الشروع في تسليم استمارات التصريح بالترشح لانتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة    دفاع… حصيلة العمليات الأسبوعية تؤكد الجاهزية واليقظة عبر كامل التراب الوطني    عطاف يترأس اجتماعا حول التعاون بين مجلس الأمن وجامعة الدول العربية    عرقاب يستقبل سفير سلطنة عمان وممثلا عن مجموعة "سهيل بهوان" القابضة    رسالة من الرئيس تبون: وزير الاتصال يلتقي رئيس ناميبيا لتعزيز التعاون    سوناطراك: تنظيم الأيام العلمية والتقنية من 23 إلى 25 يونيو بوهران    بللو: نحو تعاون أوسع في مجال الفنون بين الجزائر وإيطاليا    كرة القدم المدرسية : إطلاق قريبا أول كأس للجزائر بين الثانويات والإكماليات والابتدائيات    غزة: استشهاد 27 ألف طالب خلال العدوان الصهيوني على القطاع    غزة: انتشال جثامين 153 شهيدا من تحت أنقاض المنازل بالقطاع    بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية, سايحي يستقبل بموروني من قبل رئيس اتحاد جزر القمر    وهران : ترحيل 27 عائلة إلى سكنات جديدة ببئر الجير    إعتقال مؤثر جزائري في فرنسا: النيابة العامة بباريس تصوب وزير الداخلية برونو روتايو    خنشلة : الأمن الحضري السابع توقيف شخص بحوزته مؤثرات عقلية وأسلحة    اللحوم الحمراء الطازجة في رمضان ستبلغ أقصى مبلغ 1900 دج    العنصرية الفرنسية الرسمية..!؟    خصص الهلال الأحمر الجزائري 300 طن من المساعدات الإغاثية    عرقاب يشرف على مراسم التوقيع على اتفاقية إنجاز الدراسة والإمكانيات    إيتوزا تستعين ب30 حافلة محليّة    الكوكي مدرباً للوفاق    الصحافة الفرنسية تسج قصة جديدة ضمن سلسة تحاملها ضد الجزائر    ريادة الجزائر في المنطقة تستفيد منها كل الدول    الجزائر لا تتلقى دروسا في الحقوق والحريات من أحد    طاقة ومناجم: السيد عرقاب يستقبل وفدا برلمانيا سلوفينيا    الجزائر تسلّم الرعية الإسباني المحرر إلى سلطات بلاده    متابعة أشغال مشروع قصر المعارض الجديد    الثورة الجزائرية الوحيدة التي نقلت المعركة إلى عقر دار العدو    ديون الجزائر لدى المستشفيات الفرنسية.. حملة اعلامية جديدة تسوق البهتان    العاب القوى/ البطولة الافريقية 2025 لأقل من 18 و20 سنة : لجنة الكونفدرالية الإفريقية "مرتاحة جدا" لتقدم التحضيرات    المدير العام للحماية المدنية يقوم بزيارة عمل وتفقد إلى ولاية المغير    كرة القدم: الجزائريون يهيمنون على التشكيلة المثالية لدور المجموعات    التلفزيون الجزائري يكشف عن شبكته البرامجية لرمضان 2025    انطلاق الطبعة 20 للمسابقة الدولية لجائزة الجزائر لحفظ القرآن وتجويده    المشاركون في جلسات السينما يطالبون بإنشاء نظام تمويل مستدام    تحرير الرعية الاسباني المختطف: رئيس الجمهورية يقدم تشكراته للمصالح الأمنية وإطارات وزارة الدفاع الوطني    "فتح 476 منصب توظيف في قطاع البريد ودعم التحول الرقمي عبر مراكز المهارات"    61 ألفا ما بين شهيد ومفقود خلال 470 يوم    تطبيقة إلكترونية للتبليغ عن مواقع انتشار النفايات    استفزازات متبادلة وفينيسيوس يدخل على الخط    حاج موسى: أحلم باللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز    لباح أو بصول لخلافة بن سنوسي    هذا موعد قرعة كأس إفريقيا    القلوب تشتاق إلى مكة.. فكيف يكون الوصول إليها؟    وزيرة الدولة الفلسطينية تشكر الجزائر نظير جهودها من أجل نصرة القضية    915 فضاء للبيع من المنتج للمستهلك في رمضان    تحويل ريش الدجاج إلى أسمدة عضوية    "كاماتشو".. ضعيف البنية كبير الهامة    حدائق عمومية "ممنوع" عن العائلة دخولُها    "زيغومار".. "فوسطا".."كلاكو" حلويات من الزمن الجميل    تاريخ العلوم مسارٌ من التفكير وطرح الأسئلة    السينما الجزائرية على أعتاب مرحلة جديدة    وفد برلماني يتفقد معالم ثقافية وسياحية بتيميمون    الجوية الجزائرية: على المسافرين نحو السعودية تقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بدءا من ال10 فيفري    الجوية الجزائرية: المسافرون نحو السعودية ملزمون بتقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بداية من 10 فبراير    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حضرة "الآخر"؟
ما لا يقال
نشر في الشروق اليومي يوم 28 - 10 - 2009

كل عام نحتفل بذكرى أول نوفمبر 1954، ولا أحد تساءل: ما الذي نحتفل به؟ هل هو رحيل قادة ومجاهدي الثورة، أم طيّ ملف الاستعمار الفرنسي، أم نحتفل بشيءآخر يسميه الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر "الآخرون هم الجحيم"؟
*
تحريك السواكن !
