الكواكبي وموفق تفاهما حول الحل واختلفا حول كيفية تنفيذه إنهاء النزاع مرتبط بتفاهمات روسيا وأمريكا سبل الحل في سوريا ولقاء جنيف 2، ودور القوى الإقليمية والدولية والمسلحين الأجانب في النزاع السوري، كانت محور النقاش في فوروم "الخبر" الذي جمع كلا من الدكتور مصطفى موفق، رئيس اتحاد الوطنيين السوريين في أوروبا، والدكتور سلام الكواكبي، نائب رئيس مبادرة الإصلاح العربي وأستاذ العلوم السياسية، في إطار نشاطات مركز "الخبر" للدراسات الإستراتيجية. وإن أظهرت تدخلات منشطي الندوة اختلافا شاسعا في وجهات النظر حول طبيعة النزاع في سوريا بين الثورة والمؤامرة، ومن يتحمل مسؤولية تفجير الأزمة، وطرق الحل، لكن تطابقا كبيرا جاء بين الدكتور موفق والدكتور الكواكبي حول ضرورة وقف الحرب وضرورة التوصل إلى حل سياسي عبر المفاوضات. تمحورت ندوة “الخبر” حول الوضع في سوريا وآفاق الحل، والدور الذي تلعبه الدول الإقليمية كتركيا ودول الخليج على رأسها العربية السعودية، إلى جانب كل من إيران والعراق وحزب الله، والدور المفصلي للقوى الكبرى كروسياوالولاياتالمتحدةالأمريكية، في الأزمة السورية، والتعقيدات التي تشهدها، جعل الوصول إلى أرضية صلبة يرتكز عليها أي حل سياسي ينهي عمر النزاع أمرا شديد التعقيد، في نفس درجة تعقيدات المشهد السوري حاليا، وهو ما تجلى في مواقف ورؤية ضيفي فوروم “الخبر” خلال النقاش، في تناولهما مسببات انفجار الوضع في سوريا ومن يتحمل المسؤولية، وكيفية التوصل إلى الحل. واتفقا في نقاط تتعلق بضرورة الوصول إلى حل سياسي أصبح مرتبطا بتفاهمات الدول الكبرى روسيا وأمريكا. وقدم الدكتور موفق نفسه على أنه رئيس اتحاد الوطنيين السوريين في أوروبا، وأنه لا يدافع عن النظام بل يبحث عن تحديد المرض الذي تعاني منه سوريا، وقال إن “الذي حدث في سوريا هو تحويل حراك شعبي إلى عمل مسلح، ولا علاقة له بالثورة”، في حين يرى الدكتور سلام الكواكبي بأن هناك ثورة في سوريا “بدأت بحراك سياسي لمدة 7 أشهر، لكن قمع الجيش واعتداءه على المواطنين بالقتل والسجن، دفع إلى عسكرة الثورة”، وهي الثورة التي دخلت عليها، حسبه، عناصر متطرفة كان يدعمها النظام خلال السنوات الماضية لما كان يوفر لها التدريب ويسهل لها العبور إلى العراق بين 2003 و2008، وقال إن “نفس هذه الجماعات تريد سرقة الثورة في سوريا، كما أنها لا تستهدف عسكريا من قبل قوات الجيش السوري، مع أن مواقفها معروفة، بل يتم ضرب المدارس والمخابز وأماكن تجمع المواطنين”. كما ظهر الاختلاف جليا بين المتدخلين في من يشارك في مؤتمر جنيف 2 المزمع انعقاده في منتصف نوفمبر المقبل، وإن رأى الكواكبي بأن “هذا التاريخ مبالغ فيه ولا يمكن أن يكون اجتماع قبل ثلاثة أو أربعة أشهر بالنظر إلى اختلافات في مواقف الدول الكبرى حول طريقة الحل السياسي”، ويقول إن “من سيذهب إلى جنيف 2 ممثلا للنظام لا يملك سلطة القرار، وبالتالي لن يؤدي الاجتماع إلى نتيجة، ما يعني إطالة عمر النزاع”، مشيرا إلى ارتهان القرار السوري إلى روسيا وأن دمشق تطبق ما تمليه موسكو. في