خسارة روسيا لملايير الدولارات في العراق وليبيا جعلها تستخدم ''الفيتو'' لحماية الأسد انتقد الإعلامي السوري، أكرم خزام، الدور الذي تلعبه قطر حيال الأزمة السورية، وتمويلها المتواصل للمعارضة، مؤكدا بأنه غير مقتنع أن قطر الدولة التي ليس لها برلمان حامية للديمقراطية، لافتا إلى أنه لا حلّ للأزمة السورية إلا بتوافق أمريكي روسي. واعتبر تدخل حزب اللّه اللبناني ومساندته لنظام الأسد خطيئة شنيعة، ساهمت في تأجيج الصراع الطائفي بين السنة والشيعة. ما تعليقك على مجريات الثورة، بعد مرور سنتين على الأزمة السورية؟ هذا الحراك، ولا أسمّيه ثورة، جاء نتيجة لشعور الناس الذين تحمّلوا هؤلاء الحكام الذين بقوا في السلطة لمدة أربعين وخمسين سنة. وعندما شعر الناس أنهم الحكام يريدون أن يورّثوا السلطة لأبنائهم وزوجاتهم فقدوا القدرة على التحمّل، وأصبح لديهم شعور بأنهم سيعيشون، مرة أخرى، تحت هذه الأنظمة لسنوات أخرى. أنا لست مع نظرية المؤامرة التي نخترعها حتى نحافظ على موقعنا في السلطة، الحدث الكبير الذي حدث في تونس ومصر في فترة قصيرة جدا، ساعد في تحرّك الناس، واستطاع ضغط هذا الحراك في الشارع أن يفرض على المؤسسة العسكرية التدخل لصالح هذا الحراك. في تونس ومصر، تحديدا، لم يأت عزل أو تنحي مبارك أو زين العابدين بن علي بفعل قوة أجنبية كما جرى في ليبيا، وإنما المؤسسة العسكرية استجابت لإرادة الشعب، بعدما شعرت بخطورة استمرار هذا الحراك الذي كان يمكن أن يؤدي إلى حرب أهلية. والوضع في سوريا طبعا يختلف، ثمة حراك قوي خاصة في الثمانية أشهر الأولى. العالم كله كان يعرف أن هناك تحركا سلميا بحت وظاهرة تدعو للتغيير في النظام. عندما شعر هذا الحراك أن السلطة لا تستخدم سوى الحراك الأمني، هنا بدأت عملية التسلح كما هو معروف. ويقال إنه جاء من قطر والسعودية بتمرير تركي، وعبر الحدود مع العراق، وبالتالي تحوّل هذا الحراك إلى مسألة أخرى تماما، وركب على موجة هذا الحراك مجموعات مسلحة، منهم من خرج من السجون وكذا بعض العصابات والعشائر، وهنا اختلط الحابل بالنابل، وأصبح النظام، بعدما دخلت جبهة ''النصرة'' وجهات جهادية أخرى، يتحجّج بمعركة تصفية الإرهاب، من أجل تثبيت أقدامه في السلطة ومنع التغيير السياسي، الذي لابد منه في سوريا الآن، بعد خمسين سنة من المعاناة والركود. وفي كثير من الأحيان تعاني من التراجع في الثقافة والعلم والصحة والبطالة، حيث سجلت رقما مخيفا قبل بداية الحراك الاجتماعي وصل إلى 43 بالمائة، وأنا هنا لا أتحدث عمن يعمل في لبنان، الذين وصل عددهم إلى المليون، حتى يؤمّنوا البصل والخبز لعائلاتهم، وبالتالي حصل موضوع التغيير السياسي. وما هو الحل في نظرك لوقف آلة الحرب؟ كما قلت لك، المؤسسة العسكرية في مصر وتونس انحازت للشعب وهذا لم يحدث في سوريا، لكن هذا لا يعني أن المؤسسة العسكرية، في مجملها، مع الحل الأمني. لكن بالفعل المفاصل الأساسية لهذه المؤسسة تابعة للأسد، ولمصالح هذه السلطة التي لا تريد أن تفرّط في السلطة وتعزف على وتر ممارسات النصرة. صحيح أن هناك ممارسات شنيعة، ولا يجب أن نبرر ونقول إن هذه مرحلة وقتية وبعدها نتفرّغ لتنظيف سوريا من هذه الحركات. لكن الأزمة السورية لا تتمثل في ممارسات ''النصرة''، وإنما في ممارسات النظام القمعية في حق الناس والمدن، دون أن أشير إلى الأرقام، وقد تكون مبالغا فيها أو حقيقية، لأنه من الصعب الحكم في ظل سيطرة القوى الأمنية على مفاصل الإعلام التي تمنع إعطاء توصيف دقيق لما يجري. قابلوا، أيضا، سيطرة إعلامية من قِبل القوى الجهادية، فأنتِ كصحفية إذا دخلت إلى سوريا بمساعدة النظام أو الحركات الجهادية إذا قلت أي حرف مخالف لما يريدون يتم تصفيتك. فنحن في مأزق خطير وحالة استبدادية ممثلة في الحل الأمني، ونواجه حالة تطرّف، سمّيها كما تشائين، تضرب الأصنام تغتال بعض الشخصيات التي ترى أنها كانت مساندة للنظام وغيره، فهذا هو بإيجاز توصيف ما يحدث في سوريا. لكن الأسد يقول إنه بصدد الدفاع عن سوريا ويحارب الحركات الجهادية التي تقتل وتثير الفتنة، ما قولك؟ صحيح أوافقك الرأي، لكن، في المقابل، أريد أن أسأل الأسد هل ممارسات القوى الأمنية التابعة له التي تعتقل الناس في المقاهي وتقصف المدن ألا تقتل. هنا الكلّ يخضع لمبدأ العنف والعنف المضاد. والجهاديون يقولون إنهم يريدون إقامة دولة الخلافة الإسلامية، لأن هذا النظام لم يستطع حلّ مشاكل موجودة في سوريا، نحن فعلا وصلنا إلى المأزق التام. تقصد أن الأسد يدّعي ذلك لتبرير مواقفه القمعية تجاه شعبه؟ أنا من أنصار هذا الرأي، وليس بشار الأسد لوحده من يقول ذلك، وإنما كل الأنظمة العربية. لكن هذا لا يعني التقليل من خطر وممارسات هذه الجماعات الإسلامية. وما تفسيرك للتوجه نحو الحل الأمني؟ هناك لجوء لذلك بالفعل. الحل الأمني لم ينقطع وقد ينجح بشار الأسد بإبعادهم عن محيط دمشق وحلب، لكن عنصر المواجهة لن يتوقف على اعتبار عدد ضحايا القتل، وعلى اعتبار أن هناك معركة حادة وشرسة. وبالضرورة هذا ليس حلا للأزمة في سوريا، وقد يضطرون للجلوس على طاولة المفاوضات. ولدينا تجربة الشيشان التي بدأت سنة 1994، وفي 2005 جلست المعارضة والنظام على طاولة الحوار. لكن المعارضة ترفض ذلك.. سمّيها ما شئتي: المعارضة السياسية أو المجموعات العسكرية أو المسلحة أو الجهاديين. هم في الأخير مضطرون للبحث عن مناخ ونافذة صغيرة حتى لا تفرط منهم البلد، لأن هناك خطورة حقيقية والأخضر الإبراهيمي يقول لا حلّ، ويبقى بصيص الأمل في الشارع، ويمكن في أي لحظة أن تحلّ الأزمة. وتجربة اليمن حاضرة، عندما طلبت السعودية من علي صالح ترك منصبه ترك، لكن هناك تناقض عجيب، فقد تحلّ الأزمة غدا، وقد تبقى لسنوات أخرى إلى أن تتفتت سوريا بالكامل، وهذا ما أخشاه. وكيف ترى موقف معارضة الداخل والخارج؟ المعارضة السورية للأسف الشديد السلطة وضعتها بالمهجر، وهي بالتالي تابعة لهذه الدول، ولم يجر حتى اليوم تبلور لها، وأنا برأيي، في ظل الظروف الراهنة، لا يمكن أن نقول إن هناك معارضة مستقلة، فمثلا لو تحدثنا عن قطر التي تموّل الإخوان المسلمين، فهي تفرض عليهم قرارها السياسي، فهم ليسوا مستقلين. وعندما يتوجه الليبراليون صوب فرنسا أو إنجلترا، فإن هاتين الدولتين لديهما شروطهما السياسية. حتى النظام يشبه المعارضة في ذلك، فهو مرهون أمام القرارين الإيراني والروسي. مشكلة سوريا أن