لم يسعهم الفرح "وان تو ثري فيفا لا لجيري.. شحاتة حبس قلبوا.. لا لجيري كاليفي.. السبوعا جابوها.."، تعددت الشعارات، لكن قاسمها كان واحدا الخضر في المونديال، ليلة حالمة عاشها الجزائريون من شرق إلى غرب البلاد ومن جنوبها إلى شمالها، تعددت ألوان الفرح، لكن الأخضر كان أكثر الألوان عشقا. * لا دراسة لا عمل، الكل في الشارع، وكل شيء مؤجل إلى حين، الممنوع معلق إلى إشعار آخر، فرحة الجزائريين بالمونديال لم تقتصر فقط على الرجال حتى النساء في صور عشوائية وتلقائية خرجن إلى الشارع، زغاريد وأهازيج، لكن أكثر الصور إبداعا هي تلك التي صنعها تلاميذ المدارس في رفضهم الدخول إلى المؤسسات ليس لأنهم مضربون أو لأن البرنامج كثيف، بل لأن عقولهم وقلوبهم مع الخضر. * صبيحة أمس في المؤسسات كانت مميزة جدا عندما رفرف العلم الجزائري عبر كل المدارس عاليا تحت النشيد الوطني ويخرج التلاميذ عشوائيا، رافضين الدخول إلى الأقسام حتى الأساتذة والمعلمين رفضوا التدريس في يوم استثنائي، يوم صنعه أشبال سعدان في شهر نوفمبر، شهر الثورة والثوار. * الساعة تشير إلى الثامنة والربع صباحا، كل التلاميذ خارجون من المدارس، ماذا يحدث؟ الحكومة وعدت الأساتذة بتلبية جميع المقترحات.. لا، إنه يوم استثنائي، الخضر في المونديال رغم أنف الفراعنة، يتحدث أحد الأساتذة، قائلا للشروق: "حتى وإن دخلت اليوم إلى قاعة التدريس لن أستطيع إلقاء الدروس.. عقلي مشوش.. لكن لا مانع من أن احلل أحداث المباراة.. كانوا رائعين"، ينقطع صوته ثم يضيف قائلا: "الحمد لله رانا في المونديال". * * التلاميذ يشيعون الفراعنة إلى مثواهم الأخير * * في صورة نادرة صنعها تلاميذ المدارس بالإستعانة بصندوق خشبي كبير وضعوا عليه الراية الوطنية وفي جو أشبه بالجنازة قاموا بحمل النعش الذي كتب عليه (هنا يرقد شحاتة)، وتشييع هذا النعش في عدد من الشوارع مرددين بالقول (شحاتة حبس قلبو)، حاملين لافتة كتب عليها ولد يوم 14 نوفمبر وتوفي بتاريخ 18 في الشوط الأول من المباراة. * * خروج العشرات، بل المئات، بل الملايين في الشوارع * * من جنون التلاميذ، هناك من صبغ مئزره باللون الأخضر، وكم كانت الصورة جميلة عندما رفع تلاميذ الإخوة حامية بصوت واحد مرددين "بن بوزيد نريد مآزر خضراء لا زرقاء ..". * من جهة أخرى، امتنع أمس لا أيضا المئات من العمال والموظفين الالتحاق بمؤسسات وأماكن عملهم حتى أن مكاتب البريد بدت شاغرة من الزبائن، كما وجدت مكاتب البريد صعوبة في استخلاف عدد الموظفين الغائبين عن مراكز عملهم مثلما صرح لنا به أحد موظفي مركز البريد بالقبة. * ومن المدنية إلى باش جراح مرورا بالقبة وشوارع بلكور العتيقة، مظاهر الفرحة استمرت أمس أيضا تحت وقع الأهازيج، فكثيرون هم أولئك الذين لم يناموا الليل وظلوا يجوبون الشوارع، يتحدث أحد السائقين كلوندستان قائلا: "لقد نذرت نذرا إلى الله إن انتصر الخضر في السوادان فسأقوم بنقل الزبائن مجانا طيلة يوم كامل، لهذا أنا اليوم موجود، ورغم أنني لم أنم الليل لكنني سأفي بوعدي..". * * كبش العيد مجانا للفقراء * عندما نفدت الرايات والأعلام، قام تلاميذ المدارس بصبغ مآزرهم البيضاء باللون الأخضر على غرار "سيد علي" 16 سنة، متمدرس في الثانوية، قام بصبغ الجزء الأيسر من مئزره باللون الأخضر، رد علينا قائلا:' "قولو لوزير التربية يشرط علينا مآزر خضراء، رانا قابلين نلبسوها طول العام"، كما دخل العشرات من التلاميذ بالرايات الوطنية الكبيرة التي خيطت على شكل مئزر، ومن الصور الفريدة يتحدث أحد معلمي المدرسة الابتدائية العربي بن مهيدي بالعاصمة قائلا: "قبل يومين من المباراة، قام عدد من التلاميذ بسرقة العلم الوطني.. فيما قام الكثير من المناصرين ممن إشتروا أضاحي العيد بصبغها باللون الأخضر"، كما عمد أحد الموالين ممن نصب شاحنته بالقرب من أحد شوارع المدنية بأعالي العاصمة بتزيين قرونها بالألوان البيضاء والخضراء والحمراء، وصبغ صوفها باللون الأخضر يقول هذا الموال: "الغرض ليس تجاريا، وليس لأنني أريد أن أبيع في خاطر الخضرا إلي معندوش باه يشري نحيلوا 5000". * هذا وفي صور أخرى قام عشرات الموالين في الولايات الداخلية بإهداء كباش العيد مجانا للفقراء، كما قام العشرات من الموالين أيضا في كل من الجلفة وبوسعادة بذبح العشرات من الكباش فرحة للنصر وتأهل الخضر إلى المونديال.