المقابل يرى مصطفى موفق أن من يجب أن يحضر مؤتمر جنيف النظام والمعارضة الوطنية التي ليست لها ارتباطات بالخارج، والتي شبهها “بالحركى” في الجزائر، وقال إنها “لا تمثل المعارضة الحقيقية للشعب السوري وهي ترتهن في قراراتها وتحركاتها وتمويلها لأمريكا وإسرائيل ودول الخليج”. لكن رغم كثرة الاختلافات وتباين وجهات النظر بين منشطي الندوة، إلا أنهما وصلا إلى موطن اتفاق جوهري يتعلق بضرورة الجلوس إلى طاولة المفاوضات، وبأن الحل لن يكون عبر فوهات البنادق، وضرورة وقف سيلان الدم السوري الذي لا تضعه الدول الغربية على رأس أجنداتها في سوريا، ما يجعل الحل في سوريا ظاهرا ومفصولا فيه، وهو حل سياسي عبر المفاوضات، لكن الطريق إليه يبقى شائكا وطويلا. رئيس اتحاد السوريين في أوروبا الدكتور مصطفى موفق ”الخليجيون رفضوا مقترحا بتنظيم ندوة حول سوريا في الجزائر” يرى الدكتور مصطفى موفق بأن ما تشهده سوريا ليس ثورة بل مؤامرة تم التخطيط لها من طرف الدوائر الغربية، وحوّلت من حراك شعبي إلى أعمال مسلحة بالمال الخليجي وقنوات فضائية ك “العربية” و«الجزيرة”. وكشف عن اقتراح عقد ندوة حول سوريا بهدف التوصل إلى حل في الجزائر بدل جنيف “لكن بعض دول الخليج العربي رفضت الفكرة”. وتساءل مصطفى موفق عن اختيار جنيف السويسرية لعقد الندوة حول سوريا، حيث قال: “أنا اقترحت الجزائر لكن دولا خليجية اعترضت على الفكرة”. وقال إنه “لا يوجد مخرج إلا بخروج المسلحين الأجانب من سوريا”، لأن سوريا “مرشحة لأن تقسم لأربع دويلات” لأنها تتشكل “من موزاييك كل الديانات، إضافة إلى الأكراد الذين يسعون إلى إنشاء دولة كردية”. ونفى المتحدث استعمال الكيماوي في ضرب المدنيين من طرف النظام، وقال إن “السلاح الكيماوي الذي استعمل في ضرب الغوطة مصدره العربية السعودية”، معتبرا أن الكيماوي “لم يعد سلاحا استراتيجيا”، ما يبرر، حسبه، تفكيكه على يد الخبراء الدوليين. وقال موفق إن “سوريا وجدت البديل”، واستشهد بالصاروخ الأمريكي الذي تم إطلاقه من السواحل الإسبانية في عز الحديث عن التدخل العسكري، لكن تم إسقاطه عند السواحل السورية بفضل المنظومة الجديدة التي امتلكتها سوريا بفضل روسيا. وعن المفاوضات، قال الدكتور موفق إنها “يجب أن تشمل كل السوريين، بمن فيهم أولائك الموجودون في الخارج”. لكنه رفض إشراك الذين حملوا السلاح لإسقاط النظام والمعارضين الذين يتبعون أجندات خارجية والذين شبههم ب “الحركى” الذين حملوا السلاح ضد شعبهم في حرب تحرير الجزائر. وتطرق موفق إلى تدخل بعض الأطراف الخارجية التي يعتبرها طرفا هاما في الأزمة السورية. وأحصى أطرافا كثيرة في ميدان القتال مثل تركيا ولبنان والأردن، بإرسال السلاح للمعارضة ومشاركة حزب الله وجيش المهدي العراقي في القتال، لكنه نفى وجود جنود إيرانيين في الميدان باستثناء “الخبراء”. وعن الأطراف الخارجية الغربية المؤثرة في الصراع، قال إن “بين روسيا وسوريا معاهدات تسمح بتدخل الروس” ولم تأت، حسب قوله، “إلا ردا على المواقف الغربية استجابة للطلبات المعارضة في الخارج”. واعتبر موفق