للصندوق يا منتخبين.. صورة: الشروق عجز المتسابقون نحو قصر المرادية عن بلورة خطاب ينطلق من رحم معاناة الشعب، خلال أيام الحملة الانتخابية، التي تنتهي الاثنين في جو من البرودة طبع خطابات جل المرشحين، زاد من حدته الالتهاب الفاحش لأسعار ما يقتاته المواطن يوميا، في مشهد درامي غير مسبوق. * وعلى عكس حملة رئاسيات 2004، تميزت الحملة الحالية بفتور كبير، فلا المنشطون لحملة المرشحين تمكنوا من شغل حتى الفضاءات التي خصصت لموعد التاسع أفريل المقبل، ولا هم تمكنوا من إثارة انتباه المواطن العادي، الذي غرق في وحل مشاكله اليومية، فبدا وكأن أمر الانتخابات لا يعنيه، بالرغم من أهمية هذا الموعد بالنسبة لحياة المواطن اليومية ومستقبل البلاد بصفة عامة. * ويتحمل المرشحون جزءا من المسؤولية في برودة تعاطي المواطن مع الحملة الانتخابية، بسبب طبيعة المادة الخطابية التي سوقوها على مدار أكثر من أسبوعين من المهرجانات والتجمعات والعمليات التحسيسية والجوارية، حرص من خلالها المرشح المستقل بوتفليقة، على مغازلة الجزائريين عبر بوابة ما وصفها رفقة مساعديه ومنشطي حملته الانتخابية، "الإنجازات" التي حققها طيلة العهدتين المنقضيتين، سيما ما تعلق بتحسن الوضع الأمني بعد عشرية من ظلام العنف الأعمى، واسترجاع البلاد لهيبتها في الداخل والخارج، وبعث مسيرة التنمية عبر إطلاق مشاريع كبرى. * وبالمقابل لم يتمكن بقية المرشحين من بلورة خطاب قوي ومباشر، قادر على حشد المواطن بالمقدار الذي يدفعه نحو التعاطي بالكيفية المطلوبة مع موعد التاسع أفريل المقبل، يستمد قوته من الواقع ومن رحم معاناة الناخب الذي يقطن في قلب الجزائر العميقة، العاجز عن تحصيل قوت أولاده ليس بسبب محدودية الأجر مقارنة بمستوى المعيشة فحسب، ولكن جراء عدم إتاحة الفرصة أمام الملايين من الإطارات الجامعية وغير الجامعية، من الحصول على منصب شغل يصون له كرامته ومورد يغنيه عن التسول. * فخطابات المرشحين انشغلت جلها بالرد على بوتفليقة، مشككة في وفائه بالوعود التي أطلقها في الحملة الانتخابية لرئاسيات 2004، سيما ما تعلق منها بالمليون سكن والمليوني منصب عمل، وهي الشكوك التي رفعها أكثر من مرة مرشح حركة الإصلاح الوطني، محمد جهيد يونسي، الذي اتخذ من انشغالات الشباب وتفشي ظاهرة قوارب الموت، محورا للملفات التي بنى عليها حملته الانتخابية. * في حين انطلق المرشح محمد السعيد، من مشاكل محيط تخصصه ليحرج المرشح المنتهية ولايته، على خلفية "الغلق المنظم" للحياة السياسية والإعلامية في البلاد، التي تبقى برأيه محل توظيف من طرف السلطة لخدمة أهدافها، وهو الأمر الذي اعتبره القيادي السابق في حركة الوفاء والعدل، يتعارض مع النصوص الدستورية ويتنافى مع قوانين الدولة. * أما مرشح الجبهة الوطنية، موسى تواتي، فقد لعب على وتر "الحڤرة"، التي قال إن السلطة تمارسها بحق المواطن، وتنتزع من الشعب شرعية إسناد المسؤوليات وتحتكرها على أسس فئوية وعصبوية، عكس مرشحة حزب العمال، لويزة حنون، التي عجزت عن تجاوز خطابها الإيديولوجي الذي أصبح جزءا من الماضي، بحيث لم تخل تجمعاتها من محاربة الخصخصة واقتصاد السوق، فضلا عن دعواتها المتكررة لتأميم ثروات الدولة ووضعها بيد الشعب، عكس مرشح عهد 54 فوزي رباعين، الذي رفع لواء الدفاع عن القضاة واستقلال العدالة وتوزيع الثروة بشكل عادل.