بلا شك ولا اختلاف، مباراة المنتخب الوطني بنظيره المصري ستكون طيلة تسعين دقيقة مواجهة تكتيكية على المستطيل الأخضر، وهي بالتالي مواجهة حادة بين اللاعبين وربما بأكثر حدة بين المدربين. وكما يقول خبراء كرة القدم، فإن اللاعبين هم الذين يصنعون خطة اللعب وليس العكس. وبمعنى آخر أن عبقرية أي مدرب ستكون أمام محك قدرة اللاعبين على تنفيذ خططه وإذا فشلوا فشلت الخطة. * * معركة شرسة في الوسط * حتى وإن كان المدربان رابح سعدان وحسن شحاتة قد تكتما عن التعداد الذي سيبدأ المباراة اليوم، فإن طبيعة المباراة والحساسية المحيطة بها ستجعلها مقابلة "الحسابات والحسابات المضادة". من المؤكد أن لا خبرة سعدان ولا حنكة شحاتة ستغير شيئا من المعطيات التي ستحكم المواجهة. سنشاهد فريقا مصريا متمركزا في منطقته على الأقل خلال الثلث الأول من الوقت، قبل القيام بمحاولة الخروج ونقل الخطر إلى مرمى الخصم بالاعتماد على لاعبين يملكون القوة والاندفاع باتجاه مساحة المرمى. ولا بد من القول أن الكشف عن التشكيلتين قد يغير بنسبة كبيرة طريقة لعب المنتخبين وهذا احتمال وارد جدا. * * المنتخب الوطني وفي لتوازنه * وبالرغم من أن المدرب الوطني رابح سعدان يدرك بأن المباراة ضد منتخب مصر ستكون صعبة للغاية ومفتوحة على كل الاحتمالات، فإنه - كما قال في عدة مناسبات- سيبقى وفيا للتوازن في التشكيلة. وعليه فلا شك أن الناخب الوطني سيعمل على حضور الخضر القوي في افتكاك الكرة والاحتفاظ بها لحرمان المصريين من بناء الهجمات من وسط الميدان بالذات. ولتحقيق هذا الغرض، سيعتمد سعدان على "المقاتلين" أمثال لموشية ومنصوري الذين سيتولون مهمة "تكسير" ما يحاول المصريون بناءه، فاللاعبان المذكوران توليا نفس المهمة في مباريات سابقة، والحقيقة هي أن المدرب لا يملك حرية الاختيار في منطقة الوسط بالذات. ولتنشيط النزعة الهجومية انطلاقا من الوسط، لا مفر من إشراك لاعبين قادرين على نقل الخطر واللعب بسرعة سواء كان ذلك بالتمرير الدقيق أو الهجوم في الثلاثين مترا الأخيرة. ولم يعد سرا على أحد أن زياني سيكون محور اللعب في المساعدة على استرجاع الكرة وفي ذات الوقت محاولة اختراق الجدار المصري المعروف بعدم تلقيه أهداف كثيرة. * * 3-5-2 سلاح سعدان الأخير * حتى و إن كان عدم الكشف عن التشكيلة الأساسية يجعل من الصعب تصوّر الطريقة التي سيخوض بها المنتخب الوطني المباراة ضد مصر، لكن بعض المؤشرات تبين بوضوح بأن سعدان قد يلجأ إلى الدفع بخمسة لاعبين في الوسط لأنه يعرف بأن خلق التفوّق العددي في الوسط قد يكون مفتاح الحل لمواجهة قوة المنتخب المصري. وإذا كان هذا الاحتمال صحيحا، فإن إضافة نذير بلحاج ولاعب خامس ذو نزعة هجومية ستجعل حضور"الخضر" قويا في مباراة اليوم. ويجب القول كذلك بأن لجوء المدرب الوطني لهذا الخيار يعني من جهة أخرى، أن تواجد ثلاثة مدافعين في الخط الخلفي قد يخلق بعض المتاعب إذا أخذنا بعين الاعتبار فعالية وقوة المهاجمين المصريين. وبكل تأكيد أن المنتخب الوطني لن يكون وحده في معركة الوسط، التي سيحاول فيها حسن شحاتة اللعب على أخطاء المنتخب الوطني التي قد يخلفها الضغط المستمر على الوسط الجزائري، وهذا يعني بأن المباراة ستبدأ في الوسط وتنتهي فيه. * * مفاتيح شحاتة لهزم الجزائر * الاعتماد على طريقة 4 42 وقوة نجوم الوسط ورقته الرابحة * منذ وصول المنتخب المصري إلى الجزائر وكل شيء يسير في سرية تامة داخل وفد "الفراعنة"، حيث أعطيت تعليمات صارمة لعزل اللاعبين عن محيط المباراة، من خلال إجراء التدريبات بعيدا عن الأعين، مثلما حدث في الحصة التدريبية الأولى لأشبال حسن شحاتة، ساعات بعد وصولهم إلى الجزائر. * واتصلت الاتحادية الجزائرية لكرة القدم بالمسؤول الأول لمديرية الشباب والرياضة لولاية البليدة، لتعلمه بضرورة أخذ كل