آصف علي زرداري تعيش باكستان، الدولة الإسلامية النووية، هذه الأيام أزمة سياسية حادة بسبب تجدد الخلاف بين السلطة والمعارضة. والمفارقة أن المواجهة هذه المرة تدور بين حلفاء الأمس، وهما الرئيس آصف علي زرداري الذي يقود "حزب الشعب" الذي كان في صف المعارضة في عهد الرئيس السابق برويز مشرف، وبين زعيم المعارضة الحالية نواز شريف، وهو رئيس وزراء سابق ويتولى رئاسة حزب "الرابطة الإسلامية". * واندلعت الأزمة الراهنة الأسبوع الماضي بعد ما عاد المحامون إلى مطالبهم القديمة القاضية بضرورة إعادة القضاة الذين أقالهم الرئيس السابق برويز مشرف إلى مهامهم وبينهم القاضي افتخار محمد شودري الرئيس السابق للمحكمة العليا، حيث شرع هؤلاء في حركة احتجاجية واسعة انضم إليها نواز شريف الذي دخل في صراع مع الرئيس منذ الخامس والعشرين من الشهر الماضي بعدما أصدرت المحكمة العليا قرارا يقضي بمنعه وشقيقه شهباز من الترشح إلى الانتخابات والمشاركة في اجتماعات عامة. وقررت هذه الحركة الاحتجاجية التي يشارك فيها أيضا حزب "الجماعة الإسلامية"، وهو أحد أحزاب المعارضة الرئيسية في باكستان مواصلة "المسيرة الطويلة" والتوجه إلى العاصمة اسلام أباد رغم حظر التظاهر الذي أعلنته الحكومة واعتقالها لمئات الأشخاص هذا الأسبوع في كل أنحاء البلاد، رغم إغلاقها لمخارج المدن الرئيسية لمنع وصولهم إلى العاصمة. ومع إصرار المتظاهرين على عدم التراجع عن قرارهم، أمرت الحكومة أمس الأحد بوضع نواز شريف قيد الإقامة الجبرية لمدة 3 أيام في منزله في قلب مدينة لاهور بشرق باكستان معقل نفوذه. كما وضع أيضا شقيقه شاهباز شريف وكبار زعماء الحزب الآخرين قيد الإقامة الجبرية. وفي كلمة له أمام حشود من المتظاهرين أمام منزله، وصف نواز شريف وضعه في الإقامة الجبرية بأنه غير مشروع ومخالف للدستور، وقال أنه سيتحدى القرار ويخرج. * وموازاة مع القبضة الحديدية التي يمارسها ضد خصومه في المعارضة، يقود الرئيس آصف علي زرداري، وهو زوج الراحلة بنازير بوتو حملة من التحركات السياسية رفقة رئيس وزرائه يوسف رضا جيلاني، وتشير التقارير الإخبارية المتواردة إلى أن الحكومة وافقت على معالجة قضية إعادة القضاة، بالالتزام بالمبادئ التي تم التوافق عليها في ميثاق للديمقراطية، تم التوقيع عليه في عام 2006 بين نواز شريف وزوجة زارداري الراحلة، رئيسة الوزراء السابقة بنزير بوتو، غير أن الوثيقة تعهدت فقط بنظام قضائي مستقل، وإعادة الديمقراطية وليس إعادة القاضي محل النزاع إلى منصبه. ويأتي هذا الاقتراح في أعقاب تقديم وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون دعوات للحوار وحل الأزمة. مع العلم أن إدارة باراك أوباما تنظر بقلق إلى ما يحدث هذه الأيام في اسلام أباد التي تعتبرها الجبهة الأساسية لمحاربة القاعدة وطالبان في الدولة المجاورة أفغانستان.