضمان الاجتماعي وهو ما يمثل شخص من بين اثنين، على حد ما ورد في التحقيق . وذكر المصدر ذاته أنّ نسبة الأشخاص النشطين في المناطق الريفية الغير مؤمّنين تشكّل 60.1 بالمئة، وهي أكثر مقارنة بنظرائهم العاملين في المناطق الحضرية (46.3 بالمئة). كما لفت الديوان إلى أنّ 69.1 بالمئة من الأجراء غير الدائمين و80.1 بالمئة من النشطين المستقلين لم يستفيدوا من التغطية الاجتماعية خلال الفترة نفسها، وفيما يتعلق بالقطاعات التي ينشط فيها غير المؤمنين، أشار التحقيق إلى وجود نسبة 89 بالمئة من النشطين في الزراعة و79.8 بالمئة في الانشاءات العامة . ويُظهر التحقيق أنّ 77.1 بالمئة من النشطين في القطاع الخاص، صرحوا أنهم غير مستفيدين من الضمان الإجتماعي بمعدل ثلاثة نشطين من بين أربعة. وذهب التحقيق إلى أنّ عدم استفادة العمال من التأمين مس مجموع النشاطات في القطاع الخاص، بواقع 91.5 بالمئة من النشطين في الزراعة، 85 بالمئة من النشطين في الانشاءات العامة، 72.7 بالمئة في التجارة، 65.3 بالمئة في الصناعة، و63.5 بالمئة من النشطين في قطاع الخدمات. والمثير أنّ نفقات الضمان الاجتماعي في مجال حوادث العمل والأمراض المهنية بلغت 13 مليار دينار، لكنّ ذلك لم يحل دون اكتشاف مفتشية العمل ل56.734 مخالفة تتعلق بعدم احترام قواعد الوقاية من الأخطار المهنية على مستوى المؤسسات.