صورة من الارشيف الأدوية كانت تخزّن بفيلا بقسنطينة بعلم مدير الصحة ومصالح الأمن والضرائب كشف متحدث باسم شركة "أوعيسى فارم" للأدوية، ومقرها ولاية سطيف في تصريحات ل"الشروق اليومي"، أن ضحايا عملية النصب والاحتيال التي قامت بها الشبكة التي كانت تروّج وتهرب الأدوية انطلاقا من ولاية قسنطينة، والتي كشفت عنها"الشروق اليومي" في عددها الصادر يوم الخميس 5 أوت الجاري، والذي يتجاوز عددهم 10 شركات دوائية من مختلف جهات الوطن. * وينسق المعنيون حاليا من أجل تعيين محامي دولي لتكليفه برفع دعوى قضائية على مستوى محكمة لاهاي، بهولندا ضد جميع الجهات التي تسترت على شبكة المافيا التي كانت تتاجر بكميات هائلة من الأدوية تجاوزت قيمتها 50 مليارا بدون أن تتحرك العدالة التي كانت على علم بالقضية ولا مصالح المديرية العامة للضرائب ولا الجهات الأمنية المعنية. * وأوضح المدير التجاري لشركة "أوعيسى فارم"، أن الجهات المتخصصة لم تتحرك رغم تبليغها بأدق تفاصيل قضية سرقة وتهريب وتخزين كميات كبيرة جدا من الأدوية كانت تتحصل عليها شبكة متخصصة في النصب والاحتيال والمتاجرة بالأدوية، باستعمال صكوك بدون رصيد لصيدلية بن دالي حسين نسيمة والتي كانت تسلمها عن طريق محاسبتها المدعوة "بيشة"، مضيفا أن جميع تلك الصكوك أودعت لدى النيابة العامة بمجلس قضاء قسنطينة، وهي الصكوك التي تملك "الشروق اليومي" نسخا منها وهي صكوك بمبالغ ضخمة جدا. وتساءل المتحدث، هل كانت تلك الأدوية تهرب إلى الخارج أم كانت تذهب إلى الإرهابيين، أم كان بعضها يوجه إلى السوق السوداء لإغراقها بالأقراص المهلوسة؟ مشيرا إلى أن شركته خسرت في القضية 6.5 مليار سنتيم، وهي قيمة الأدوية التي بيعت لهذه العصابة بفواتير صحيحة مقابل صكوك تبّين أنها بدون رصيد وهي موجودة الآن بحوزة العدالة. * وتجاوزت قيمة ثمانية صكوك قدمتها بن دالي نسيمة، لشركات الأدوية، هي بحوزة "الشروق"،18.51 مليار سنتيم، وكلها صكوك مؤشر عليها من الوكالات التابعة لبنك سوسيتي جنرال الجزائر، بأنها بدون رصيد، وهو الإجراء الذي يعاقب عليه القانون الجزائري، والملاحظ أن أغلبية الصكوك بدون رصيد، صادرة في وقت قياسي وهو شهر أوت 2008 لصالح الضحايا وهم شركات "زاد فارم" التي مقرها بولاية قسنطينة، ومخبر الجزائر الأدوية التي مقرها بولاية وهران، وشركة "أوعيسى فارم" بولاية سطيف، و"مامي فارم" بقسنطينة، وشركة "جيلو فارم" بذات الولاية، مقابل بعض العمليات شهري ماي وجوان من نفس السنة ونهايتها، وهو ما يتعارض في الأصل مع وتيرة النشاط العادية لصيدلية تجزئة، مما يعني أن تلك الكميات الكبيرة جدا كانت تأخذ وجهات أخرى، بعد دخولها المؤقت لمكان التخزين المذكور المبلغ بشأنه لمصالح الصحة والسكان ومديرية الضرائب والأمن والعدالة. * وأكد مدير شركة "ساني فارم" للأدوية التي مقرها بولاية قسنطينة في تصريحات ل"الشروق اليومي"، إن السيدة (ب. نسيمة)، كانت توهم شركات الأدوية، بأنها تحصلت على