موقعها الجغرافي يجعل اللاعبين الإقليميين والدوليين كثرا، وبالتالي هذا عنصر زاد في تعقيد الأوضاع وعناصر الأزمة. عندك لاعبين كبار ماسكين بمفاتيح الحل السياسي، مثل أمريكا التي بإمكانها التأثير على قطر وتركيا، وكذا روسيا على إيران وحزب اللّه من أجل إيجاد مفتاح للحل السياسي. وهذا ما تم الإشارة إليه في مؤتمر جنيف، لكن النقطة الخلافية الأساسية متى يخرج بشار الأسد، ثمّة من يقول إنه سيكون في بداية الجلوس إلى طاولة المفاوضات، وآخرون يرون العكس، على أساس أنه يقود عملية البحث عن مخرج للأزمة. نحن منذ ستة أشهر أو أكثر نراوح المكان حول هذه النقاط، ولا جديد في مسار الثورة السورية التي تحوّلت إلى أزمة لاجئين، وقد نجح النظام في ذلك. وللأسف الشديد هذه القوى تستخدم السلاح عندما تشعر أن الحل السياسي سوف يفقدها مواقعها، لكن أرى أن الأزمة في سوريا، في الأصل، داخلية، وموقعها السياسي الجغرافي أدخل كل هذه القوى. وأصل المشكلة داخلية لأن النظام ظل في الحكم، لمدة خمسين سنة، لا يقدّم الحدود الطبيعية لتطور بلده في جميع المجالات. ما هي قراءتك لإعطاء مقعد سوريا في الجامعة العربية للمعارضة، ودور قطر في هذه القضية؟ هذه ظاهرة مقيتة في الحقيقة، قضية تغيير الأعلام والنشيد ومقعد الجامعة، حسنا تم أخذ القرار بمقاطعة سوريا، وقد حصل ذلك من قبل في تاريخ الجامعة مع العراق، لكن السؤال هنا: هل ترضى الجامعة العربية بدخول المعارضة البحرينية أو السعودية؟ وبالنسبة للموقف القطري، هناك أسئلة كثيرة لذلك، فيها نوع من الانتقام الشخصي، وأعتبره موقفا سلبيا. وعندي نقاط استفهام كبيرة، فبعد أشهر سنين العسل الطويل بعد البلدين، أرشح أن السبب في ذلك عدم موافقة الأسد على المشروع القطري بمدّ أنابيب النفط من الدوحة والسعودية والأردن وصولا إلى سوريا، ومنها إلى أوروبا. لكن هل هذا كاف لإشعال هذا الصراع المفتعل؟ هناك شيء آخر خفي، أنا غير مقتنع أن قطر دولة حامية للديمقراطية، هذه كذبة كبيرة، بلد ليس به برلمان ويمنع عليك كصحفي عمل لقاءات مع المواطنين في الشارع، كيف يكون راع للديمقراطية. وما تعليقك على حكومة هيتو ومهمة الإبراهيمي؟ هذا كلّه لعب في الوقت الضائع، لأنه لا يوجد حلّ إلى أن يقرر اللاعبون الرئيسيون ذلك، ويجلس أوباما وبوتين لمسك طرف خيط اللعبة. ولا الإبراهيمي ولا غيره يستطيع إيجاد حل للأزمة السورية. حتى عدد الدول المانحة تناقص. وكيف ترى الموقف الروسي الصيني وحزب الله من الأزمة؟ الجغرافيا السياسية تعني أن روسيا ليس لها علاقات عسكرية واقتصادية قوية مع سوريا، لكن خسارتها لعقود بمليارات الدولارات مع إيران وليبيا، جعل النظام الروسي يستخدم الفيتو لعل وعسى يعوض ما خسره. والصين وإيران وأمريكا كذلك. هذه العقدة الجغرافية السياسية نبّهت الكثير من الدول الإقليمية والدولية على ما ستحصل؟ ليس في سوريا فقط، وإنما على صعيد النفوذ الاقتصادي والسياسي في منطقة الشرق الأوسط. وبرأيي فإن حزب اللّه ارتكب خطيئة شنيعة، لأنه يساعد في تفعيل الحرب الطائفية بين الشيعة والسنة، عن وعي أو عن غير وعي، وساهم في تأجيج هذا المناخ، فشريعة الطائفة مثل شريعة الغاب وهنا الخطورة. .