علمت " الشروق اليومي" ، أن السلطات الأمنية إتخذت جملة من الإجراءات لفائدة التائبين الجدد الذين يسلمون أنفسهم لأجهزة الأمن ، من نشطاء تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي " ، لضمان أمنهم خوفا تصفيتهم بعد خروجهم عن التنظيم الإرهابي ، حيث يتم إيواؤهم في أماكن آمنة ، و بإمكان عائلاتهم زيارتهم في مواعيد محددة للإطمئنان عليهم ، و ذلك بعد إخضاعهم للتحقيق ، و لم تكشف مصادرنا عن عدد التائبين الذين سلموا أنفسهم بعد تفجيرات 11 أفريل. حيث أفادت المعلومات المتوفرة لدى "الشروق اليومي" ، أن العديد من الإرهابيين النشطين باشروا إتصالات مكثفة مع تائبين وسطاء وأفراد عائلاتهم معلنين رغبتهم في تسليم أنفسهم ، كما لجأ بعضهم من القياديين إلى الإنسحاب من " الجماعة " ، و تعليق النشاط المسلح ، إلى غاية الفصل في قرار نهائي بعد طعنهم في التفجيرات الإنتحارية ،حسبما تسرب من محيط عائلات إرهابيين ، و عليه يتوقع متابعون للملف الأمني ، تشتت التنظيم إلى جماعات صغيرة ناشئة منشقة ، و رغم أن الإرهابيين المؤمنين بنفس الأفكار سيحاولون مواصلة نفس المسار ، إلا أن القضاء على قياديين أساسيين برتبة أمراء ، سيؤدي إلى تفاقم التوترات و الخلافات ، و يقدر المراقبون أن الوضع سيشكل لبعض الوقت تهديدا على الوضع الأمني لكنه سيكون أقل خطورة ، خاصة و أن التائبين الجدد أبدوا تعاونا مع أجهزة مكافحة الإرهاب من خلال دعمها بمعلومات توصف ب" الهامة" ،مقابل تركيز العمل على الشبكات النائمة ، لكنها تواجه صعوبة في تفكيكها على خلفية أنها خلايا عائلية ، وتخضع للعمل الترابطي. وأفادت مصادر على صلة بالملف الأمني ، أن السلطات إتخذت إجراءات لصالح الإرهابيين الذين يسلمون أنفسهم ، تندرج في إطار توجيهات رئيس الجمهورية بإبقاء أبواب المصالحة مفتوحة و إستمرار العمل بميثاق السلم و المصالحة الوطنية ، ومما تسرب إلينا ، أنه لن يتم إيداع هؤلاء الحبس في إنتظار إستكمال التحقيق معهم ، حيث سيتم إيواؤهم في أماكن " آمنة " ، و توضح مصادرنا أن هذا الإجراء يهدف لحماية التائب من تصفيته و هي غير مستبعدة إنتقاما منه من طرف رفقائه ، ويسمح لوالديه وزوجته بزيارته وفقا لمواعيد محددة للإطمئنان عليه ، كما تم إصدار تعليمات للتعجيل في تسوية أوضاعهم القانونية ، و برأي متابعين للملف ، تسعى السلطات لتشجيع الراغبين في تسليم أنفسهم من خلال إجراءات تعتبر ضمانات لهؤلاء ، خاصة وأن قيادات التنظيم الإرهابي كانت تستند إلى " عدم وفاء السلطات بعهودها " ، لإقناعهم بعدم تسليم أنفسهم. إرهابيون يكثفون إتصالاتهم لتسليم أنفسهم هروبا من التصفية وسجل تقدم في الإتصالات التي باشرتها بعض عائلات الإرهابيين النشطين معهم ، خاصة بعد أن تلقت ضمانات من موفدي مصالح الأمن ، في الأيام الموالية لتفجيرات 11 أفريل ، نقلوا لها تمسك الدولة بالمصالحة الوطنية وهو ما كان منفذ الرافضين للعمليات الإنتحارية الأخيرة التي إستهدفت مدنيين عزل ، و كانت خروجا عن المنهج الذي جرى الإتفاق عليه من طرف قيادة التنظيم خاصة بعد إنضمامه رسميا ل" القاعدة " التي تم تبني التفجيرات بإسمها منها التعهد بعدم إستهداف الشعب و إختصار العمليات على أسلاك الأمن ، لكن تفجيرات 11 أفريل كشفت لنشطاء التنظيم أن تبني العمليات بإسم القاعدة لم يكن من وراءه سوى كسب دعم المواطنين و إستغلال ما يحدث في العراق وفلسطين لإثارة مشاعر الشباب و حماستهم للجهاد و عمدت من خلال العمليات الإنتحارية لتغيير منهجها لتدارك الضربات والخسائر وتراجع نشاطها عن طريق عمليات إستعراضية ذات صدى إعلامي كبير ، وكما سبق أن أشارت إليه " الشروق اليومي " في أعداد سابقة ، أثارت التفجيرات الأخيرة موجة إستياء و تملل في صفوف نشطاء التنظيم ، في ظل غياب سند شرعي لتبرير العمليات الإنتحارية. و لم تتسرب أية معلومات عن عدد التائبين الذين سلموا أنفسهم مؤخرا للسلطات بعد 11 أفريل ، بإستثناء 3 نشطاء بالمنطقة الثانية ، و تلف العملية سرية وتتحفظ السلطات عن تقديم أية تفاصيل ، لكن مصادر من محيط عائلات إرهابيين من