ورد في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، الذي صادقت عليه الأغلبية الساحقة من الجزائريين، في إستفتاء شعبي، إنه يفوض لرئيس الجمهورية أن يلتمس، بإسم الأمة، الصفح من جميع منكوبي المأساة الوطنية ويعقد من ثمة السلم والمصالحة الوطنية، وهو "التفويض" الذي أمر بموجبه بوتفليقة مؤخرا الحكومة بتفعيل عمل اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ الميثاق. * * * التدخلات الخارجية والإستغلال السياسي ضمن قائمة الممنوعات * * ونصّت البنود المتضمنة في الميثاق، أنه "لا يمكن للشعب الجزائري أن ينسى التدخلات الخارجية ولا المناورات السياسوية الداخلية التي أسهمت في تمادي وتفاقم فظائع المأساة الوطنية"، وهي التدخلات السافرة والميؤوسة التي مازالت بعض الأطراف الأجنبية تمارسها بلا أخلاق ولا أهداف، أصبحت مكشوفة ومفضوحة أمام الرأي العام. * ومع "إحياء" مهمة اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ الميثاق، والتي يرأسها الوزير الأول شخصيا، تؤكد قوانين الميثاق: أن "الجزائريين تيقنوا أنه من دون عودة السلم والأمن، لن يثمر أي مسعى من مساعي التنمية السياسية والاقتصادية والإجتماعية بالثمار التي يتوخونها منه، وإذ أنهم طالما إفتقدوا هذا السلم والأمن، فإنهم يقدرون بكل وعي ما لهما من أهمية ليس بالنسبة لكل واحد منهم فحسب، بل وبالنسبة للأمة جمعاء". * وأقرّ الميثاق بأنه حتى يتسنى نهائيا تعزيز السلم والأمن، "لا مناص من أن نخوض مسعى جديدا قصد تحقيق المصالحة الوطنية، لأنه لا سبيل إلى إندمال الجروح التي خلفتها المأساة الوطنية دون المصالحة الوطنية"، وأكد الميثاق إن سياسة الوئام المدني، على غرار سياسة الرحمة التي سبقتها، مكنت من تثبيط المسعى الشيطاني الذي كان يروم تشتيت شمل الأمة، كما مكن من حقن الدماء واستعادة استقرار الجزائر سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا ومؤسساتيا. * وتضمن ميثاق السلم إجراءات رامية إلى تعزيز المصالحة، حيث زكى الجزائريون إتخاذ إجراءات ترمي إلى تعزيز وحدته والقضاء على بذور البغضاء وإتقاء الخروج عن جادة السبيل مرة أخرى، ونص الميثاق: "إن الشعب الجزائري صاحب السيادة يزكي تطبيق إجراءات ملموسة ترمي إلى الرفع النهائي للمضايقات التي لازال يعاني منها الأشخاص الذين جنحوا إلى إعتناق سياسة الوئام المدني، واضعين بذلك واجبهم الوطني فوق أي إعتبار آخر". * وشدد الميثاق على أن الجزائريين "وإن كانوا مستعدين للصفح، ليس بوسعهم أن ينسوا العواقب المأساوية التي جناها عليهم العبث بتعاليم الإسلام، دين الدولة"، مضيفا: "إن الشعب يؤكد حقه في الإحتياط من تكرار الوقوع في مثل تلك الضلالات، ويقر بسيادة حظر ممارسة أي نشاط سياسي، تحت أي غطاء كان، من قبل كل من كانت له مسؤولية في هذا العبث بالدين"، كما قرر أيضا "ألا يسوغ الحق في ممارسة النشاط السياسي لكل من شارك في أعمال إرهابية ويصر، رغم الأضرار البشرية والمادية الفظيعة التي تسبب فيها الإرهاب والعبث بالدين لأغراض إجرامية، على رفض الإعتراف بمسؤوليته في تدبير وتطبيق سياسة تدعو إلى ما يزعم جهادا ضد الأمة ومؤسسات الجمهورية". * وبشأن إجراءات دعم سياسة التكفل بملف المفقودين، نص الميثاق: "إن الشعب الجزائري يذكر بأن ملف المفقودين يحظى بإهتمام الدولة منذ عشر سنوات"، ويذكر كذلك بأن "مأساة الأشخاص المفقودين هي إحدى عواقب آفة الإرهاب وإنه يؤكد أيضا أن تلك الإفتقادات كانت في العديد من الحالات بفعل النشاط الإجرامي للإرهابيين الذين إدعوا لأنفسهم حق الحكم بالحياة أو الموت على كل إنسان جزائريا كان أم أجنبيا".