عقود مع المستشفى العسكري بن باديس بقسنطينة، مضيفا أنه في إحدى المرات قدمت طلبا بقيمة 24 مليار سنتيم، ولم تدفع من الفاتورة سوى 14 مليار سنتيم فقط، بعضها كان يأتي في علب كارتونية وأكياس بلاستكية، وبعد رفض الشركة استلام المبالغ نقدا كانت المتهمة تقوم بدفعها في حساب الشركة في البنك، قبل أن يتبين أن الصكوك المتبقية كانت بدون رصيد، تم تقديمها إلى مجلس قضاء قسنطينة في30 نوفمبر 2008، وهو التاريخ الذي أودعت فيه الشركة إدعاء مدني بالنصب والاحتيال والغش وإيهام الزبائن بوجود عقود وهمية مع المستشفى العسكري لولاية قسنطينة، ضد المعنية، لكن المفاجئة الكبرى هي الحكم على المتهمة بانتفاء وجه الدعوى، قبل طرح القضية أمام المحكمة العليا. * * صاحبة صيدلية تستعمل سمعة أبيها الإمام للإيقاع بشركات الأدوية * وقال المصدر، أن السيدة المعنية، كانت أيضا لا تتوانى في استعمال السمعة الطيبة لوالدها الذي يرأس جمعية "النور" لتعليم القرآن الكريم بولاية قسنطينة. مشيرا إلى أن صيدلية المعنية مغلقة منذ مدة بعدما قام بعض الضحايا من ولاية ڤالمة بمصادرة جميع الأدوية التي كانت في الصيدلية بعد رفضها دفع مقابل الكميات التي كانت تأخذها من عنده هو الآخر. * وسبق للشركات المذكورة تحذير مديرية الصحة والسكان، ومصالح الأمن ومصالح الضرائب والعدالة، من وجود شبكات إجرامية متخصصة في الابتزاز والتهرب والغش الجبائي وترويج كميات كبيرة من الأدوية خارج القنوات الرسمية، انطلاقا من ولاية قسنطينة. * وكشف ممثلون عن هذه الشركات في تصريح ل"الشروق اليومي"، أنهم أبلغوا جميع الجهات المعنية، بعد تعرضهم لابتزاز ونصب واحتيال من طرف هذه الشبكة المتشعبة والتي كانت تستعمل امرأة شابة تشتغل صيدلية خاصة، للإيقاع بضحايا الشبكة الإجرامية التي كانت تدفع بتلك الصيدلية إلى الواجهة. * وأكد كل من تحدثت إليهم "الشروق اليومي" من ممثلي الشركات الدوائية التي وقعت ضحية لهذه الشبكة الخطيرة، أنهم اكتشفوا وقوعهم في شرك الشبكة المذكورة بعد تقدمهم إلى البنوك، لتحصيل مستحقاتهم، حيث تبين لهم أن الصكوك كانت في الحقيقة بدون رصيد، وبعد الاتصال بالمصالح المعنية من شرطة ومصالح مديرية الصحة والعدالة ومصالح الضرائب لم تحرك تلك الجهات ساكنا مما فتح الباب لطرح أسئلة كبيرة عن التسهيلات التي كانت تتلقها تلك الشبكة، على الرغم من وجود شكاوى رسمية تقدمت بها عائلة منيعي محمد لمين ضده شخصيا، لأنه كان يخزن الأدوية التي تشتريها بن دالي حسين نسيمة في مرأب تابع لمسكن العائلة بالتواطؤ مع والده الذي يشتغل جواهرجيا وسبق الحكم عليه في قضية تهريب كميات من الذهب في القضية التي ألقي عليه القبض فيها من طرف جمارك ولاية بجاية، وهي نفس الوثائق التي بحوزة "الشروق"، والتي بلغتها من عائلة منيعي، الذي يشتغل هو الآخر صيدليا بحي الزيادية بولاية قسنطينة. * وأكد أفراد من عائلة منيعي محمد لمين، خلال تنقلهم إلى مقر "الشروق" بالعاصمة، أنهم قاموا