بومرداس ، مفتاح ، براقي ، و ضواحي العاصمة ، أكدت ل"الشروق اليومي" ، أن إتصالات مكثفة جارية مع ذويها بعد تحديد مواقعهم ، و أشارت هذه المصادر ، أن من بين هؤلاء من بادر بالإتصال بعائلته التي لم تكن تملك معلومات عنه وإنقطع عن الإتصال بها ، في محاولة للتبرؤ من العمليات الإنتحارية ، و لا تستبعد مصادر على صلة بالملف الأمني ،أن تكون هناك مخاوف لدى هؤلاء من تجنيدهم في عمليات إنتحارية مستقبلا ، كما أن حالة التململ داخل الجماعة ستعجل بتسليم هؤلاء أنفسهم للإفلات من الموت و التصفيات في ظل الإقتتال و الصراع بين الكتائب و السرايا. و تذهب تحاليل متابعين للشأن الأمني ، للقول أنه من المؤكد أن يؤدي القضاء على قياديين بارزين في التنظيم مؤخرا أبرزهم سعيود سمير المدعو سمير أبو مصعب ، الرقم الثاني ، و المسؤول عن خلية الإنتحاريين و المخطط للعمليات الإجرامية ، ومسير الغنائم، وعدة نشطاء في تلاحق لافت إلى إنقسام التنظيم الإرهابي إلى مجموعات تنشط بصفة مستقلة ، و هذه المجموعات الناشئة المنشقة ستحاول موصلة النشاط لكن سيترتب عن ذلك خلافات و إنقسامات ستؤثر على النشاط الإرهابي ، و إذا كانت خطورة الإرهابيين تكمن في قلة عددهم و سهولة تحركاتهم إلا أن محللين يؤكدون أنها "ستشكل تهديدا أقل خطورة " ، و سيعرف تنظيم " القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي " أزمة هيكلية منها خاصة خلافة سمير مصعب ، و تراجعا لافتا ، و سيكون بذلك في أشد الحاجة إلى إستقطاب مزيد من المقاتلين ، وهو ما تشتغل عليه أجهزة الأمن من خلال تركيز عملها على الشبكات النائمة ،في ظل غياب قاعدة معطيات ، حيث أصبحت قيادة التنظيم تلجأ ، إلى تجنيد عناصر ليست محل بحث من طرف الأمن ، و غير مشتبه فيها ، و ليست مسبوقة في العمل الإرهابي ، و راهنت على المفرج عنهم في إطار تطبيق ميثاق السلم و المصالحة الوطنية ، و العائدين من العراق الذين إكتسبوا مهارات قتالية و خبرة في تصنيع المتفجرات لتولي تدريب العناصر الجديدة ، واللافت أن قيادة تنظيم " القاعدة " في الجزائر ، تقوم بتجنيد شباب من فئة البطالين والمنحرفين أو على الأقل المسبوقين في قضايا إجرامية أبرزها إستهلاك وترويج المخدرات ، " و كانوا منغمسين في الأمور الدنيوية و غير مرتبطين بالفكر الديني و لا يفهمون في أمور السياسة " لكن ذلك يعكس على صعيد آخر ، عجز قيادة التنظيم تجنيد أفراد يتمتعون بمستوى تعليمي عالي ومتدينين. تجنيد مسبوقين عدليا و"القاعدة" تواجه أزمة هيكلية وتواجه أجهزة الأمن المكلفة بمكافحة الإرهاب صعوبة في تفكيك الشبكات النائمة، بعد أن لجأت قيادات التنظيم الإرهابي ، إلى تقسيم الشبكات بشكل عنقودي و ترابطي مما يعسر تفكيكها بشكل نهائي ، وسبق للجماعة السلفية للدعوة و القتال ، أن إعتمدت على الشبكات العائلية بالمنطقة الثانية وعلى تجنيد أصهار و أقارب نشطائها ، في الخلايا النائمة خاصة بعد صدور قانون الوئام المدني ، لمواجهة " الخيانة" وتوقف الدعم اللوجستيكي ، و قامت ،حسبما تسرب من تحقيقات مع عناصر دعم و إسناد ، تم توقيفهم حديثا ، يكونون على صلة بالعمليات الإرهابية الأخيرة ، بالتكفل " ماديا " بعائلات بعض المجندين الذين ينتمون لأسر معوزة ، حيث تستعمل ذلك كورقة ضغط في حال تراجعهم بعد أن هددتهم بتصفيتهم ، و كشفت تحقيقات أولية مع هؤلاء ، أن بعض أفراد عائلاتهم كانوا على علم ب" نشاطهم " كأفراد شبكة إسناد أو على الأقل كانوا على علم بمصدر الأموال التي تحصلوا عليها ، و كان بعض الموقوفين قد كشفوا أنهم كانوا يتحركون بناء على إتصالات هاتفية ، و لا يعرفون الأشخاص الذين يتعاملون معهم بل واحد فقط ، و صرحوا "كنا نذهب إلى ذلك المكان المعزول و نجد القنابل التي ننقلها إلى مكان آخر مهجور " أو " كنا نتقل إلى ذلك المكان حيث نعثر على القنبلة مخبأة بإحكام و نأخذها لنضعها أمام الهدف المحدد لنا" وأجمع أغلب من تم التحقيق معهم ، أنهم " كانوا ينفذون أوامر " تأتيهم عبر الهاتف من أرقام يتم إتلافها و تجهل هوية أصحابها الحقيقيين. نائلة.ب:[email protected]