الشهادت تباع وتشترى في مدينة "بريكة" بولاية باتنة تواجه صيدلية عقوبة السجن بعد أن أجّرت دبلومها لطبيبة فتحت لزوجها التاجر صيدلية لبيع الدواء و القضية قيد التحقيق والصيدلية محل بحث * * الظاهرة طالت حتى ديبلومات المحاسبة، الحلاقة ومعاهد التكوين المهني * صيادلة مزيفون باعوا أقراصا مهلوسة وورطوا أصحاب الديبلومات * مهندسون على الورق مقابل 20 ألف دينار للمشروع الواحد * * وفي ولاية المدية أدخل مقاول السجن، بعد أن منح وثائق مهندس مدني يعمل ضمن فريقه من أجل بناء المشروع، ليكتشف فيما بعد أن المهندس لم يقدم أي دراسة في المشروع وإنما كان فقط مهندسا على الورق، وأن الوثائق التي قدمت لإنجاز المشروع تم استئجارها من طالب حديث التخرج بمبلغ 20 ألف دينار. * أخذت ظاهرة كراء الشهادات و"الديبلومات" منعرجات خطيرة في الآونة الأخيرة، كما لم تعد تمس فقط شريحة خريجي معاهد الصيدلة، لتمس بشكل واسع ديبلومات معاهد الهندسة، التسيير، العلوم التجارية والإقتصادية.. وحتى ديبلومات معاهد التكوين المهني كالحلاقة والنجارة والمحاسبة التقنية.. كل هذا نتيجة لإنعدام فرص ومناصب شغل دائمة. * بحثا في الموضوع، أكد عدد من الصيادلة أن سبب تنامي الظاهرة يعود إلى عدم قدرة خريجي الجامعة، على فتح صيدليات بالنظر إلى التكاليف المادية الباهظة التي تستلزم فتح صيدلية، وفي هذا يتحدث أحد الطلبة خريح كلية الصيدلة بالعاصمة بأنه بالرغم من وجود قانون يمنع تسيير الصيدلية من طرف شخص آخر، إلا أن ذلك لم يمنعه من التفكير في كراء ديبلومه لمدة 12 شهرا بمبلغ 35 ألف للشهر الواحد عندما عرض عليه أحد الأطباء هذا الثمن، قبل أن يفكر الطالب الجامعي بالتراجع عن فكرته إلى حين تدبر أموره المادية. * في الموضوع دائما يؤكد بلعميري عضو النقابة الوطنية للصيادلة أن ثمن كراء خريجي معاهد الصيدلة لديبلوماتهم وصل إلى خمسة ملايين للشهر الواحد، قائلا "أن النقابة رفعت رسالة إلى رئاسة الجمهورية والوزير الأول للتدخل للحد من الظاهرة، لأنها وصلت إلى ذروتها، فمن غير المعقول أن نصل إلى رقم صيدلي لكل 2900 مسكن، فيما أن القانون ينص على أن يكون هناك صيدلي لكل 5000 مسكن. * * صيادلة مزيفون بوثائق رسمية من أجل بيع الأقراص المهلوسة * حادثة بريكة التي لايزال التحقيق فيها متواصلا، تؤكد أن إحدى الطبيبات العاملة بإحدى المستشفيات قامت باستئجار شهادة صيدلي من مهاجرة لتمكن زوجها "التاجر" الذي لا يملك ديبلوما في المهنة من فتح الصيدلية، ليكتشف فيما بعد أمر هذه الأخيرة، وتورط معها صاحبة الديبلوم الأصلي في القضية، وفي حوادث أخرى يكشف أصحاب المهنة، عن مساومة تجار لأصحاب الديبلومات من الصيدلة للبطالين وتمكينهم من فتح صيدليات من أجل بيع الأقراص المهلوسة للمدمنين، وفي هذا، أكد عضو النقابة الوطنية للصيادلة أن هناك من الصيادلة من يقبعون في السجون بسبب استئجار شهاداتهم ودخولهم في مشاكل لم يتسببوا فيها، كما تحدث عن آخرين أصدورا شيكات بلا رصيد وخلفوا ديونا وهاجروا إلى الخارج، مورطين أصحاب الديبلومات الحقيقية. * من الناحية القانونية تنص المادة 289 من القانون رقم 85/05 على كل صيدلية يجب أن تكون ملكا ومسيرة من طرف الصيدلي الذي هو يملك ديبلوم المهنة. * وقد دعت نقابة الصيادلة إلى تدخل مكتب أخلاقيات المهنة لوقف ابتزاز أصحاب المال لخريجي معاهد الصيدلة. * * مهندسون على الورق في بناء مشاريع مقابل 20 ألف دينار * اعترف أحد الشباب من خريجي الجامعات من حملة شهادة الهندسة المدنية، أنه منح لأحد المقاولين نسخة طبق الأصل مصادق عليها، إلى جانب شهادة الميلاد، من أجل تمكن المقاول من تقديم ملف إنجازه لأحد المشاريع، مقابل 20 ألف دينار، دون أن يقدم هذا الأخير خبرته أو أي دراسة، الشاب وإن أصبح الآن موظفا، إلا أنه أكد أن العديد من زملائه وأمام نقص مناصب الشغل يقومون باستئجار شهاداتهم للمقاولين، حتى يتمكنوا من إنجاز المشاريع. * كراء الديبلومات لم تقتصر وفقط على طلبة الصيدلة والهندسة، لتمتد حتى إلى أصحاب "ديبلومات" التجارة، المحاسبة، السكرتارية، العلوم التسييرية، حيث يعمد أصحاب مكاتب المحاسبة إلى إيداع طلب الحصول على سجل تجاري بتوظيف أسماء عدد من المحاسبين، لكنهم في الحقيقة مجرد محاسبين على الورق فقط، تماما مثلما يفعله المقاولون. * ظاهرة كراء الشهادات لم تعد فقط تمس فئة الإطارات من خريجي الجامعات من صيادلة ومهندسين، بل أنها امتدت حتى لتشمل أصحاب ديبلومات معاهد التكوين المهني على غرار "الحلاقة"، هذه الأخيرة التي عمد أصحاب المال إلى شراء ديبلومات الحلاقة لفتح محلات خاصة، توظف فيها في أغلب الأحيان متربصات بأجور شهرية أو حتى فتح محلات للنجارة عن طريق استئجار ديبلومات خريجي المعاهد التي تمنح مثل هذا التكوين. * وبين من يرى في الظاهرة محاولة للإسترزاق عن طريق الكراء، وبين من يرى فيها تجاوزا على القانون، يبقى المئات من خريجي الجامعات يلجأون إليها مرغمين. *