في منطقة القبائل يختارون الأشد حفظا للإمامة والجوامع الكبرى تراهن على الأحسن أداء في نفس الأثناء التي ينهمك أرباب العائلات في اقتناء أواني وتوابل تضمن نكهة مميزة لموائد الإفطار، تكون اللجان الدينية للمساجد والقائمون على المصليات قد أنهوا سلسلة اجراءات ومفاوضات تدوم في أحيان كثيرة أشهرا لضمان حضور قراء لإمامة رواد المسجد في صلاة التراويح والتهجد وفق معاير مختلفة.. * * ليلة الجمعة القادمة هي ليلة الشك ومعها تنطلق صلاة التراويح في عدد من مساجد الجمهورية رغم أن كراهة العلماء لذلك، واستعدادا لذلك يعكف القراء على وضع اللمسات الأخيرة سواء في مراجعة القرآن الكريم أو التركيز على بدايات ونهايات الأرباع أو التنسيق مع مساعديهم بالنسبة للمساجد التي يؤم فيها الناس قارئان أو أكثر، وذلك بعد أن ضبطت اللجان الدينية والأئمة من يصلي التراويح وفق معاير وضروف كل مسجد.. * * الحفظ الجيد معيار للإمامة في منطقة القبائل حسن الأداء في الجوامع الكبرى والمهم الصلاة قي الشرق * كثيرا ما تلجأ اللجان المسجدية إلى الاستعانة بقراء غير الإمام لمساعدته أو لخلافته خاصة إذا كان الإمام غير حافظ أو كان للمسجد إمام واحد بصعب عليه أداء كل المهام المسجدية وعادة ما تأخذ اللجان المسجدية وقتا كافيا لتنظيم أمورها قد تأخذ عاما وأكثر فالمساجد التي تكون المدارس القرآنية فيها ناشطة يكون "المحراب" فيها محجوزا من البداية لأجود الطلاب حفظا وأحسنهم قراءة وكثيرا ما يكون في هذه المساجد قراء كثر يتداولون على المحراب في البوم الواحد أو طوال الشهر يساعدون القارئ الرئيسي في الصلاة وهذا منتشر في المساجد الني فيها مدارس قرآنية أو زوايا مثل مسجد عبد الرحمان الثعالبي بيسر أو مسجد سيدي يحي العدلي بثاموقرة ببجاية أو مساجد بني كوفي ببوغني بتيزي وزو وغيرها كثير خاصة بمنطقة القبائل ووسط البلاد، حيث تكثر الزوايا والمدارس القرآنية وهو ما يعني وجود وفرة وفائض في القراء والحافظين، وفي هذه المناطق تكون معاير اختيار القارئ الذي يؤم الناس في صلاة التراويح شديدة، وعلى رأسها الحفظ الجيد والأداء المتقن كما أن لتزكية الشيخ للقارئ الفلاني أو ذاك وغالبا ما يكون الحفظ الجيد هو المعيار الأساسي للتقدم إلى المحراب خاصة في منطقة القبايل التي لم تعرف لم تكن زواياها ومدارسها القرآنية إلى عهد قريب تهتم بالقراءات ولم يبدأ الاهتمام بها إلا حديث في زوايا سيدي يحيي العدلي بثاموقرة، وزاوية بني كوفي ببوغني ثم حديثا زاوية عبد الرحمان الثعالبي بيسر، وذلك لأسباب موضوعية أهمها أن الزوايا كانت مهتمة بحفظ القرآن والفقه في مواجهة السياسة الإستعمارية. * وفي المقابل، تحرص المساجد والجوامع الكبرى على جلب قراء أداؤهم جيد وفي كثير من الأحيان يضحي البعض بعامل الحفظ لصالح حسن الأداء، ورغم أن الجزائريين حديثي عهد بالقراءات إلا أنهم استطاعوا أن يحققوا خطوات عملاقة فيه فبرز القارئ ياسين والشيخ نورين والقارئ نور الدين في العاصمة والشيخ محمد نور والقارئ صالح ورشيد قي الوسط ومنطقة القبائل.. كما تمكن الشيخان مصطفى في بني كوفي ومحمد نور في يسر من تكوين كوكبة من القراء المهرة الذين مزجوا بين الحفظ المتقن وحسن الأداء، في حين مازالت مناطق في الشرق الجزائري تعاني من نقص في المجال، الأمر الذي يدفع الكثير من المتطوعين إلى الاستعانة بمصاحف في الصلاة وبعضهم يلجأ إلى إقامة التراويح دون ختم القرآن أو جلب حفظة من الجنوب الجزائري خاصة من أدرار وواد سوف حيث ينتشر الحفاظ بشكل كبير.. * * مرتبات القراء أجل الدنيا في انتظار ثواب الآخرة * يحظى حافظ القرآن الكريم باحترام في المجتمع تطبيقا لما ورد في معنى حديث نبوي يقول فيه الرسول علموا أولادكم حب الله وحب رسوله وحب حملة كتابه، وقبل ذلك لأن الله تعالى مدحهم وجعلهم أهله وخاصته، وقال "ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا"، من حب المجتمع لهذه الفئة أنهم يضعون "جعالة" وعي مبلغ مالي غير معين ولم يتم الإتفاق عليه مسبقا للذين يؤمونهم في الصلاة والذين غالبا ما يكونون المؤذنين أو الطلبة، وتختلف الجعالة حسب الوضعية الإجتماعية للقرية أو المدينة التي يقع فيها المسجد فتصل في مساجد الأحياء الراقية إلى عشرات الملايين من السنتيمات وقد لا تصل مليون سنتيم في مساجد القرى الفقيرة، ويختلف تصرف كل قارئ بالمبلغ فالمتطوعون من ذوي الحال الميسور يتبرعون بالمبلغ كله لصالح المسجد ويكتفون بالدعاء أن يبلغ أجر القراءة إلى أحد أقاربه المتوفين أو الاحياء، وبالتالي لا يقبل أجرا ماديا، كما لا يجمع أي مبلغ للقارئ الذي يؤم الناس في المسجد الذي تعلن فيه كما يتناول القراء القادمون من الزوايا على جزء من المبلغ المحصل عليه للزوايا خاصة تلك الني يكون دخلها المادي ضعيفا.