زين الدين زيدان خلال زيارته للجزائر تثير علاقة اللاعبين المغتربين وأولئك الذين من أصول جزائرية ويلعبون في الفريق الفرنسي، الكثير من الفضول والكلام الزائد، بسبب أن العلاقة وعلى مدار السنوات الأخيرة، وبسبب اكتساح ثقافة الاحتراف للميادين الوطنية، ليس في الجزائر فقط، ولكن في كل الدول، أصبحت علاقة مليئة بالسوسبانس والأسرار ودخلت في باب الوطنية والمصالح، حتى قيل إن السياسة دخلت من الباب فخرجت الرياضة من النافذة! * قصة اللاعبين الجزائرينبفرنسا لها بداية ولا يمكن التنبؤ بنهايتها يوما؛ فلكل لاعب فلسفته في رؤية الفريق الوطني وتفسيره للانتماء إلى الوطن، بدءا من الأسطورة زين الدين زيدان الذي مازال الناس يعتقدون أن الجزائر أضاعت نجما ذهبيا لامعا في بداية التسعينيات بسبب غلطة مدرب أو إهمال إدارة، وليس انتهاء ببن زيمة الذي يزداد لمعانا يوما بعد آخر في الملاعب الأوربية، إلى درجة اختياره ضمن اللاعبين الثلاثين الأحسن عالميا، ولم يكن تقمصه ألوان فرنسا محض الصدفة، وإنما تخطيط دولة وسرقة انتماء أكثر منه حبا للوطنية؛ فللرياضة باعتقاد البعض حسابات أخرى قد تنفصل أحيانا عن التجنس، ولا يخلو الأمر من رائحة الأورو والدولار الذي أصبح في قاموس بعض اللاعبين أهم من الوطنية، مثلما هو الأمر مع كمال مريم ومادوني، حتى أصبح العرض في سوق بيع الوطنية أكثر من الطلب، وتكاثر اللاهثون وراء تقمص ألوان الفرنسيس دون شروط أحيانا، بل حبا في التبزنيس! * ولأن البعض قد يجعل من القضية مرثية للبكاء على بعض اللاعبين، فإن انتماءات البعض الآخر ووطنية عدد من اللاعبين، مثل عنتر يحيى وندير بلحاج وكريم زياني، تكشف أن الوطنية ما تزال بخير ولا حزن عليها، حتى وإن تزايدت أقاويل وتفسيرات بعض الإداريين والمسيرين لشؤون الكرة في الجزائر، كقول سعدان أنه لا يمكنه التحكم في اللاعبين المغتربين، أو اقتراح حداج عليهم التجنس بالجنسية الجزائرية، وهي كلها اقتراحات لا بد أن تتوفر فيها النية السليمة، وكما يقال حب الوطن من الايمان.. في كل شيء حتى في الرياضة! * حكيم.ب * * زيدان الوحيد من الجيل الثاني الذي لعب لفرنسا * و إن كان من المعروف أن الجزائريين المغتربين من الجيل الثاني "الذين لا يملكون جدا في فرنسا" اختاروا كلهم اللعب لوطنهم الأم وأبرزهم دحلب، فرحاوي، بوعافية، سنجاق يزيد، وجاني، معطر، قريشي ، جداوي، مجادي وغيرهم فإن زين الدين زيدان خرج عن المألوف وكان أول جزائري من الجيل الثاني المغترب الذي يتقمص ألوان الديكة. * وجاء اختيار زيدان لتمثيل المنتخب الفرنسي بمثابة نقطة التحول، حيث فتح الأبواب أمام بعض الجزائريين الذين فضلوا الحذو حذوه. * ورغم أن زيدان اختار المنتخب الفرنسي على مضض، أي بعد أن تأكد من التهميش الذي تعرض له من مسؤولي الكرة الجزائرية الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء استدعائه لإخضاعه للتجربة، إلا أن نجاحه كان بمثابة الشمعة التي أنارت طريق بعض المغتربين الجزائريين من الجيل الثالث "أحفاد المغتربين الأولين" الذين يرون فيه نجاحهم فأصبحوا يبحثون اليوم عن خليفته باختيارهم تمثيل فرنسا. * * ندم مريم جاء متأخرا * وإن كان زيدان قد حقق نجاحا غير مسبوق في الكرة الجزائرية وأصبح بمثابة شهادة النجاح للمغتربين الجزائريين، فإن اللاعبين الذين جاءوا من بعده والذين تصوروا أنفسهم بأنهم سيلقون من العناية والتألق ما لقيه "زيزو" منهم من ضاع حلمه مثل ما حدث مع كمال