هل أصبح قدر الجزائري أن يعيش بين الماء والنار تحرقه تكاليفهما ويحرقه غيابهما رغم أننا بلد الطاقة الأول في العالم وربما أيضا بلد الماء الباطني الذي لاينضب؟.. * ما حدث في رمضان هذا العام من انقطاعات شملت كل أنحاء البلاد في التيار الكهربائي، أكد أن أزمتنا لم تكن أبدا في الموارد المالية، وإلا كيف يفسر هذه الأزمة الجديدة التي صارت تشغل الناس وتستفزهم وتثيرهم، فالمواطن البسيط الذي تصله فاتورة الكهرباء بانتظام ومن دون (انقطاع) فيدسها في جيبه ويصطف في الطابور ومن دون (انقطاع) مهما كان حجم الفاتورة لايمكنه أن يقتنع بهاته التبريرات والحجج التي تحثه على الاقتصاد في تعاطي الكهرباء والاستغناء عن المكيف الذي اشتراه من عرقه ولايمكنه أن يقتنع بأن رفع أسعار الكهرباء والغاز سيحسن من الأداء في بلاد يشهد كل العالم أنه أكبر مخزون للطاقة الشمسية وأكبر احتياطي للغاز الطبيعي على وجه الأرض. * منظر الجزائري وهو يشقى بحثا عن رزق يومه وسط نيران المناخ ونيران السوق والخوف من نيران الإرهاب ليعود إلى بيته منطفئا مثل الشمعة فتصفعه مؤسسة الكهرباء بليلة فطور في السواد وليلة على ضوء الشموع، هو فعلا منظر غير لائق لمواطن مقتنع بأن بلده غني إلى حد الثراء في كل شيء ومقتنع بأن الحل ليس في اقتصاد تعاطي الكهرباء ولا برفع الأسعار التي هي حاليا أشد (كهربة) من الكهرباء نفسها.. * فقد رفعوا أسعار النقل الجوي حتى صارت الأعلى في العالم فساءت الخدمات حتى صارت الأبشع في العالم، ورفعوا سعر الماء فانتعشت تجارة الصهاريج، ورفعوا تسعيرة ضريبة وقسيمة السيارات فازداد حال الطرقات تدهورا ورفعوا سعر السميد والسكر والزيت فصاروا جميعا دون النوعية السابقة، وهم يرفعون باستمرار أسعار الكهرباء ولا شيء تغير، ونحشى إن رفعوه مرة أخرى صارت حياتنا كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه فوقه سحاب، ظلمات بعضها فوق بعض... والعياذ بالله!