بالتبليغ عن الممارسات التي كانت تحدث بمرأب مسكنهم خوفا من العواقب الخطيرة للاتجار بالأدوية خارج القانون، وخاصة بعد مشاهدتهم المتكررة لتردد بعض الأشخاص معروف عنهم أنهم يروّجون للأقراص المهلوسة بأحياء ولاية قسنطينة، وأضاف هؤلاء أن شكوكا راودتهم عن الوجهة التي كانت تأخذها تلك الكميات الكبيرة من الأدوية، التي قد تكون موجهة إلى الجماعات الإرهابية أو للتهريب إلى الخارج، لكن خيبة أملهم كانت كبيرة جدا عندما تبين أن جميع الجهات التي تم إبلاغها لم تتحرك. * وكشف أفراد عائلة منيعي، في تصريحاتهم ل"الشروق"، أن بن دالي حسين نسيمة، كانت تأتي عدة مرات إلى المرأب الذي يتم تخزين الأدوية بداخله، كما كانت مساعدتها "بيشة" تتردد كثيرا على المكان مع أصحاب الشاحنات وسيارات "ماستر" التي كانت تنقل الأدوية لتسلم إلى محمد لمين منيعي، الذي يعاود بدوره تسليمها لجهات مجهولة. وهو الشخص الذي كانت بن دالي تقدمه مرة على أساس أنه مدير مستشفى ومرة على أساس أنه مدير شركة دوائية، بغرض الإيقاع بأكبر عدد من الضحايا من شركات الأدوية. * * مدير الصحة والسكان لولاية قسنطينة: * "كنت على علم ولم أبلغ الجهات المعنية" * اعترف مدير الصحة والسكان لولاية قسنطينة، دعماش محمد ناصر، في تصريحات ل"الشروق اليومي"، بأنه لم يبلغ مصالح الشرطة القضائية ولا مصالح الدرك الوطني، بوجود أطنان من الأدوية مخزنة بطريقة غير شرعية لدى أحد الصيادلة في مكان غير معتمد من طرف مصالح مديرية الصحة والسكان. * وأكد دعماش، تلقيه شكوى ضد الصيدلي محمد لمين، مفادها أن هذا الصيدلي يقوم منذ مدة طويلة بتخزين كميات كبيرة جدا من الأدوية المختلفة بطريقة غير عقلانية ومنافية لشروط الصحة، بالرغم من أنه صيدلي تجزئة، حيث يقوم بعملية التخزين داخل مرأب مساحته حوالي 700م2 ملك لجميع الورثة، يقع في 33 شارع عواطي مصطفى، أين يقوم هذا الصيدلي بإدخال وإخراج كميات معتبرة يوميا بوجود أشخاص غرباء داخل المرأب الذي يعد ملكا جماعيا للعائلة. * وكشف مدير الصحة لولاية قسنطينة، أن القانون يجبره على تبليغ مصالح الأمن المختصة بوجود هذه التجاوزات الخطيرة، لكنه لم يوضح ل"الشروق" لماذا لم يبلغ مصالح الدرك أو الأمن الوطني المختصة سنة 2007، على الرغم من تلقيه لعدة بلاغات مكتوبة وشفاهية، من العائلة مالكة المرأب، وهي البلاغات التي نملك نسخا منها والمؤشر عليها بخاتم رسمي لمصلحة البريد الوارد لمديرية الصحة والسكان، ونسخة أخرى موجهة لمديرية الضرائب لولاية قسنطينة، ونسخة أخرى موجهة للنائب العام لولاية قسنطينة، ولكن الملفت أن جميع هذه المصالح لم تحرك ساكنا، على الرغم من وجود محضر إثبات حالة تم إعداده من طرف مكتب الأستاذ العايب باديس المحضر القضائي لدى مجلس قضاء قسنطينة، بتاريخ 26 ماي 2007، والذي أثبت وجود عدد معتبر من العلب تحتوي على أدوية مخزنة بالمرأب المذكور آنفا، وهي المعاينة التي بلغت لجميع الجهات المعنية ومنها مجلس قضاء قسنطينة.