مريم. * فكمال مريم الذي صورته الصحافة الفرنسية وكأنه زيدان القادم الذي سيواصل حمل شعلة المنتخب الفرنسي، سرعان ما اندثر حلمه وأبعد بطريقة مخزية من المنتخب الفرنسي دون أسباب معروفة ليندم بعدها عن عدم اختياره اللعب للجزائر. * * "غوركوف" يوقظ ناصري وبن زمة من الحلم * وإن كان حلم كمال مريم قد تبخر منذ مدة فإن تواجد النجم الجديد في تشكيلة المنتخب الفرنسي "غوركوف" قد يقطع طريق التألق على الثنائي ناصري وبن زمة، حيث صار في وقت وجيز بمثابة معبود أنصار الزرق، ليؤكد بذلك بأن الفرنسيين سمحوا لزيدان بمواصلة تألقه في المنتخب الفرنسي، لأن فترته شهدت ندرة كبيرة في صانعي اللعب في المنتخب الفرنسي من أصول أخرى. * * هل هو مثال إيجابي أم سيء * زيدان القدوة.. مبرر شرعي للمغتربين للعب لفرنسا * * أتمنى أن أكون خليفة زيدان.. اعتبره قدوة.. سأسعى لأن أكون زيزو الجديد.. سأختار المنتخب الفرنسي، لأنه يسمح لي بالتألق مثل زين الدين زيدان.. * هذه مجموعة تصريحات للاعبين فرنسيين من أصول جزائرية أو مغتربين اختاروا تقمص ألوان فرنسا أو تفضيلها على الجزائر مثل بن زمة، وناصري.. * يبقى زيدان شماعة يعلق فيها المغتربون اختيارهم للمنتخب الفرنسي رغم نداءات الجزائريين المتكررة للعب له، وملاذا لهم لتحسين مستواهم المعيشي والكروي على حد تصريح بن زمة. * وكان لاعب ليون بن زمة قد برر اختياره المنتخب الفرنسي بالجزائري، لأنه يفتح له آفاقا بعيدة تسمح له بلعب بطولة العالم والكثير من المنافسات الكبرى، وضرب مثلا باللاعب زيدان الذي حقق المجد والشهرة ضمن منتخب "الديكة". * أما لاعب الأرسنال الحالي سمير نصري، فقال بأنه لم يفكر إطلاقا في اللعب للجزائر رغم انه يقر بأن أصوله جزائرية، ورغم أن ناصري لازال متمسكا بهويته الدينية كمسلم يمارس الشعائر الإسلامية، ويقول اللاعب انه يتمنى مواجهة المنتخب الجزائري بألوان فرنسا، لأنه ترعرع هناك، بل لا يجد حرجا في ذلك. * ومهما يكن فإن الكثير من اللاعبين المغتربين الذين تشكل لديهم هجين من حيث الهوية بسبب استقرارهم بفرنسا رغم أصولهم الجزائرية فإنهم يفضلون اللعب لفرنسا سوى في حالات نادرة، سواء لم تتح لهم الفرصة أو مستواهم الفني لا يجعلهم في مصاف لاعبي منتخب فرنسا. * ويستشهد اغلبهم بما فعله زيدان في الملاعب العالمية ويعتبرونه مبررا شرعيا لاختيار فرنسا، لكن الكثير يرى في زيدان مثالا سلبيا، خاصة الجزائريين منهم، لتنصله من هويته الأصلية والدفاع عن ألوان بلد استعماري نهب كل خيرات الجزائريين حتى البشرية منها وهم هؤلاء اللاعبين. * ويبقى في الأخير مكانة كل بلد وما يوفره من إمكانات عامل ترجيح لكفة هؤلاء، رغم ذلك فإن التمسك بالهوية والانتماء هي الفيصل في اختيار كل لاعب للمنتخب كما فعل زياني وعنتر يحي.. * يوسف.ب * * فرنسا أرادت ضم اللاعب أحمد بن بلة * والجزائريون يقدسون زيدان ويحقدون على سحنون * ناصر * عندما احتضنت فرنسا نهائيا كأس العالم عام 1938 التي فازت بدورتها إيطاليا، كان اللاعب أحمد بن بلة، الرئيس الجزائري الأول ينشط مع نادي مارسيليا، وفي سن العشرين، وكانت الأنظار متجهة إليه ليدعم تشكيلة المنتخب الفرنسي في الدورات المقبلة لكأس العالم، خاصة أن كأس أمم أوربا لم (تولد) بعد في تلك الفترة، ولكن الحرب العالمية بخرت هدف المنتخب الفرنسي، حيث تم إلغاء مونديال 1942 ومونديال 1946، وعندما احضتنت البرازيل كأس العالم عام 1950 كان عمر أحمد بن بلة قد جاوز 