كثيراً ما تحولت الأفراح إلى أقراح، والتهاني إلى تعازٍ... والسبب استهتار شاب أراد التعبير عن فرحة بطريقة غير مشروعة ولا مستساغة. ذلك هو الوضع في الأعراس التي تشهد إطلاق الرصاص من الأسلحة ابتهاجاً بالعرس، فتتحول معها المظاهر في بعض الأحيان، من فرح وتهان إلى حزن وعزاء، كان آخرها ما شهدته الكثير من الأعراس خاصة في الولايات الشرقية، منذ مدة ليست بعيدة، هذا المظهر غير الحضاري ولا المقبول، أصبح يحول الأعراس إلى عزاء والأفراح إلى أتراح. ومن هذا المنطلق ارتأت "الحياة العربية" بعد الحوادث التي شهدتها الكثير من الأعراس، أن تستطلع آراء المواطنين في هذه القضية، فتفاوتت الآراء مع التأكيد على إيجاد خطة توقف هذه الظاهرة العشوائية التي تخطف أرواح الأبرياء، مع أن بعض المواطنين يرون فيها تقييداً لحرية المواطن والتعبير عن فرحته مادامت هذه الظاهرة من عادات وتقاليد بعض العائلات. وجوب إيجاد حلول للحد من الظاهرة بداية قال منير، على السلطات وضع دورية شرطة بالقرب من كل قاعة يقام بها عرس، وهي الفكرة الأنجع، لأنها ستعمل على منع إطلاق النار العشوائي الذي كثيراً ما ذهبت فيه أرواح الأبرياء نتيجة لهذا الاستهتار الذي يجب إيقافه نهائيا ومعقبة كل من يقوم بإطلاق النار في الحفلات التي تحولها الطلاقات إلى أحزان وأقراح. ومن جهته قال حسين في هذا الشأن، مشكلة انتشار الأسلحة غير القانونية في بعض المناطق هو سبب هذه الظاهرة، وأكد المتحدث أنه يتطلب من السلطات المعنية القيام بحملة تفتيش شاملة على جميع المنازل والمزارع، وأن تعمل على الحد من انتشار هذه الأسلحة بين المواطنين، بالإضافة إلى ضرورة إحكام القبضة على المنافذ الحدودية حتى لا تبقى طريقاً سهلاً أمام مهربي الأسلحة. أما جمال فكان له نفس الرأي حيث أكد أن هذا الإجراء الذي سيؤدي حتماً إلى القضاء على هذه الظاهرة التي انتشرت أخيرا بين المواطنين بالرغم ما بها من مساوئ كثيرة خطفت معها أرواح الأبرياء، وأضاف قائلا، أن انتشار هذا الظاهرة في الأعراس، التي يقيمها الناس بمختلف فئاتهم، أصبحت تشكل خطرا على حياتهم والحد من انتشار الأسلحة، سيقلل حتما من حوادث القتل الخطأ الذي عادة ما تحدث بسبب إطلاق النار العشوائي. هذا وأوضح إبراهيم، أن هذه الظاهرة مستمرة منذ وقت طويل ولم تتوقف رغم النداءات المتعددة، مشيراً إلى أن وجود دورية بالقرب من الأعراس بات أمراً ضرورياً على اعتبار أن الرقابة الذاتية لدى الكثيرين أصبحت منعدمة وهؤلاء لا يوقفهم إلا وجود رقابة من قبل السلطات، داعياً إلى اتخاذ أقسى العقوبات بحق أولئك الذين لا يحترمون القانون ولا يضعون أي اعتبار لأرواح الكثير من الأطفال أو الشباب التي تصيبها الأعيرة النارية، وكما يُقال "من أمِن العقوبة أساء الأدب". ومن جانبه، قال خالد أن فكرة وضع دورية عند كل عرس يقام قد لا تكون مستساغة، لأن وزارة الداخلية مطالبة بتوفير أعداد كبيرة من رجال الشرطة أمام كل الأعراس التي تقام في كل ليلة ما قد لا تتاح أمامه فرصة توفير هذه الأعداد من الدوريات ورجال الشرطة في كل ليلة وهو ما يقودنا إلى ضرورة جمع السلاح المنتشر. وتابع، ان فكرة جمع السلاح أفضل بكثير من فكرة مراقبة الناس لأن هذا الأسلوب به تقييد لحرية الآخرين. وأوضح أن المشكلة التي عادة ما تؤدي إلى إزهاق أرواح الأبرياء تكمن في وقوع الأسلحة في أيدي المراهقين، مما يفقدهم القدرة على التحكم بهذا السلاح، ومن ثم تنجم العواقب الوخيمة. وأشار إلى أن هناك من يستخدم السلاح وبشكل عشوائي في الأعراس مما يؤدي إلى فقد كثير من الناس إلى أرواحهم دون سبب فقط لان هناك من لا يحسن استخدام السلاح. اعتقاد خاطئ ويعتقد مطلقو الرصاص في الهواء أن قيامهم بهذه الأعمال يُدخل البهجة والسرور إلى نفوسهم ونفوس أهل العرس، حيث اعتادوا على القيام بهذه الأعمال التي اعتبروها تراثاً من تراثنا الشعبي، حيث يجد مطلقي النار سعادة في إطلاق النار في الفرح، وفي هذا الشأن قال أحد المواطنين الذين يهوون إطلاق النار في الأعراس، انه يجد متعة وفرجة في هذا الأمر، وهو الذي يزيد في بهجة العرس ويعبر عن الفرحة بطريقة خاصة وفريدة، وأضاف قائلا، رغم أن ذلك يكلف الكثير من النقود كثمن للرصاص الذي يطلق، لكن هو نوع خاص من الهدية