*
*
هناك اعتقاد عندي، ربما لا يشاطرني فيه الكثير، وهو أن مشكلة الجزائر أنها لم تتحرر حتى الآن من فرنسا، سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو الثقافي أو الإعلامي وحتى على مستوى المنظومة التربوية، فإذا أخذنا نموذجا اللغة فعلينا بأن نتذكر مقولة جان جاك روسو "كل لغة لا يمكننا أن نبلغ بها صوتنا إلى الجمهور المتجمع هي لغة عبودية، ولا يمكن لأي شعب أن يظل حرا وهو يتكلم تلك اللغة"، وما دام النظام الجزائري لم يتحرر من اللغة الفرنسية، وما دامت الفرنسية هي اللغة الرسمية الفعلية على مستوى الإدارة والحكومة والإعلام والدبلوماسية والاقتصاد والثقافة وحتى التجارة، فإنه من الصعب الحديث عن "مستقبل الجزائر" والدليل هي "الفضيحة - الشخصية) في حوار "الجزيرة" مع رئيس الحكومة الأسبق عبد ا لحميد إبراهيمي، وتصريحات معظم وزرائنا في الجزائر للصحافة الجزائرية.
*
إذا كان ابن حزم يرى أن "قوة اللغة في قوة أهلها" وابن خلدون يعتقد أن "غلبة اللغة بغلبة أهلها" فهل الانتصار للفرنسية يأتي من "قوة فرنسا أم من ضعف النظام الجزائري" ؟ الفكر الماركسي الذي كانت تتبناه بعض الأحزاب اليسارية في الجزائر كان يحمل الفكر التحرري في العالم إلا في الجزائر، فهو ضد التحرر، وفرنسا التي تخصص أكثر من مليار أورو لنشر ثقافتها في الجزائر وأقطار المغرب العربي، لم يستفد من هذا المليار إلا الأشقاء دول الجوار، أما الجزائر فهي تدفع من خزينة الشعب لخدمة الفرنسية وثقافتها. ويكفي أن أحد مسؤولي المدارس العليا التي أنشئت مؤخرا في الجزائر، سئل في إذاعة جزائرية عن اللغة التي سيستعملها للتدريس فقال: "العربية والفرنسية" والمبرر أن مجالات الصحافة والسياسة والتجارة في الجزائر هي "الفرنسية" متناسيا أن لغة المستقبل هي الإنجليزية. لأن صحفنا باللغة الفرنسية تحتاج إلى خريجي الجامعات، وخريجو الجامعات في حاجة إلى وظيفة فلماذا لا نفتح لهم (الماستر 1) و(الماستر 2) في المجالات السالفة الذكر. يقول هيجل "إننا لا نفكر إلا داخل الكلمات" فهل من يريدون تطوير المنظومة التربوية يفكرون داخل اللغة العربية أم " لغة الأم فرنسا".
*
مئات المتفوقين في الجامعات الأمريكية والإنجليزية لا يجدون مكانة لهم في الجامعات الجزائرية، بينما من يفشل في فرنسا ثقافيا واقتصاديا وسياسيا يلجأ إلى الجزائر، فالجزائر ما تزال "منقذة لفرنسا" من الأزمة العالمية، وفرنسا تريد تكريس عملية "تقديس الاستعمار" لدى أبنائها في الجزائر وفرنسا. ولأن البرلمان الجزائري آخر السواكن التي تحرك بالمهماز ها هو يبحث عن صيغة "لإدانة الاستعمار" ولكنه في حاجة إلى جهة "رسمية تدعمه" لأن هناك منطقا غريبا في الجزائر.