32 سنة، وكان قد اعتزل اللعبة التي عشقها ولم يجد منتخب بلاده قد نشأ بعد، ولم يكن بن بلة وحده وإنما عدد كبير من الجزائريين الذين أحبوا اللعبة وبدأوا في ممارستها. ولكن، وفي الخمسينات، عرفت فرنسا أزهى إيامها الكروية وعرفت الجزائر أيضا جيلا عملاقا من النجوم، وعلى رأسهم الظاهرة رشيد مخلوفي، وكلهم نافسوا نجوم فرنسا الكبار من أمثال رايمون كوبا وجوست فنتان، وكان بالإمكان أن يسافر عدد من اللاعبين إلى مونديال السويد عام 1958 الذي احتلت فيه فرنسا المركز الثالث، حيث لم تسقط إلا أمام البرازيل في مباراة مثيرة برز فيها الملك بيلي، حيث فازت البرازيل (5 - 2). لكن فرنسا صارت بيدقا مهما في المونديال، حيث سجل لاعبها فونتان 13 هدفا خلال مونديال السويد، وهو رقم قياسي يقال أنه لن يحطم مهما طال أمد كأس العالم. * لكن نجوم الكرة الجزائريين جميعا اختاروا فريق جبهة التحرير الوطني وضحوا بالشهرة والمال، وهو ما جعلهم خالدين في ذاكرة الجزائريين. * * لماذا يحب الجزائريون "زيدان"؟ * ولماذا حقدوا على "سحنون"؟ * لا أحد باستطاعته أن يفهم لماذا يحب الجزائريون زين الدين زيدان.. هم يحبونه هو وليس لعبه، والدليل على ذلك أنه عندما زار الجزائر ليس للعب وإنما للمجاملة تهاطل عليه الجميع قمة وقاعدة واستقبلوه أكثر مما فعلوا مع أي شخصية وطنية أو عالمية.. وطبعا لا مجال للمقارنة مع استقبال زيدان واستقبال أي عالم جزائري في الذرة أو الطب عاد من أمريكا أو أوربا لخدمة بلده. يحدث هذا رغم أن المعادلة بسيطة جدا؛ فزيدان رفض أن يكون جزائريا في كل شيء، بدءا من زواجه من فرنسية، واختيار أسماء فرنسية لأبنائه، وانتهاء من حمله الراية الفرنسية والدفاع عن ألوان بلد يرفض الاعتراف بجرائمه التي أودت بحياة الملايين من الجزائرين، إضافة إلى أن زيدان لم يزر الجزائر إلا بعد اعتزاله، وبعد أن كان قد زار كل دول العالم، ومنها السينغال ومصر وتونس والمغرب والسعودية.. ومع ذلك يكن الجزائريون للاعب حبا بلغ درجة تسمية أبنائهم باسمه.. وفي المقابل، وفي زمن الرئيس الراحل هواري بومدين، كان هناك لاعب جزائري يدعى سحنون، ينشط في البطولة الفرنسية، وهو من مواليد فرنسا، وعندما اقترب مونديال الأرجنتين عام 1978 عرضت عليه الجنسية الفرنسية فقبلها، ولكن في آخر المطاف سافرت التشكيلة التي لم تكن تضم سوى لاعبين ببشرة سوداء وتم إسقاط اسمه واعتبرت الجزائر هذا الإجراء الفرنسي انتصارا لها ضد هؤلاء اللاعبين الذين غيروا جلدتهم. وحتى عندما توفي سحنون في الثمانينات في حادث مرور بفرنسا، قامت الصحف العمومية مثل "الشعب" بنقل الخبر بكثير من التشفي، وتم وصف اللاعب عندما حمل جنسية فرنسا بالحركي والخائن وبائع وطنه الأصلي. ودارت الأيام وذات الصحف التي وصفت سحنون بالخائن عادت لتمجد زين الدين زيدان، كما أن الجيل الجديد من اللاعبين الذين تقمصوا ألوان فرنسا مثل ابن بجاية، بن زيمة، وابن قسنطينة ناصري، ومازالوا يمجدون ويتم احترامهم أكثر من اللاعبين الذين رفضوا الجنسية التي عرضت عليهم على طبق، مثل مصطفى دحلب الذي قاد باريس سان جيرمان لمدة عشر سنوات، والملاكم بن ڤاسمية الذي رفض الجنسية الفرنسية والأمريكية. * المؤكد الآن أن ما قام به زيدان وتبعه بن زيمة وناصري ومڤني وغيرهم صار أمرا عاديا في الجزائر، حيث لا يجد لاعبو الجيل الثالث أي حرج في اللهث على اللعب لمنتخب فرنسا مادام سيضمن مشجعين من المهاجرين، وأيضا من الجزائر، إضافة إلى فرنسا، وهو ما لا يمكن أن يحققه اللاعب الجزائري الذي يرفض الراية الفرنسية ويتمسك بوطنيته. ومهما يكن من فضائح الكرة الجزائرية وتدهور الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الجزائر، فإن اللهث من أجل الحصول على الجنسية الفرنسية واللعب لبلد آخر هو خروج عن الطريق.. مهما كانت التبريرات. * ب.