الشاعر عمر يوسف سليمان واحد ممن عملوا على إطلاق الحراك السوري، منذ فيفري 2011، برفقة الشاعرين عمر إدلبي والشاعر محمد ديبو، إضافة إلى مشاركته في الاعتصام أمام وزارة الداخلية للمطالبة بإطلاق سراح السجناء السياسيين. ساهم مع أصدقائه في إطلاق تجمع نبض للشباب المدني السوري، فرّ من الجحيم السوري إلى المنفي الباريسي، آخر إصدارته "إنس دمشق". يعود في حواره مع "الشروق" إلى تجربة المنفى والاغتراب وأفق الحل السوري. أنت واحد من الذين شاركوا في الحراك السوري منذ انطلاقه، هل كنتم تتوقعون أن تصل سوريا يوما إلى ما هي عليه اليوم؟ على الإطلاق، عندما بدأنا المظاهرات كانت سلمية، قسم كبير من الشعب انصهر فيها، صحيح نحن ضد الإسلاميين، لكن بقاء بشار ليس حلا، فقد عشنا 40 عاما تحت ظل الديكتاتورية ونريد أن نعيش كبشر ببساطة، في بداية الإحداث لم يكن أحد يتصور أن تحدث كل تلك المجازر، كنا شبابا لا خبرة لنا بالسياسية، وكل ما أردناه هو أن نتنفس الحرية، بدأنا ثورة ديمقراطية وطالبنا بدولة حرة يعيش فيها السوريين على قدم المساواة، لم نحمل السلاح، لم نكن نريد إسقاط نظام بشار الأسد، كنا فقط نريد الحرية.
"انس دمشق" آخر كتبك، لماذا هذا العنوان القاسي، هل يمكن فعلا أن ننسى أوطاننا؟ هو فعلا عنوان قاس، لأن الوضع قاس، "انس دمشق" كتاب شهادة نقلت فيه المشاهد لن أنساها من الحرب الدائرة في سوريا، ما عشته هناك لا يمكن أن أنساه طوال حياتي، فبغض النظر عن كل شيء أشعر أننا جميعا مذنبون في حق سوريا. سوريا التي غادرتها إلى المنفى لم تعد موجودة، فحتى لو عدت يوما إلى هناك لن أجد أبدا وطني، فقد فقدته إلى الأبد، لأن الكثير من الأشياء تغيرت في نفسي وفي بلدي.
قلت أن سوريا اليوم لم تعد موجودة، على أي أساس بنيت هذا التوصيف؟ بنيت هذا التوصيف على أساس أن سوريا اليوم تتقاسمها مليشيات متناحرة وتحولت إلى ساحة لعب دول إقليمية تدير فيها لعبة مصالح، ودول كبرى تتدخل لضخ المال والسلاح وإدارة حرب طائفية.
برأيك ما هو أفق الحل للأزمة السورية اليوم؟ لا يوجد أي أفق لأي حل سياسي واجتماعي لدينا، يبدو هذا واضحا، بعد سنوات من الحرب لا يوجد أي حل غير تقسيم سوريا، في النهاية هو أيضا ليس حلا، لكنه ربما فقط هو إنهاء لموضوع القتل.
من سوريا إلى فرنسا، بعد ثلاث سنوات غربة، كيف تجد تجربتك الجديدة؟ أنا لاجئ ومنفي في الفرنسية ومنفي أيضا في اللغة العربية، هناك منفي في الزمان والمكان، لا انأ مواطن فرنسي أملك وثيقة الإقامة، ولا أنا سوري، لأن النظام لا يعترف بنا، فالمنفي عندي لا يرتبط لا باللغة ولا بالمكان، لكن بالتجربة الداخلية للإنسان، فكما قلت لك سوريا اليوم لم تعد موجودة وحتى وإن عدت إليها لن أجدها أبدا، أما بشأن تجربتي الجديدة في فرنسا فقد وجدت مجتمعا احتضنني وقانونا يضمن لي حقوقي وكرامتي رغم صعوبات المعيشة، لكن لم أعان الاضطهاد ولا التضييق الذي وجدته مثلا في بلدي، وأنا اليوم أخوض تجربة إبداعية جديدة في اللغة في الشكل والمضمون.