صورة من الأرشيف كشف الشريط الأخير الذي أصدرته "الجماعة السلفية" وجود أزمة مرجعية شرعية لدى أنصار هذا التنظيم فيما يتعلق بمشروعية العمل المسلح وحكم العمليات الانتحارية من الناحية الشرعية، بعدما عرف هذا الأسلوب إدانة كبيرة من طرف العلماء والمرجعيات الدينية في العالم الإسلامي، حيث تناقلت فتاواهم الفضائيات والصحف ومواقع الأنترنت، وهو ما أربك التنظيم الذي أراد البحث عن مرجعيات شرعية تزكي مساره الذي انقلب عليه كثير من منظرّي الحركات الجهادية في العالم. * وحرصت "الجماعة السلفية" إلى تبرير لجوئها لأسلوب العمليات الانتحارية بالإشارة إلى ما كتبه أبو يحيى الليبي في "نثر الجواهر في مناقشة المعترض على تفجيرات الجزائر"، وهي تعليقات كتبها حسن محمد قائد المكنى بأبي يحيى الليبي، أحد قياديي الجيل الثالث لتنظيم القاعدة، على اعتراضات الشيخ السعودي ناصر العمر التي اعترض بها على التفجيرات التي حدثت في الجزائر، كما كتب أبو يحيى الليبي بحثا حول "التترس في الجهاد المعاصر". وتُدرج الجماعة السلفية ضمن مرجعياتها ما كتبه يوسف العييري قبل سنوات، ومن ذلك بحثه "العمليات الاستشهادية.. انتحار أم شهادة"، وهي في مجملها بحوث تتحدث عن العمليات الانتحارية وحكمها الشرعي، وربطها بقضية "التترّس" التي ترد في كتب الفقه. * وسبق وأن حاول مفتي "الجماعة السلفية" المكنى بأبي الحسن رشيد البليدي تبرير تفجيرات 11 أفريل 2007بعد اعتراضات كثيرة حول مشروعية هذه الأعمال، وأشار فيها إلى بعض العلماء والدعاة المعاصرين الذين أجازوها وتحدثوا عن مشروعيتها، مثل الشيخ يوسف القرضاوي وسلمان العودة، دون الإشارة إلى أن من أفتى بجوازها من العلماء المعروفين كان يقصد بها ما تقوم به المقاومة الفلسطينية في فلسطين أثناء مقاومة الكيان الصهيوني، ولم يفت أحدهم بجوازها في الدول المسلمة، وقد اعتبر أبو الحسن البليدي أن "تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي ليس أول من فتح باب العمليات الاستشهادية واعتمدها كأسلوب قتالي بحيث يطالب بتأصيلها، لكن له سلف فيمن سبقه من جماعات الجهاد"، وهو ما يعني ضمنا تجاوز هذه النقطة الحساسة التي تقف عليها مشروعية هذا المسلك، مع الإشارة إلى أن "جماعة حماة الدعوة السلفية" قد نشرت ما أسمته 'الرد المختصر على أجوبة أبي الحسن رشيد حول مشروعية التفجيرات في الجزائر"، حيث اعتبرت أن العمليات الانتحارية غير مشروعة "لمخالفتها الدليل الشرعي الصحيح، ولافتقادها النظر السديد ولمفاسدها التي لا ينكرها عاقل"، كما ورد في رد التنظيم المذكور. كما أن أحد مرجعيات الجماعات، وهو الشيخ أبو بصير الطرسوسي، قد كتب بحثا أسماه "محاذير العمليات الاستشهادية أو الانتحارية"، وقال إن "هذه العمليات هي أقرب عندي للانتحار منها للاستشهادية.. وهي حرام لا تجوز". *