مدينة بشار فصلت محكمة الجنايات بمجلس قضاء بشار نهاية الأسبوع الماضي، في قضية من العيار الثقيل، وصفها الملاحظون بأخطر القضايا التي عالجتها المحكمة خلال الدورات السابقة، حيث يتعلق الأمر بإدانة المدعو "س.عزيز" من جنسية مغربية، تم الحكم عليه بالسجن النافذ لمدة 12 سنة، أمّا التهم المنسوبة إليه، فهي التجسس وجمع معلومات خاصة بالدفاع الوطني لصالح دولة أجنبية والهجرة غير الشرعية. * * المتهم: استلمت مبلغ 200 درهم من الدرك المغربي لإنجاز المهمة * * النيابة التمست المؤبد والدفاع قال إنه ضلّ الطريق وتأثر بالأفلام * * القضية التي تورط فيها المتهم البالغ من العمر 22 سنة، والقاطن بأحد الأقاليم المغربية البعيدة ب100 كم عن الحدود الجزائرية، وحسب ما دار خلال الجلسة، تعود إلى شهر ماي الماضي، حيث ألقى الجيش الوطني الشعبي القبض على المتهم "س.عزيز"، بينما كان على متن دراجة نارية ليلا بالمنطقة المسماة حاسي المالح بدائرة أم العسل التابعة لولاية تندوف، وقد صرح خلال أول استماع في جلسة التحقيق للجيش الوطني أنه أرسل من طرف المدعو "محمد الغدري" المنتمي للدرك الملكي بعدما منحه هذا الأخير 200 درهم قصد جمع معلومات عن الجيش الجزائري ومواقع البوليساريو، علما أن جهات التحقيق تكتمت على كثير من التفاصيل في هذه القضية غير العادية نظرا للحساسية الشديدة التي تكتسيها، وأيضا بسبب وجود كثير من نقاط الظل والغموض التي تشوبها. * وخلال مثول المتهم أمام محكمة الجنايات بمجلس قضاء بشار، في جلسة بدأت باكرا ولم تستمر إلا لنحو ساعة أو أكثر بقليل، عاد المتهم مرة أخرى لينكر معرفته للمدعو "محمد الغدري"، ودار الحوار التالي.. * القاضي: ما هي علاقتك بالشخص المدعو محمد الغدري؟ * المتهم: أنا لا أعرف شخصا بهذا الاسم.. * القاضي: لكنك ذكرت في التحقيقات أنه أرسلك وأعطاك المال مقابل جمع معلومات، وأيضا قلت إنه جارك؟ * المتهم: لا علاقة لي بكل هذه التهم، وأنا شخص ضل الطريق فقط من بيته..فوجد نفسه هنا! * القاضي: ما هي أسباب هجرك لمنزلكم العائلي؟ * المتهم: خلافات عائلية.. * القاضي: ما نوع تلك الخلافات؟ * المتهم: كان بيني وبين شقيقتي خلاف حاد، فتركت البيت.. * في حين تفيد مجريات الجلسة أن المتهم غيّر أيضا من أقواله فجأة عند مثوله أمام قاضي التحقيق، حيث قال إن الشخص المذكور والمنتمي للدرك الملكي ليس إلا جارا له بالإقليم الذي يقطن فيه بالمملكة المغربية، وبرر المتهم "س.عزيز" وجوده بالحدود الجزائرية بأنه ضل الطريق حين غادر المسكن العائلي جراء خلافات أسرية. * النيابة العامة وخلال مرافعتها التمست المؤبد في حق المتهم معتبرة أنه سعى من اجل الاستطلاع والحصول على معلومات من شأنها الإضرار مباشرة بالجيش الوطني الشعبي والدفاع الوطني من خلال ضبطه بمنطقة عسكرية تدخل ضمن التراب الوطني، كما تبقى باقي المعطيات - حسب مرافعة النيابة - غامضة بشأن وظيفته الحقيقية أو حتى اسمه لعدم ضبط أي وثيقة قد تثبت هويته، كما شككت النيابة أيضا في كلام المتهم حين قال إنه ضل لمدة ثلاثة أيام تائها بين الحدود وليس في حوزته من الزاد إلا قارورة ماء وقطعة خبز، في حين وصف دفاع المتهم ما نسب إلى هذا الأخير بالتهمة الخطيرة، معتبرا أن مهام الجوسسة تناط إلى أشخاص مدربين، لكن موكله الذي لم يتجاوز السن الثانية والعشرين "متى يكون قد تدرب وتعلم فنون الجوسسة؟" قال الدفاع متسائلا قبل أن يضيف بأن موكله قد يكون ضحية أحد الأمرين، إما أنه هارب من بلده أو متأثر ببعض الأفلام؟ وذهب الدفاع بعيدا إلى حد التشكيك في القدرات النفسية والعقلية للمتهم، مؤكدا أن أمورا كهذه لا يمكن أن تسند إلى مثل هذا الشاب، حيث التمس البراءة لموكله من تهمة التجسس، في حين أكد أن تهمة الهجرة السرية لا غبار عليها، لأنه ضبط بتراب دولة أخرى.