يستعد الجزائريون على غرار كامل الأمة الإسلامية لإحياء سنة سيدنا إبراهيم الخليل عليه وعلى سيدنا محمد الصلاة والسلام، لكن إخواننا في قطاع غزة لن يحتفلوا هذا العام مثلما نحتفل نحن بذبح الأضاحي وزيارة الأهل، فبيوتهم تكسر العتمة بضوء "الباستيل" ... * وخبزهم يطهى على الحطب * إنهم يحتطبون مثلما يحتطب سكان الأدغال الإفريقية، ومرضاهم يئنون في صمت داخل مستشفيات أقل ما يقال عنها أنها أشبه بالغيتوهات لظروفها المأساوية، في وقت تنعم جارتهم إسرائيل، وهي المتسببة في المعاناة التي يعيشونها، بالأمن وظروف الحياة العادية، بل والمترفة، أليست تنعم ببترولنا..، أليست تنعم بالحدود الآمنة * التي تضمنها لها بعض الأنظمة العربية المتاخمة لها..، أكثر من هذا أليست تنعم بنظام دولي تم تفصيله على مقاس يضمن لها الحماية والسكينة التي يحرم منها اليوم أصحاب الأرض الأصليين، وهم الفلسطينيون الذين يعانون اليوم الأمرين جراء الحصار الجائر... * ومع كل الصور التي تتدافع وسائل الإعلام الدولية، وعلى رأسها العربية منها، إلى أخذها عن حالة سكان غزة المحاصرين حتى في جلودهم، لم يستطع أحد أن ينبس ببنت شفة لرد الظلم عن هؤلاء، ولم يجرؤ أحد أيضا على مساءلة الكيان الصهيوني الغاصب للأرض ، والمنتهك لقيمة الإنسان وكرامته بخصوص الجرائم التي لا يتردد في ارتكابها لعدم وجود الرادع... * في هذه الظروف القاسية على إخواننا في فلسطين الطاهرة، يستعد المسلمون لذبح الأضاحي وإراقة دمائها، ودماء الفلسطينيين مراقة ظلما وعدوانا على مذبح الصمود، والدفاع عن أرض المقدسات..، فهل يحلو عيد في مثل هذه الظروف والأحوال؟ * لكن ما عسانا نقول إذا كان عزاء الشعوب العربية والإسلامية، هو في قناعتها بأن الفلسطينيين يقومون بأنبل عمل، وهو الرباط في سبيل الله، والدفاع عن ما تبقى من الشرف والكرامة العربيين، وإذا تخلى عنهما هؤلاء، فمن لفلسطين بعدهم، وقد عز النصير، وأصبح المسلمون متمسكين بالحياة مع الذل والهوان، مفرطين في حياة الكرامة والرؤوس المرفوعة... * وبعد ذلك، ما الذي تبقى لنا من العيد لنتقاسمه مع إخواننا المحاصرين في غزة وفي كل فلسطين.. الإجابة تتلخص في أنه لم يتبق لنا سوى الدعاء بالنصرة لهؤلاء الأعزة المظلومين، وبالهوان والصغار لبني إسرائيل في الدنيا قبل الآخرة، لأنهم قتلة الأنبياء، وأشر خلق الله... والدعاء طبعا أضعف الإيمان، في زمن لم يعد للمسلمين سوى إنكار الظلم بقلوبهم بعد ما هانوا... وهذا أضعف الإيمان الذي نستطيع لنصرة إخواننا في فلسطين، ونصرة المسلمين أينما كانوا في أرض الله... *