أن النظام السوري “سقط منذ الإعلان عن شطب المادة 8 من الدستور التي تخص أحادية حزب البعث”. ووجه التهم إلى المملكة السعودية وقطر في تأجيج الصراع في سوريا، معرجا على الدور الذي تقوم به كل من قناتي “الجزيرة” والعربية”، “في نشر الأكاذيب”، كما قال، واتهم رئيس المخابرات السعودية بندر بن سلطان شخصيا بتأجيج الصراع في سوريا. وأحصى المتحدث 120 ألف مقاتل أجنبي في سوريا، إضافة إلى 150 ألف من الجيش الحر. غير أن منتقده سلام الكواكبي اعتبر الأرقام خيالية تتجاوز أعداد الجيش النظامي ذاته. ودعا مصطفى موفق إلى تنظيم انتخابات شفافة تحت إشراف مراقبين دوليين، يفضل أن يكونوا عربا. ورد عليه الكواكبي بقوله ساخرا أن “الفكرة جميلة خاصة أن المراقبين العرب أشرفوا على انتخابات في دول عربية أخرى كانت النتيجة فيها ب98 بالمائة لصالح الأنظمة”. نائب رئيس مبادرة الإصلاح العربي الدكتور سلام الكواكبي ”الثورة السورية ليست مؤامرة لكنها انتفاضة شعب” اعتبر الدكتور سلام الكواكبي، نائب رئيس مبادرة الإصلاح العربي، أن القول إن ما يحدث في سوريا “مؤامرة” راجع لأن “ثقافة المؤامرة منتشرة” في الوطن العربي، دون أن ينفي بأن “الدول الكبرى تتصارع على الدول الضعيفة، لذلك الاختراق يكون سهلا بالنسبة للدول التي تنعدم فيها الثقة بين الحاكم والمحكوم”. وأشار الدكتور سلام، حفيد عبد الرحمان الكواكبي، صاحب كتاب “طبائع الاستبداد”، إلى أن الحراك نحو الديمقراطية بدأ في عام 2000 فيما يسمى بربيع دمشق، وعندما بدأت الحوارات تم قمع هذا الموضوع، ثم وقع إعلان دمشق في 2005 وتم قمعه هو الآخر، رغم أن الموقعين على الإعلان لم يطالبوا بإسقاط النظام، ولكنهم وضعوا كلهم في السجن، مؤكدا بأن هذا يؤكد أن الثورة السلمية التي استمرت سلمية طيلة سبعة أشهر لم تكن مؤامرة ولدت في غرف مغلقة. وقال سلام الكواكبي إن الثورة السورية دخلت عليها عناصر متطرفة، وأضاف: “هناك حركات عنيفة تريد سرقة الثورة”، مشيرا إلى أنه “يعرف من كان يدخل المتطرفين إلى العراق ما بين 2003 و2008 وبعلم السلطات السورية، التي سجنتهم عند عودتهم من العراق إلى سوريا، قبل أن تطلق سراحهم عند اندلاع الثورة السورية، معتقدا أن النظام السوري تمكن من أخذ الكرة إلى ملعبه، وأصبح يخير الناس بينه وبين القاعدة. وتأسف الكواكبي لكون المعارضة غير قادرة على تقديم ضمانات حول عدم سقوط سوريا في يد الجماعات المتطرفة أو تقسيمها إلى عدة دويلات في حال سقوط الأسد، مرجعا ذلك إلى ضعف الدعم الدولي للمعارضة السورية. وعبر الكواكبي عن قناعته بالحل السياسي وأنه لن ينتصر أحد على أحد، وقال: “هذه المفاوضات يجب أن تفضي إلى انتقال السلطة على مراحل، والتوافق الوطني يحتاج إلى ضغط دولي”، مشيرا إلى أن قوى أجنبية لها مقاتلين في سوريا على غرار إيران وحزب الله وجيش المهدي العراقي. وأشار ضيف “الخبر” أنه بسبب الحرب “صار هناك حقد بين الريف والمدينة”، داعيا إلى تحديد كل الجرائم وكل المسؤولين عنها، وقال: “العدالة الانتقالية تحمي سوريا من العدالة الانتقامية”، لافتا النظر