عيسى * * والد كريم زياني: * "تربية الوالدين هي المحددة لوجهة الأبناء" * * أكد والد النجم الجزائري كريم زياني أن التربية التي يرضعها الأبناء المغتربون في العائلة هي المحدد الرئيسي لوجهة اللاعب المغترب لما يصل سن الرشد. * وقال زياني رابح في اتصال هاتفي مع الشروق، إن ابنه كريم لم يفكر يوما في تقمص ألوان المنتخب الفرنسي: "ابني يحس نفسه جزائريا وفقط، ولم يفكر في اللعب لفرنسا"، مشيرا الى انه ربّاه على تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وحب الوطن: "منذ كان كريم صبيا كان يزور الجزائر، وبالضبط مسكننا المتواجد في 23 شارع ذبيح شريف بالعاصمة، وهو ما نمى فيه حب الوطن". * كما أضاف رابح زياني أن ابنه تلقى دعوة رسمية من الاتحادية الفرنسية لكرة القدم لما بلغ 18 سنة من عمره، أي في الوقت الذي كان يلعب لنادي تروا، موضحا انه تفاجأ لذلك، حيث أخبر مسؤولي الاتحادية الفرنسية انه لا يمكنه تمثيل الألوان الفرنسية بما انه جزائري: "تلقى كريم دعوة ليلعب في المنتخب الاولمبي الفرنسي لما كان يلعب في تروا، إلا انه ودون أن يفكر رفضها وفضل اللعب للجزائر". * و تأسف زياني الأب لموقف بعض اللاعبين المغتربين الذين اختاروا تمثيل فرنسا على حساب الجزائر، حيث لام عائلاتهم ونصحهم باللعب لوطن الأم: "أتمنى أن تدرك العائلات الجزائرية المقيمة في فرنسا أو في دولة أخرى أن الجزائري هي بلد أبنائهم، رغم انتمائهم الجغرافي للبلد الذي يعيشون فيه، وعليهم كذلك أن يربوا أولادهم على حب الوطن". * وأكد رابح زياني أن في فرنسا زيدان واحد فقط، متمنيا أن لا يحلم بعض المغتربين بإعادة الملحمة التي صنعها زيدان مع المنتخب الفرنسي. * محمد.ن * * وضاح، بلوفة، يحيى، يبدا، اغوازي، عبدون ومڤني * لعبوا لفرنسا في صغرهم وتداركوا الأمر لما نضجوا * وإن كان بعض المغتربين الجزائريين يتمنون اللعب لأكابر المنتخب الفرنسي فإن بعض العناصر الأخرى تداركت الأمر في الوقت المناسب، فبعد أن شاركت في الأصناف الصغرى للديكة تراجعت والتحقت بالمنتخب الوطني الجزائري ومنها من ينتظر الضوء الأخضر من الفيفا لتحقيق حلم اللعب للوطن إلام * فالثلاثي بلوفة ويحيى ووضاح الذين سبق لهم تمثيل الألوان الفرنسية في الأصناف الصغرى تمكنوا من تدارك الخطأ الذي وقعوا فيه قبل بلوغهم سن الرشد وتمكنوا من الاندماج في المنتخب الوطني قبل نهائيات كأس إفريقيا 2004 بعد أن أقنع رئيس الفاف آنذاك محمد روراوة هيئة بلاتير بمنح تراخيص لهذا الثلاثي. o الكل ينتظر مقني، اغوازي، عبدون ويبدا o وان كان الثلاثي السابق قد تدارك الخطأ الذي وقع فيه في الصغر فإن الرباعي اغوازي، مقني، يبدا وعبدون ينتظر بفارغ الصبر تسوية ملفاتهم الإدارية في الفيفا ليتمكنوا من تمثيل ألوان المنتخب الجزائري بعد أن أدركوا أنهم همشوا من طرف مسؤولي المنتخبات الفرنسية. o وتحاول الفاف في الوقت الحالي تدارك تهاونها في التنقيب عنة المواهب الشابة، وهذا بطلب رخص أخرى من الفيفا وهو الأمر الذي قد لا يتحقق بما أن الجزائر سبق لها وأن تحصلت على ثلاث رخص في السابق. o محمد. ن