لم يخف سكان باتنة استياءهم من الممارسات التي باتت تخيم على الأعراس الأوراسية، وهذا بسبب التهور في تسيير مواكب السيارات ما يتسبب في تزاحم السيارات والسرعة المفرطة التي كثيرا ما تخلف حوادث مميتة، ناهيك عن الانتشار الواسع والعشوائي لظاهرة البارود التي كثيرا ما تحول الأفراح إلى أقراح. وذهب الكثير ممن تحدثنا إليهم بأن الأعراس الأوراسية فقدت الكثير خصوصياتها، بعدما استحوذ الشبان والمراهقون على تسيير أمورها، خاصة أثناء نقل العروس إلى بيت زوجها، وهو ما يتسبب في تزاحم السيارات بطريقة فوضوية، ناهيك عن السرعة المفرطة التي كثيرا ما تنجم عنها عواقب وخيمة بسبب غياب الرزانة والعقلانية، وهو ما جعل البعض يتساءل هل هذه الطقوس المستحدثة هي مظهر من مظاهر الفرح أم أنها ضرب من الجنون، ووصل آخرون إلى قناعة بأن الأعراس الجزائرية بشكل عام تجاوزت الخطوط الحمراء، بسبب الممارسات السلبية القائمة، واللجوء إلى البذخ والتبذير، وطالبوا بوضع حد لهذا التهور والجنون الذي لا يعبر إلا عن الفوضى والإزعاج، لتطغى عليها ظاهرة البارود بزخم متزايد، وكأن شوارعنا حسب محدثينا قد تحولت إلى ميدان لمعركة حامية الوطيس، فلا النائم يستريح ولا المريض يجد راحته، ولا الصغار يكفون عن الصراخ خوفا وهلعا، وما يؤسف له حسب البعض هو أن الكثير من الناس يتفاخرون بكم أنفقوا من ملايين في البارود وكم ذبح من العجول والخرفان. وفسر بعض المتتبعين أن ما يحدث هو من عوامل كثرة نسبة الطلاق في المحاكم التي بلغت حدا لا يطاق، لأن بركة الزواج في نظرهم قد محقت بفعل الرياء والتبذير، فعلاوة على غلاء المهور وعدم العمل بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "أيسرهن مهرا أكثرهن بركة"، فإن قيمة قرطاس واحد من البارود تقدر قيمته 250 دج، أي في ثانيتين تذهب 500 دج في مهب الريح، في وقت تعرف ظاهرة البارود انتشارا كبيرا في الأفراح والأعراس، ناهيك عن الأخطار الكثيرة والحوادث المميتة التي تخلفها بسبب الاستعمال العشوائي وغير العقلاني، والإشكال الأكبر أنه بعد مرور العرس تأتي قوائم الديون والمطالب تباعا وتنكشف بعد أيام نتائج ممارسات البذخ والاستعراض. ولم تتوان العديد من الأطراف في توجيه نداء للائمة في المساجد من أجل توعية الناس بأخطار مثل هذه الظواهر اقتصاديا واجتماعيا وشرعا، حتى يبينوا للناس خطورتها وانعكاساتها السلبية على المجتمع، كما دعوا المسؤولين والسلطات الأمنية إلى اتخاذ موقف حازم للتخفيف من مظاهر الإزعاج، والحرص على أمن وسلامة المواطن، فيما دعا آخرون إلى ضرورة مراجعة كل فرد لنفسه ومساءلة ضميره حيال هذا التبذير غير المبرر، أملا في العمل على استعادة معنى الفرحة الحقيقية التي كانت تطبع أعراسنا في أيام الزمن الجميل.