*
*
نهاية المنطق بداية التحليل!
*
*
وهذا المنطق هو "اللا منطق" فحيث ينتهي المنطق يمكن لك أن تتحدث عن الجزائر. في مصر، التي تطاول إعلامها الرياضي على الشعب، نجد فيها السياسة متوازنة فالوزير يستقيل أما نحن فإن جميع المسؤولين في الوزارة قد يحالون على العدالة ولا يجرؤ الوزير على الاستقالة. ربما لو نتحدث عما وقع من مصائب وكوارث في الجزائر، بسبب إهمال الوزراء، سنجد أسماء تمت ترقيتها. ويفترض أن يتقرب الوزير من النائب لكن العكس هو الصحيح، بل إن بعض الولاة لا يستقبلون نواب الأمة.
*
وفي الوقت الذي بدأت قيادات الثورة في "الانقراض" نفاجأ بارتفاع عدد المجاهدين المزيفين.
*
لا أفهم كيف نحتفل بعيد الثورة دون أن نعيد الاعتبار لقادتها.
*
لو كانت منظمات أبناء الشهداء وأبناء المجاهدين والمجاهدين ووزارة المجاهدين والمتقاعدين إرادة حقيقية، كأسرة ثورية، في الحفاظ على الثورة، وزرعها في أبناء الجيل الصاعد لتحركوا لجمع تراث الثورة وشهادات الأحياء من قادتها وتوفيرها في الأسواق، عوض الحديث عنها في وسائل الإعلام وتسويق أنفسهم باستغلالها.
*
ثورة عظيمة مثل ثورة أول نوفمبر تمنع فيها مذكرات العقيد بن طوبال، ومذكرات كافي، ومذكرات الشاذلي بن جديد، وحتى المذكرات التي لم يحن الوقت للإشارة إلى أصحابها، أيعقل ألا يفتح التلفزيون الجزائري أبوابه على رجال الثورة الأحياء ويعود إلى الشهداء حتى يحتفل بهذه الذكرى المجيدة.
*
أيعقل أن الولاة يحتفلون بعودة بقايا "الأقدام السوداء" إلى الجزائر، ويدعونهم -وهم فقراء- إلى الاستثمار في الجزائر، في حين يهان المجاهدون في مناطقهم، ومن يتتبع رسائل القراء في الصحافة الوطنية أو يطلع على التقارير المقدمة إلى مديرية الأمن حول تجاوزات بعض محافظات الشرطة في حقهم، يدرك مدى الإساءة إلى التاريخ، وربما تتاح لي فرصة نشر بعض الوثائق التي اطلعت عليها.
*
*
أي مستقبل لجيل دون مستقبل؟
*
*
ومن الصعب أن أتحدث عن ذكرى أول نوفمبر دون الحديث عن جيل الاستقلال، فأبناء المسؤولين في (نادي الصنوبر وموريتي) وبعض الأحياء الفاخرة يدمجون، وهم طلبة، في المؤسسات كموظفين، في حين أن حملة الشهادات تغلق في وجوههم الأبواب.
*
من السابق لأوانه الحديث عن نوفمبر كذكرى دون التساؤل: ماذا استفاد حزب فرنسا وضباطها منها سوى الإهانة والاستخفاف بهم. صحيح أن فرنسا فتحت باب منح الجنسية ولكن لو يدرك المواطنون أن الملفات المقدمة لنيل الجنسية هي ليست ممن لهم أفراد في الثورة أو ممن ينتمون إلى الأسرة الثورية، بل إن فرنسا تقدم الإغراءات، وبالمقابل تكرس الاستعمار، ولكنها لا تستطيع محو جرائمها في الجزائر لسبب بسيط هو أن الجزائر أكبر ممن يريدون تحجيمها لصالحهم، أو استخدامها لتحقيق تطلعاتهم.
*
وإذا أردنا أن نحتفل بأول نوفمبر فعلينا أن نتذكر دائما أن حريتنا هي في تحررنا من فرنسا في أبعادها الاقتصادية والثقافية والتربوية والسياسية، وأن نقول لها "لا" في حضرة "الآخر".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.