أربعة وزراء اجتمعوا في اليوم العالمي للتغذية من أجل أن يقولوا للرأي العام أن الجزائر في أمان، وشعبها لن يجوع، طالما أن الحكومة تعمل في هذا السياق على تجاوز كل الأزمات، حتى الأزمة العالمية الأخيرة، وما أدراك؟! * كلام الوزراء الأربعة، جاء موازاة مع خرجة محافظ بنك الجزائر في البرلمان، حين قال أن الواردات الغذائية ماتزال مرتفعة بشكل كبير، وأن قطاع الفلاحة، سجّل أسوأ مردود له خلال السنة الفارطة، فمن نصدّق، المحافظ أم الوزراء الأربعة، أو لا نصدّق أحدا، وكفى المواطنين شرّ التدقيق والتمحيص؟! * سياسة التطمين الحكومي المبالغ فيها خلال الفترة الأخيرة، والتي وصلت إلى حدّ إنكار وزير في الحكومة وجود فقراء في البلاد، أضحت تشكل عقبة حقيقية في التواصل مع الرأي العام، وتخفي نية مبيتة للتضليل، وإستراتيجية مدروسة للهف الجماعي؟! * وزراء يتسابقون بشكل يومي، من ولاية لأخرى، من أجل التصريح للتلفزيون "الحاضن الأساسي للتضليل" أن المشاريع متواصلة، والنمو يتصاعد، والشعب يعيش في كنف حكومة شعبية، رغم أن الواقع يقول العكس، والنقابات المستقلة تردد النقيض، وحتى النقابة العتيدة، التابعة للدولة، وهي الإيجيتيا، لم يعد في مقدورها تبرير التأخير اللامعقول لاجتماع الثلاثية حتى الآن، وهي تدرك أكثر من غيرها، أن حبل الكذب قصير جدّا؟! * هل هناك أكثر من جبهة اجتماعية يتحدث عنها الوزراء، طالما أن الجبهة الاجتماعية التي نعرفها يوميا، ماتزال تعيش الغليان، لعدة أسباب، آخرها المرسوم التنفيذي الذي أصدره أويحيى حول الأجور، في تناقض صريح حتى مع وزيره من الأرندي في قطاع التربية؟! أم أنّ المقصود بالأمن الغذائي والرخاء الاجتماعي هم شعب آخر لا يُصدّر يوميا الحراڤة والمنتحرين والمجرمين والسارقين، تماما كما ينتج النخبة والمثقفين من رحم الفقر والمعاناة؟! * آليات التضليل والهف تتسع رقعتها بغياب الرقابة والمتابعة من أطراف محايدة، فلا يمكن لعاقل أن يتصور مثلا أن الحكومة ستؤكد معلومة وتنفيها مرة أخرى، إلا لغرض ما في أجندتها الخفية، كما أن سياسة الدواوين والمجالس المشكوك في استقلاليتها، والتي تزايد عددها في السنوات الأخيرة، ساهمت بقسط وفير في التضليل، ولم يعد في الإمكان تحمّل مزيد من المراوغات الحكومية، حيث كان من الأجدر مصارحة الشعب، وتأسيس ديوان وطني للهف، لعل وعسى أن يكون الجهة الرسمية الوحيدة التي تتمتع بالمصداقية والشفافية؟!