تعهدت الدول التي شاركت في مؤتمر إعادة إعمار قطاع غزة الذي عقد أمس الاثنين في شرم الشيخ المصري بالتبرع بالأموال ليس فقط لإعادة إعمار القطاع المدمر، وإنما لدعم سلطة الرئيس محمود عباس في الضفة الغربية أمنيا واقتصاديا. * * سامي أبو زهري ل"الشروق": نرفض توظيف الأموال العربية لخدمة الأهداف الصهيونية * وأعلنت الولاياتالمتحدة على لسان وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون أنها ستقدم مساعدات إجمالية للفلسطينيين قيمتها 900 مليون دولار من بينها 300 مليون فقط ستذهب مباشرة إلى قطاع غزة، أما بقية الأموال فستخصص للسلطة الفلسطينية. وأكدت كلينتون أنها حصلت على "ضمانات" من محمود عباس بألا تذهب المساعدات إلى حركة حماس. * وكشف المتحدث باسم الخارجية الأمريكية روبرت وود في تصريح صحفي أن إدارة الرئيس باراك أوباما تعتزم توجيه نحو 300 مليون دولار فقط من إجمالي ال(900 مليون دولار) المقدمة لفلسطين لإعادة أعمار غزة، و200 مليون دولار لتقليل العجز في ميزانية السلطة و400 مليون دولار لتعزيز سلطة الرئيس أمنيا وسياسيا من خلال تنفيذ مشروعات اقتصادية تنموية. * وبدوره، قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في كلمته إن فرنسا ستستمر في تقديم مساعداتها لغزة، و لكنه شدد على أن المساعدات التي ستقدمها بلاده لن تقتصر على غزة، ولكنها ستشمل الضفة الغربية قائلا: "سنوجه مساعدات للسلطة الفلسطينية؛ لأنه ليس ذنبا أن يؤخذ على السلطة أنها أرست الهدوء والاستقرار في الضفة". فيما يقدم الاتحاد الأوروبي نحو 550 مليون يورو لغزة وللسلطة. وأعلن الاتحاد الأوروبي على لسان منسق سياسته الخارجية خافيير سولانا أن أموال الإعمار ستحول إلى السلطة الفلسطينية، مؤكدا أنه لا داعي للبحث عن آلية أخرى تتولى الأمر بديلا عنها. * وتأمل السلطة الفلسطينية في جمع مساعدات قيمتها 2.8 مليار دولار منها 1.33 مليار لإعادة بناء غزة. علما بأن دول الخليج العربية تعهدت بتقديم 1.65 مليار دولار خلال خمس سنوات. ووفقا للخطة التي أعلنتها السلطة فإن إعادة الأعمار وإنعاش الاقتصاد تتطلبان 1,3 مليار دولار خلال عامي 2009 و2010 و1,5 مليار لتغطية العجز في موازنة السلطة الفلسطينية. * وافتتح مؤتمر إعادة إعمار غزة في منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر بحضور ممثلين عن أكثر من ثمانين دولة ومنظمة إقليمية ودولية، في حين غابت حركة حماس عنه. وخلال افتتاح المؤتمر، تركزت كلمات الوفود على الدعوة إلى تسوية سياسية للمشكلة الفلسطينية وفتح معابر قطاع غزة ومصالحة وطنية فلسطينية. * وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن جهود إعادة أعمار غزة ستبقى "مهددة في ظل غياب الحل السياسي". وقال "إننا ندرك جميعا أن جهود الإعمار والتنمية ستبقى قاصرة وعاجزة ومهددة في ظل غياب الحل السياسي". * وشدد عباس متوجها إلى القادة المشاركين في المؤتمر الذي تنظمه مصر والنرويج، "على الحاجة الماسة لتحقيق تقدم جوهري نحو الحل العادل"، داعيا قبل كل شيء إلى وقف جميع النشاطات الاستيطانية وخروج قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى خطوط 28 سبتمبر 2000، أي ما قبل انطلاق الانتفاضة الثانية. ودعا عباس المجتمع الدولي إلى مطالبة الحكومة الإسرائيلية التي ستتشكل إلى أن تؤكد "التزامها بحل الدولتين