من المنتظر أن تفتح العدالة الجزائرية في الدورة الجنائية للفصل الثالث يوم السادس جانفي المقبل ثالث قضية للمعتقلين الجزائريين العائدين من غوانتنامو نهاية 2008 ... * حيث سيمثل كل من المدعو "ح، مصطفى" المكنى "أبوعبد الله" وهو من ولاية بشار، رفقة المدعو "ح، سفيان" المكنى "الهواري عبد الرحمان" الذي ينحدر من بلدية الأبيار بالعاصمة أمام قاضي الجنايات لدى مجلس قضاء العاصمة للإجابة على علاقتهما بالتهمة الموجهة إليهما حول انتمائهما إلى تنظيم إرهابي مسلح ينشط بالخارج وتوّرطهما في جنحة التزوير واستعمال المزور، بعدما تم تسليمهما للجزائر في 2 جويلية 2008 من قبل السلطات الأمريكية، حيث تم نقلهما على متن طائرة خاصة وتسلمتهما السلطات الجزائرية التي توّلت أمر تحويلهما إلى قاضي تحقيق القطب الجزائي لدى محكمة سيدي أمحمد بالعاصمة للتحقيق معهما حول نفس الاتهامات التي اعتقلوا من أجلها لأكثر من ست سنوات في معتقل غوانتنامو بكوبا بعد التفجيرات التي هزّت الولاياتالمتحدة في11سبتمبر2001 وكانت بتوقيع من تنظيم القاعدة بدون أية محاكمة من القضاء الأمريكي. * وتعتبر هذه القضية الثالثة في الدورة بعد الأولى التي تم الحكم فيها بالبراءة للجزائريان "ع، فغول" و"ط، محمد" من ولاية تيارت اللذان مكثا لسبع سنوات بمعتقل غوانتنامو، فيما تم الحكم غيابيا بعقوبة 20سنة سجنا على بلباشا أحمد الذي رفض العودة إلى الجزائر بعد إطلاق سراحه بداية 2009 . * وبالرجوع إلى الوقائع فالمتورط "ح، مصطفى" المكنى "أبو عبد الله" سافر في البداية إلى العاصمة المالية مرورا بموريتانيا في رحلة البحث عن العمل والاستقرار رفقة ابن عمه، ومكث هناك لخمسة أشهر لينتقل باستعمال جواز سفر موريتاني مزوّر إلى المملكة العربية السعودية، حيث اتصل بمركز الإغاثة الإسلامية للحصول على عمل وإقامة ليسافر إلى باكستان بعد شهر من ذلك رفقة ابن عمه وأشخاص آخرين من جنسية سعودية، وهناك التحق بمركز الإغاثة ببيشاور أين تلقى مختلف التدريبات العسكرية على الأسلحة ومكث هناك إلى غاية إلقاء القبض عليه بتاريخ 28 ماي 2008 من قبل مصالح الشرطة الباكستانية وتحويله للقوات الأمريكية للتحقيق معه حول علاقته بتنظيم القاعدة وتفجيرات 11 سبتمبر وحوّل على إثرها لمعتقل غوانتنامو بكوبا، هذا وقد كشف "ح، مصطفى" المكنى "أبوعبد الله" أثناء التحقيق معه أمام محكمة القطب الجزائي المتخصص بسيدي أمحمد عن طرق التعذيب التي استعملتها القوات الأمريكية ضده في غوانتنامو ، وهو بذلك يعتبر أول الجزائريين الذين يكشفون طرق تعذيبهم بعد تسليمهم من قبل السلطات الأمريكية للجزائر في إطار اتفاقية تضمنت التزام المرّحلين للصمت وعدم ذكر أي شيء عن فترة المكوث بغوانتنامو، حيث ذكر هذا الأخير أنه تم حقنه عدة مرات ولسنوات بمواد لايعرف اسمها كإشارة منه لأساليب التعذيب المتبعة ضد المعتقلين هناك. * أما المتورط الثاني "ح ، سفيان" المكنى "هواري عبد الرحمان" هو الآخر غادر الجزائر نهاية 1999 باتجاه أوربا بحثا عن عمل، وقد عمل بباريس كموّزع إعلانات إشهارية، وفي 2000 سافر إلى بريطانيا بطريقة غير شرعية، وانتقل إلى مدينة لندن أين تعرّف على أربعة أشخاص من باكستان أقنعوه بالسفر إلى أفغانستان عبر باكستان لدراسة العلوم الشرعية، وهو ماحدث لكنه لم يمكث طويلا وتوّجه بعد أحداث 11سبتمبر إلى العاصمة كابول رفقة جزائري وبعدها إلى بيت "اللقاء" الكائن "بيركرم" وتدرب هناك على استعمال الأسلحة واستأجر بيتا بقندهار للعيش فيه، وفي أحد أيام رمضان، وبينما كان نائما بالمسجد أصيب على مستوى الرأس جراء القصف الأمريكي على أفغانستان ونقل على إثرها إلى المستشفى العسكري بأفغانستان، وهو في غيبوبة، خضع بعدها لعملية جراحية دقيقة على مستوى الرأس وتم تحويله إلى عيادة السجون الباكستانية للتحقيق معه حول علاقته بتنظيم القاعدة ليحوّل سنة 2002 إلى معتقل غوانتنامو بكوبا. * هذا وقد ورد في التقرير الطبي المحرر من قبل شؤون الصحة بمستشفى غوانتنامو بأن المدعو "ح، سفيان" هو ضحية قصف أمريكي بأفغانستان وهو مصاب بمرض عقلي مزمن وأن حالته جد متدهوّرة تتطلب متابعة طبية وبسيكولوجية على المدى الطويل. هذا وقد أنكر كل واحد من المتهمان علاقتهما بتنظيم القاعدة وحركة طالبان.