أصدرت السفارة الأمريكيةبالجزائر، قبل أيام، نشرة تحذير سرية، موجهة للرعايا الأمريكيين المقيمين في الجزائر أو الراغبين في زيارتها، تحذرهم فيها من مغبة السفر إليها، أو التجول في أحياء وشوارع الجزائر العاصمة بوجه خاص. * * وتضمنت مذكرة التحذير التي صدرت في 19 أكتوبر الماضي، والتي تحوز "الشروق" على نسخة منها، جملة من التقارير الزائفة المتعلقة بأحداث الشغب التي شهدها حي "ديار الشمس" بالمدنية بالعاصمة، حيث زعمت السفارة الأمريكية في مذكرة التحذير تلك، أن الطرقات الرابطة بين مقر السفارة ومطار هواري بومدين جرى غلقها، وأن مبنى وزارة الصحة إلى جانب المرافق العمومية المحاذية لمقام الشهيد تم إغلاقها هي الأخرى، بسبب أحداث الشغب في حي "ديار الشمس". * ودعت السفارة كافة موظفيها العاملين ضمن الطاقم الدبلوماسي بالجزائر ورعاياها، إلى تجنب التجول أو التنقل إلى المناطق التي تشهد احتجاجات شعبية سواء في ديار الشمس، أو في مناطق أخرى، قبل أن تصعد السفارة من وتيرة التحذير بناء على تقارير كاذبة، بالقول إن الرعايا الأمريكيين، خاصة العاملين بالسفارة، مدعوون لتجنب التجول في محيط المناطق التي تشهد تصعيدا شعبيا من ناحية الاحتجاجات، حتى وإن "كانت تلك الاحتجاجات تأخذ طابعا سلميا". * وبدا لافتا من خلال نشرة التحذير الأمريكية التي لا تعتبر الأولى من نوعها التي تطلقها الممثلية الدبلوماسية لواشنطن بالجزائر، أنها كانت تهدف لتصوير ما جرى خلال الثلاثة أيام التي شهد فيها حي "ديار الشمس" أحداث شغب، على أنه انتفاضة شعبية عارمة ينتظر أن تمس كافة أنحاء الوطن، أو بوادر لانفلات الأوضاع وفقدان تحكم السلطات في زمام الأمور. * وقد توصلت "الشروق" إلى اكتشاف تعمد مصالح السفارة الأمريكيةبالجزائر إضفاء طابع السرية على مذكرة التحذير تلك، من خلال تجنب نشرها على موقع السفارة على شبكة الأنترنت، حيث تم بشكل متعمد تعطيل القسم الموجود بالموقع والخاص بالنشرات ومذكرات التحذير، فيما تم نشر تلك النشرة عبر مواقع أمريكية رسمية أخرى، مثل موقع اللجنة الاستشارية الأمنية الأجنبية "أوساك"، وهي هيئة رسمية تابعة لوزارة الخارجية الأمريكية، تهتم بأمن الطواقم الدبلوماسية الأمريكية العاملة في الخارج. * وظهر جليا كيف تعمدت مصالح السفارة الأمريكيةبالجزائر، هذه المرة، إخفاء "نشرة التحذير"، للوصول إلى الهدف المرجو من دون لفت انتباه السلطات الجزائرية وإثارة غضبها، خصوصا وأن حادثة مماثلة جرت قبل أكثر من عامين، عندما أصدرت مصالح السفارة تحذيرا مماثلا تزعم فيه وجود نوايا إرهابية لمهاجمة مقر التلفزيون ومبنى البريد المركزي، وهو ما أدى إلى انتشار موجة من الذعر والهلع في أوساط الجزائريين، كادت أن تحدث أزمة دبلوماسية بين الجزائر وواشنطن.