توفي أمس الأول الكاتب الماركسي المصري محمود أمين العالم عن عمر يناهز 87 عاما بعد أكثر من نصف قرن من المعارك السياسية والثقافية. * ولد العالم بالقاهرة يوم 18 فيفري عام 1922 وتخرج من قسم الفلسفة في كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (القاهرة الآن) عام 1945 وحصل على الماجستير عام 1953 عن بحث عنوانه (فلسفة المصادفة الموضوعية في الفيزياء الحديثة ودلالتها الفلسفية) وسجل بحثا للدكتوراه حول (الضرورة في العلوم الإنسانية)، إلا انه حرم من الدكتوراه بسبب فصله من الجامعة عام 1954 مع عدد من الأساتذة لأسباب سياسية، ثم التحق بمجلة "روز اليوسف" التي كتب فيها مقالات في النقد الأدبي مستكملا ما بدأه مع رفيقه عبد العظيم أنيس حين ردا على مقال عميد الأدب العربي طه حسين حول (مفهوم الأدب). وبهذا المقال بدأت معركة في النقد الأدبي تهدف إلى الانتصار للاتجاه الواقعي. وأصدر العالم وأنيس عام 1955 كتاب (في الثقافة المصرية) يردان فيه على عدد من نقاد الجيل السابق ومنهم عباس محمود العقاد وطه حسين الذي وصف الكتاب بأنه "يوناني فلا يقرأ"، في حين اتهمهما العقاد في صحيفة (أخبار اليوم) بالشيوعية وقال "أنا لا أناقشهما وإنما أضبطهما. إنهما شيوعيان". واعتقل العالم مع الشيوعيين الذين اعتقلهم نظام الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر في مطلع عام 1959 وتعرضوا لتعذيب راح ضحيته شيوعيون منهم شهدي عطية الشافعي، ثم أفرج عنهم عام 1964. وبعد موت عبد الناصر عام 1970 واختيار أنور السادات رئيسا للبلاد بدأ صدام مع السلطة الجديدة فاعتقل من وصفهم السادات بمراكز القوى. ووجهت له ولآخرين تهمة الخيانة العظمى وبعد الإفراج عنه سافر إلى بريطانيا للعمل بإحدى الكليات، ثم اتصل به صديقه المفكر الفرنسي جاك بيرك (1910 - 1995) واقترح عليه التوجه إلى باريس فذهب ليعمل في جامعة باريس مدرسا لمادة الفكر العربي منذ عام 1973 حتى عام 1984. وخلال تلك الفترة أنشأ مع بعض المصريين مجلة شهرية هي (اليسار العربي) التي كانت تدافع عن قضايا الوحدة العربية والديمقراطية والتحرر السياسي والاقتصادي. وشارك العالم في الجبهة الوطنية المصرية المناهضة لسياسة السادات عندما بدأ مشروعه للصلح مع إسرائيل. وحصل العالم على جائزة الدولة التقديرية من مصر عام 1998، كما منحته مؤسسة "ابن رشد" في برلين جائزتها عام 2001.