إلى أن هناك 214 ألف معتقل سياسي وكل قيادات الأحزاب موجودون حاليا في السجون وفيهم من قتل أو همش أو متواجد في الخارج. وبالنسبة للضربة العسكرية التي لوحت الولاياتالمتحدةالأمريكية بتنفيذها ضد النظام السوري بسبب اتهامه باستخدام الأسلحة الكيماوية، قال سلام الكواكبي إن “المراقب الدولي يعرف بأن الحرب لم تكن لتقع”، موضحا أن “فرنسا هي الدولة الوحيدة التي كانت مستعدة للقيام بعمليات عسكرية محدودة ضد سوريا”. وفي هذا السياق اعتبر سلام أن السيادة بالنسبة للسوريين اليوم هي “سيادة الحياة”، مشددا على أن الشعب السوري يريد “التخلص من هذه المقتلة”، منتقدا “تخلي النظام السوري عن السلاح الكيماوي خلال ساعات بضغط من الروس”، وهو السلاح الذي بناه بأموال السوريين. وشدد الكواكبي على أن الأسلحة الكيماوية السورية بالنسبة للغرب مرتبطة بأمن إسرائيل وليست مرتبطة بحياة السوريين، لذلك سيكتفون بتدمير السلاح الكيماوي وسيجعلهم ذلك يتراجعون عن ضرب النظام السوري. وبالنسبة لإمكانية الاحتكام إلى انتخابات جادة تحت ضمانات دولية، قال سلام: “إن الانتخابات في الوضع الحالي “سريالية”، لأن هناك مناطق خاضعة للنظام وأخرى للمعارضة”، معتبرا أن “الانتخابات بالنسبة للنظام هي في المناطق التي تقع تحت سيطرته وحينها لن يفوز ب 99,99 بل ب101 بالمائة”. وأضاف: “من المستحيل الدعوة إلى انتخابات قبل المفاوضات”، مشيرا إلى أن “التسرع في الانتخابات سيؤدي إلى ما وقع في مصر وبدرجة أقل في تونس”، متصورا أنه بالإمكان “التوافق على شخصيات وطنية” لقيادة المرحلة الانتقالية بعد سقوط أو تنحي بشار الأسد، على حد قوله. قال ضيفا ”الخبر” المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي د. مصطفى موفق: الإبراهيمي كان ممثلا للجامعة العربية ونحن نعرف قدراته. وقُبل على أساس أنه ممثل الأممالمتحدة، حتى الآن هو مقبول لكن دوره معطل. د. سلام الكواكبي: دبلوماسي عريق وهو مبعوث مشترك للجامعة العربية والأممالمتحدة، وهذا دور الوسيط ولا يمكنه اتخاذ موقف سياسي. الجامعة العربية د. مصطفى موفق: خلقت بأمر من بريطانيا وسيطر عليها المال العربي... وزير خارجية قطر هو الذي كان صاحب القرار فيها، وفي إخراج سوريا منها مثلا... نحن نسميها الجامعة العبرية. د. سلام الكواكبي: لم تقم بأي دور فعال لا اليوم ولا قبل اليوم. الموقف الجزائري من سوريا د. مصطفى موفق: موقف الجزائر حذر... يسعى إلى درء المخاطر ويعارض التدخل... ومواقف الجزائر معروفة منذ عهد الأمير عبد القادر الذي اختار المنفى في الشام. د. سلام الكواكبي: الموقف الجزائري حذر جدا لأن هناك شعورا طاغيا فيها كشعب وكدولة بأن هناك مؤامرة، وهذا نتيجة لتعرض الجزائر للعديد من المؤامرات خاصة في فترة التسعينات، وتم إسقاط هذه التجربة على الوضع في سوريا، والجزائر لا يناسبها استمرار المقتلة السورية ولكنها ليست بوادر التدخل وتحديد من هو على حق ومن هو على باطل، وهنا ندخل في حلقة مفرغة، لكن الدور الإيجابي للجزائر هو استقبال اللاجئين السوريين وتقديم المساعدة لهم.