للعريس. وبسؤاله حول ما قد ينجم عن ذلك من آثار قد لا تحمد عقباها قال مطلق النار الذي رفض الكشف عن اسمه أنه واثق من قدراته على إطلاق الرصاص دون أن يتسبب في إصابة أي أحد، وأنه يصوب سلاحه باتجاه السماء والمناطق المكشوفة، بمعنى أنه يأخذ احتياطاته الجيدة قبل إطلاق النار. أرقام وحقائق غالبا ما تحول الطلقات النارية الأعراس إلى مأتم وأحزان بسبب عدم مبالاة المطلق بأرواح الناس وعم إحساسه بالمسؤولية، ومن بين الحوادث التي مازال يتذكرها سكان عاصمة ولاية تبسة، ما حدث للطفل وائل، 13 سنة، عندما تلقى طلقة بارود على مستوى الوجه أثناء إنزال العروس وكانت الإصابة خطيرة مست الوجه والعينين. وأدخلت طلقة بندقية ببرج بوعريريج، 8 أشخاص المستشفى وغادروا جميعا ما عدا المغني وصبي، كانت إصابتهم خطيرة ، كما تسبب إطلاق نار من طرف دركي بإحدى قاعات الأفراح ببلدية بلخير، سببا في إصابته على مستوى الرجل، فيما انتهى حادث مماثل بوفاة طفل، 07 سنوات، من طلقة نارية بحي عين الدفلى بمدينة ڤالمة، حين أصابه أحد الرماة بطلقة نارية، هذا وتعدت الظاهرة أماكن الأفراح، حيث بات بعض المفاخرين بالرمي لا يترددون في إطلاق النار من بنادقهم وهم في مواكب الأفراح. ظاهرة إطلاق النار في الأفراح تهدد سلامة الناس إن ظاهرة إطلاق النار في الأفراح أصبحت منتشرة بكثرة ومخيفة، وتزداد من أسبوع لآخر، وهذه الظاهرة الخطيرة قد يتحوّل بسببها الفرح إلى حزن، وقد يؤدي ذلك إلى قتل أرواح بريئة أو جرحهم ويسبب لهم عاهات جسدية لمدى الحياة. وتعتبر ظاهرة إطلاق الرصاص في الأعراس إحدى الظواهر الخطيرة التي يعاني منها المجتمع الجزائري، حيث خلقت هذه الظاهرة مشاكل عديدة وكثيرة بين العائلات، وراح ضحيتها أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم جاءوا للمشاركة في الفرح وتقديم واجب اجتماعي أو جلسوا في شرفات بيوتهم. وأحدثت هذه الظاهرة حالات من الفزع والخوف والإزعاج لدى الأطفال، ومصدر إزعاج للمرضى، إن هؤلاء الذين يطلقون الرصاص في الهواء ويمطرون السماء بوابل من الرصاص أثناء الحفلات وهم في حالة من الارتخاء وأحيانا في حالة من السكر، يعتقدون بأنهم عندما يقومون بهذه الأعمال البربرية يدخلون البهجة والفرحة والسرور إلى نفوسهم ونفوس أهل العريس أو يقومون بمجاملة لأصحاب العرس، أو أنهم بهذا الفعل قد أثبتوا رجولتهم ، وهم يعبّرون عن فرحتهم بصورة مخالفة للناس. ويتفق الكثير على أن ظاهرة إطلاق النار في الأعراس تعتبر وباء وآفة خطيرة لا يمكن السكوت عليها، فالرصاص المتطاير قد يخترق أجساد الأطفال والكبار دون استئذان ويحولهم إلى جثث هامدة أو أجساد مشلولة لا تتحرك من أجل إرضاء غرور بعض المستهترين والمتهورين. وعقاب هؤلاء يجب أن يكون قاسيا وحازما ورادعا للآخرين، فنقول لهؤلاء أين ضميركم؟ أين ضميرك أيها الشاب؟ أين ضميرك وأنت تصوّب رصاص بندقيتك في الهواء دون خوف أو وجل أو محاسبة الضمير وكأنك لست مخالفا للقوانين والعادات وشرع الله. لا بد من التحرك وعلينا جميعا ملقاة مسؤولية، فلا عذر لأحد منا في الوقوف جانبا حيال هذه الظاهرة الخطيرة وعلينا حماية مجتمعنا والحرص عليه من هذه الظواهر السلبية. إن العديد من العقلاء طالبوا الجهات الأمنية بحل هذه المشكلة ووضع حدٍ لها، وطالبوا أيضا الأذرع الأمنية بتطبيق العقوبة بحق هؤلاء بشكل حازم ولكل من يستخدم السلاح في الأعراس ومصادرته حفاظا على الأرواح البريئة، أو إنهاء فوضى امتلاك السلاح غير المرخص. نقول لهؤلاء، كفاكم استهتارا بأرواح الناس، وإلى متى هذا التخلف، نحن نطالب بالتوقّف عن هذه الظاهرة السلبية حفاظا على أرواح الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، وإنهاء هذه الظاهرة الوقحة التي يرفضها مجتمعا وتشكل خرقا واضحا وصارخا للقانون والعادات والتقاليد، وخطرا يهدد حياة المواطنين الأبرياء. ونستلخص من هذا الموضوع، أنه يمكن القضاء على هذه الظاهرة السلبية في حياتنا من خلال نشر التوعية بين الناس، والمقصود بهذا هو الإعلام بالدرجة الأولى طبعا، بالإضافة إلى إظهار مخاطرها على المجتمع من جوانب عدة لعلّ المجتمع يتعظ، كما أن للمثقفين دوراً كبيراً في نقل الفكر النيّر للعامة، وتوضيح المخاطر التي تنتج عن هذه الآفة.