وبالاتفاقات الموقعة، ولا يمكن تخيل أي إمكانية لانطلاق عملية السلام مجددا قبل تلبية هذه المتطلبات". * وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أن إعفاء إسرائيل من الالتزام بالقانون الدولي هو "كارثة سياسية". وقال موسى في كلمته أمام المؤتمر أن "الحل للأوضاع في غزة لن يتم فقط بإعادة البناء وإنما أيضا بضمان أن هذا البناء لن يدمر مرة أخرى، وان على الاحتلال الإسرائيلي أن يلتزم بالقانون الدولي الإنساني وبصفة خاصة اتفاقية جنيف الرابعة التي تنظم أوضاع السكان تحت الاحتلال". واعتبر موسى أن "إعفاء إسرائيل من الالتزام بالقانون الدولي كارثة سياسية". وقال أن تدمير المنازل والمدارس والمرافق والبنى التحتية وتجريف الأراضي الزراعية "ممنوع ومحرم بمقتضى اتفاقية جنيف المعطلة". وبدوره وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل صرح في كلمته أمام المؤتمر مجددا أن الخيار بين السلام والحرب الذي قدمته مبادرة السلام العربية لإسرائيل لن يكون مفتوحا في كل وقت. وقال الأمير سعود الفيصل أن مبادرة السلام العربية التي أطلقت في قمة بيروت في2002 "لم تجد أي تجاوب من إسرائيل التي كان عليها كما قال خادم الحرمين الشريفين أن تدرك أن الخيار بين الحرب والسلام لن يكون مفتوحا في كل وقت وان المبادرة المطروحة اليوم لن تبقى على الطاولة إلى الأبد". * وفي السياق ذاته، قال سامي أبو زهري، الناطق باسم حماس، في اتصال هاتفي مع "الشروق"، إن الحركة تأمل أن يصب المؤتمر في صالح ما يريده الشعب الفلسطيني من إعادة إعمار ما هدمه الاحتلال الصهيوني في غزة، وهو ما يعني ضرورة أن يتجنب المشاركون فيه تسييس القضية، خاصة بعد ما ظهر أن تصريحات بعض الأطراف الخارجية تهدف إلى تسييس قضية إعادة إعمار غزة عبر تنفيذ مخططات صهيونية وأمريكية تريد عزل حماس عن الشعب وعن القضية الفلسطينية. * وأوضح أبو زهري أن هناك "آليات على الأشقاء العرب اعتمادها من أجل إعادة الإعمار، بعيدا عن التوظيف الأمريكي والصهيوني"، ولهذا فإن حماس "تدعو الدول العربية والإسلامية التي تعتبر المساهم الرئيسي في إعادة الإعمار إلى عدم تمكين الدول الغربية من فرض سياساتها واستغلال أموال العرب والمسلمين لفرض رؤيتهم المنحازة لصالح الكيان الصهيوني". * واستنكر الناطق باسم حماس عدم دعوة حركة المقاومة الإسلامية إلى مؤتمر شرم الشيخ رغم أنها طرف أساسي في القضية الفلسطينية وكذا قضية إعادة الإعمار، وقال إن ما حدث "غير مقبول وله دلالات كثيرة"، مذكرا في السياق ذاته بأن حماس تستمد سلطتها من صناديق الاقتراع والالتفاف الشعبي، بخلاف السلطة الفلسطينية التي قال عنها إنها "لا علاقة لها بالموضوع في غزة". * وفيما يخص استلام حكومة أبو مازن لأموال إعادة الإعمار، قال أبو زهري إن حماس ترفض إيصال الأموال عبر حكومة رام الله، لأنها "فاقدة للشرعية" و"لا تحظى بأي مصداقية بحكم ما تتهم به في تسيير المال العام الفلسطيني"، خاصة وأن حكومة رام الله "حرمت أكثر من 20 ألف موظف في غزة من رواتبهم، وهي تفصل ما تشتبه بانتمائه لحماس". * وأوضح أبو زهري أن حماس كانت تريد أن تتولى هي إعادة الإعمار في غزة، ولكن لم تجعل ذلك شرطا، لأن "هناك آليات يمكن للأشقاء العرب والمسلمين من خلالها توزيع الأموال والإشراف على مشاريع إعادة الإعمار، دون المرور بالضرورة على السلطة الفلسطينية".