الوساطة الجزائرية تؤتي أكلها تكللت الوساطة الجزائرية أخيرا بإعادة السلم إلى المناطق الشمالية لدولة مالي المحاذية للحدود الجنوبية للبلاد، حيث احتضن أمس مهبط الطائرات بمدينة كيدال التي كانت مسرحا لمعارك طاحنة بين الجيش النظامي والمتمردين التوارڤ (سابقا)، حفلا تم خلاله تسليم ما لا يقل عن 500 عنصر من المتمردين سلاحهم، بعد تأجيله لأكثر من مرة، وأعلنوا انضمامهم لاتفاق السلام الموقع في الجزائر. * وقد أشرف على عملية تسليم الأسلحة، كل من الجنرال كافوغونا كوني، وزير الإدارة الإقليمية والجماعات المحلية المالي، وعبد الكريم غريب، سفير الجزائر بباماكو بصفته الجهة التي لعبت دور الوسيط في النزاع منذ تفجره، ونجح في جمع الطرفين إلى طاولة الحوار في أكثر من مرة، خلصت إلى توقيع الطرفين لاتفاق في جويلية 2006 بالجزائر، ينهي مظاهر التسلح في المنطقة، وهو الاتفاق الذي خرق أكثر من مرة قبل أن يتدخل الجيش النظامي في النهاية ويحسم الأمر بتشتيت عناصر أكبر فصيل متمرد في المنطقة، وهو الذي يقوده الزعيم إبراهيم آغ باهانغا. * وتنتمي العناصر ال 500 التي ألقت سلاحها، إلى التحالف الديمقراطي من أجل التغيير في شمال مالي، وهو الطرف الرئيس في اتفاق الجزائر والتنظيم الذي رفع السلاح في وجه الحكومة المركزية في باماكو، على خلفية مطالبتهم بتوزيع عادل لمتطلبات التنمية للمناطق الشمالية مقارنة بالمناطق الوسطى والجنوبية لدولة مالي، متهمين حكومتها بالتمييز العرقي بين الزنوج الذين يسيطرون على السلطة، والرجال الزرق (التوارڤ) البدو الرحل الذين يتمركزون في الشمال. * واعتبر السفير غريب بالمناسبة في مداخلة له خلال الحفل، ما حصل أمس ب "الخطوة الجديدة والحاسمة التي تحققت على طريق تجسيد الالتزامات التي أكدنا عليها بإلحاح في إطار اتفاق الجزائر"، مشيرا إلى أن "هذا النجاح يعد أيضا ترجمة للإرادة الراسخة للجزائر، التي لم تدخر أي جهد من أجل مساعدة شعب مالي الشقيق على العودة لانتهاج طريق السلام والاستقرار والتنمية". * وأهم ما ميز حفل تسليم أسلحة المتمردين السابقين، هو حضور بعض المحسوبين على الزعيم إبراهيم آغ باهانغا، الذي لا زال يرفض الانصياع لاتفاق الجزائر، ما يعني أن انشقاقا قد حصل على مستوى جناح هذا الزعيم التارڤي، الذي لا يزال يجهل مكان تواجده، منذ أن غادر التراب المالي هربا من الهجوم الذي قاده الجيش النظامي مطلع الشهر الجاري على معاقل أنصار باهانغا. * ويرفض باهانغا ومن تبقى من أنصاره اتفاق الجزائر على خلفية تشدد الحكومة المركزية في باماكو في تعاطيها مع قضية إطلاق سراح الموقوفين لديها من عناصر التوارڤ، في الوقت الذي التزم فيه المتمردون (سابقا) بإطلاق عشرات الجنود النظاميين، الذين كانوا موقوفين لديها، وهو ما دفعه لحمل السلاح مجددا بعد هدنة وجيزة، مفضلا الانخراط في مسعى جديد بوساطة ليبية. *