الاحتياطات لأن تجري الحصة التدريبية الأولى للفراعنة بدون حضور الجمهور، واقتصر الدخول إلى الملعب على المكلّفين بالإنارة وتنظيف غرفة تبديل الملابس فقط. * والواضح أن شحاتة اختار الاحتفاظ بنفس النسق الذي ميّز تحضيرات فريقه في القاهرة قبل التحوّل إلى الجزائر، نسق يتميز بالتكتم والمناورات السرية التي امتدت إلى غاية اللحظات الأخيرة من الإعداد لموعد الأحد. * ويواصل شحاتة الاجتماع قبل كل تمرين بلاعبيه محاولة منه لبث روح الفوز بداخلهم، ومنذ العودة من سلطنة عمان و"المعلم" يحرص يوميا على تحفيظ لاعبيه طريقة لعب لم يستخدمها أمام بطل الخليج لأنه ببساطة كان يعلم أن رابح سعدان يتابعه، فحاول التمويه باللعب بأكثر من طريقة في المباراة والإكثار من التغييرات خلال اللقاء الذي انتهى بفوز الفراعنة بهدف نظيف للنجم الدولي محمد أبوتريكة لاعب الأهلي المصري. * * الحصار امتد من عمان إلى الجزائر مرورا بالقاهرة * المؤكد من خلال التدريبات الأخيرة للمنتخب المصري أن حسن شحاتة لن يلعب بنفس الطريقة التي خاض بها مباراة عُمان الودية، وأنه سيعتمد على وسط ملعبه المدجّج بالنجوم واللاعبين الأفذاذ ممن يمتلكون خبرة السيطرة على وسط الميدان. واعتمد شحاتة خلال التدريبات الأخيرة على تكثيف التواجد في وسط الملعب مع تحفيظ لاعبيه مهامهم وكيفية الاحتفاظ بالكرة في منطقة الوسط لأطول فترة ممكنة مع الحرص على عدم فقدانها في وسط الملعب حتى لاتشكل خطورة على مرمى عصام الحضري حارس المنتخب المصري، نظرا لما يتمتع به لاعبو الجزائر من القوة والسرعة وإمكانية تنفيذ الهجمات المرتدة بدقة شديدة في أقل وقت. * وكان الرجل قد أخرج 5 لاعبين من حساباته نهائيا، ربما لأنهم لم يستطيعوا تنفيذ ما كان يفكر فيه ولا استيعاب طريقة لعب 442 التي يحاول المدير الفني المصري تحفيظها للاعبيه. * * ملامح التشكيل الأساسي اتضحت بعد العودة من مسقط * وحملت التدريبات الأخيرة ملامح التشكيل الذي سيخوض به شحاتة مباراة الجزائر فلا خلاف على أن عصام الحضري سيحرس مرمى الفراعنة رغم تلقيه نبأ إيقافه عن اللعب من الفيفا ورغم أن الحضري قد يكون متوترا في هذه الآونة إلا أن الجهاز الفني يعوّل على خبرة الحارس الدولي وأفضل حراس إفريقيا في الأعوام الأربع الأخيرة. * وفي الدفاع لاخلاف على الرباعي وائل جمعة وهاني سعيد في القلب وفي اليمين أحمد المحمدي وفي اليسار يفاضل شحاتة بين سيد معوض وأحمد سمير فرج لشغل مركز الظهير الأيسر، وفي وسط الملعب يعتمد المعلم أفضل لاعبي الوسط في تاريخ مصر على حسني عبدربه أحسن لاعب في بطولة إفريقيا 2008 بجواره محمد شوقي لاعب ميدلسبره الانجليزي وفي الجناح الأيمن أحمد حسن، رغم كل ما أثير في الفترة الماضية عن أن شحاتة لن يدفع به في اللقاء مفضلا عليه أحمد فتحي المتألق مع الأهلي المصري الفترة الماضية. لكن ترتيبات شحاتة تفضل القائد المصري بما يمتلكه من خبرة للسيطرة على وسط الملعب. مفاجأة حسن شحاتة للجزائريين في الجناح الأيسر حيث عكف المعلم طوال الفترة الماضية على الدفع بنجم المنتخب محمدزيدان لمساندة المهاجمين من الجناح الأيسر مع الدفع بمحمد أبوتريكة تحت رأس الحربة الوحيد عمرو زكي. ويحتفظ شحاتة على مقعد البدلاء بعناصر مهمة تمثل مفاجأة لسعدان وجهازه المعاون على رأسهم أحمد عبدالغني وأحمد رؤوف أقوى مهاجمي البطولة المصرية، وجاء ضمّهما لتعويض غياب المهاجم عماد متعب المصاب. ولديه في الدفاع أحمد سعيد أوكا الذي أثبت جدارة وكفاءة في تربص عمان وظهر بمستوى طيب للغاية. * ويمتلك شحاتة أكثر من لاعب مميز، لكن يبقى التشكيل السابق هو الأوفر حظا للدخول في أجواء المباراة من بدايتها مع الحفاظ على أن المدير الفني للمنتخب المصري لديه القدرة على التعامل مع المباراة باقتدار لكن يعيبه التوتر الزائد عن حده خلال المباريات.