شدّت غالبية موالي المنطقة السهبية الرحال نحو مراعي شمال البلاد في رحلة طويلة بآلاف الكيلومترات للبحث عن الكلا لمواشيهم التي باتت مهددة بالانقراض بسبب استمرار الجفاف الذي يضرب المنطقة منذ سنوات وندرة الأعلاف وغلائها واحتكارها من طرف تجار السوق السوداء الذين رفعوا سقف أسعار الشعير إلى حدود 2600 دينار للقنطار الواحد. عبر موّالو بلديات الخنق وتاجرونة وقصر الحيران وحاسي الدلاعة عن اضطرارهم للتوجه إلى مراعي النعامة وعين الصفراء وشمال تيارت الغنية بالعشب بسبب انعدام الكلأ في مراعي المنطقة نتيجة الجفاف والتصحر ومنع البعض منها للحفاظ على الغطاء النباتي من طرف مديرية الفلاحة التي وإن سمحت بالرعي في بعض المحيطات الممنوعة بعد موافقة المحافظة السامية لتطوير السهوب، إلا أن ذلك يبقى غير كاف لسد حاجيات أكثر من مليون و300 ألف رأس تمثل الثروة الحيوانية لموالي عاصمة السهوب، كما كشف بعض موالي حاسي الدلاعة أن رحلة التنقل إلى مناطق الشمال أصبحت في حد ذاتها تشكل عبئا على بعض الموالين بسبب غلاء أسعار كراء الشاحنات التي تنقل الماشية على عدة دفعات، إلى جانب كراء المراعي، ما يضطر عشرات الموالين الصغار إلى البقاء أملا في الحصول على حصة من الأعلاف من طرف الديوان المهني للحبوب والبقول الجافة، الذي كان سطر في وقت سابق عملية واسعة لتوزيع 45 ألف قنطار من الشعير على الموالين لمساعدتهم على مواجهة أزمة الجفافوغلاء الأعلاف في السوق الموازية، إلى جانب مبادرة مديرية الفلاحة برفع الحجز عن 81 ألف هكتار من المحيطات الممنوعة للرعي بعد تدهور غالبية المراعي بسبب الحرث الفوضوي، إلا أن ذات المبادرات، حسب الموالين، غير كافية بسبب بقاء احتكار التجار والموالين الطفيليين لمصادر توزيع هذه الأعلاف، وأضاف موّال من حاسي الدلاعة أسبابا أخرى كاندثار 80 بالمائة من الجباب التي كان يلجأ إليها الموالون لإرواء مواشيهم بفعل غياب التهيئة والترميم وانعدام الحواجز التي تساهم في حمايتها من الردم الناجم عن العواصف الرملية، خاصة وأنها تعتبر، حسبه، من أفضل نقاط الري الرعوي للموالين،داعين في هذا الإطار المحافظة السامية لتطوير السهوب إلى الإسراع في تسطير برنامج استعجالي لحفر جباب أخرى، على غرار جب واد نساء الذي يعود تاريخ حفره إلى سنة 1906، إلى جانب ترميموتنقية الجباب التي تسببت العواصف الرملية والجفاف الذي تعرفه المنطقة في ردمها.