في الوقت الذي أمرت فيه الحكومة بالبحث عن مصادر تمويل محلية للجماعات المحلية، تعاني بلديات ولاية إيليزي، من مشكل تسيير حقيقي، نجم عن القدرات المحدودة لرؤساء البلديات وأغلب النواب وأعضاء المجالس الشعبية. وأدى ذلك إلى ضعف متابعتهم، وبحثهم لمصادر تمويل بإمكانها سد الكثير من المصاريف، التي تقع على عاتق البلديات، خصوصا جانب التسيير بالبلديات الواقعة بجنوب الولاية على غرار إيليزي، جانت وبرج الحواس المصنفة بالولاية في قائمة البلديات العاجزة، وتتعلق المداخيل التي تتعرض لإهمال رؤساء البلديات والمصالح المعنية بالبلديات، بكراء العقارات بمختلف أنواعها، ونجم الوضع تحديدا عن إهمال تحيين ومتابعة أسعار تأجير تلك الممتلكات، فيما تمنح ممتلكات أخرى بطرق المحاباة، وأخرى دون وثائق إدارية أو عقود كراء. ولا يزال الكثير من مستغلي المحلات، والعقارات التابعة للبلديات، يؤجرونها بأسعار بعضها يعود لسنوات التسعينات من القرن الماضي، ما يجعلها أسعارا رمزية، وتشكل بعض النماذج صورة صارخة عما يعتبر إهمالا ومحاباة في تسيير العقارات العمومية، حيث يدور حديث كثير عن منح استغلال محطة خدمات تابعة للبلدية، بإحدى بلديات شمال الولاية مجانا، والأمر ذاته بالنسبة لأسواق بيع مواد البناء بكل من مدينتي برج عمر إدريس، والسوق الرئيسية بمنطقة مدينة جانت، وكلها مصادر أموال كبيرة تذهب هدرا لأن مؤجري المحلات لا يدفعون للبلدية، التي تصنف ضمن البلديات العاجزة من حيث المداخيل، عدا عن مقرات وممتلكات من مختلف الأصناف على نفس الشاكلة، وهو ما يجعل العجز في كيفية البحث عن المصدر المالي، هو أمر متعلق بالتسيير بالدرجة الأولى وليس غياب الموارد المالية. ... المرامل والتجارة الفوضوية والمداخيل ضائعة لا تزال أغلب بلديات ولاية إيليزي، بعيدة عن تنظيم المرامل والمحاجر التي يفترض أن تكون مصدر تمويل لخزينة البلديات، حيث أنه ورغم العدد الكبير من المؤسسات التي تنشط بالولاية، في رفع واقتناء الرمل الموجه لمختلف الورشات، وحتى ورشات الأشغال العمومية وأغلبها في قطاع الطرقات، ليس لها أي علاقة تنظيمية مع البلديات، ناهيك عن أن تكون مصدر تمويل لها، رغم أن التنظيم الساري المفعول يفرض ذلك، لتبقى أغلب المواقع المخصصة للمرامل والمحاجر، مناطق فوضوية، خاصة الواقعة داخل المدن، ما يجعلها ليس فحسب بعيدة عن أن تكون مصدر دخل، بل تحولها إلى مناطق للنشاطات الفوضوية، والخارجة عن سيطرة البلديات. من جهة أخرى لم تعد المرافق المخصصة للتجارة، من أسواق ومحلات عمومية، كافية لامتصاص وتنظيم كل التجار الذين ينشطون بالولاية، بصورة فوضوية، لكن بقاء التجار في هذه الوضعية الفوضوية، في محيط الأسواق وبعض الأماكن العمومية على مدار السنة، يبدد على البلديات مداخيل كبيرة من وراء النشاط التجاري، وعكس ذلك تماما تتكبد البلديات مصاريف تخص متابعة أماكن، ومواقع التجارة الفوضوية، حيث تبقى ملزمة بعمليات التنظيف، ورفع النفايات الناجمة عن النشاط التجاري الفوضوي، دون أي مقابل لتلك النشاطات، ما يجعل العجز ليس بالضرورة صفة البلديات بقدر ما هو عجز في التسيير.