دعا أمس نواب بلجنة النقل بالمجلس الشعبي الوطني ، رئيس الجمهورية إلى التدخل شخصيا لتسريع أشغال انجاز مترو الجزائر المقرر دخوله حيز الخدمة شهر جويلية من عام 2009 بعد فترة تجريب للتجهيزات والقاطرات تدوم ستة أشهر ابتداء من جانفي القادم حسب الشركة المكلفة بالمشروع التي يرى مسؤولوها انه لا مجال اليوم للتخوف على مصير هذا المشروع الذي ينتظر الجزائريون ولادته منذ سنوات السبعينات . * حلم في السبعينات وخرافة في القرن الواحد والعشرين * * على خلاف الزيارات الرسمية التي يقوم بها في كل مرة الوزراء المتعاقبين على القطاع وحتى رئيس الجمهورية لتفقد أشغال انجاز ميترو الجزائر والتي تتركز حول ظروف سير الأشغال التي أعيد إطلاقها بقرار من الرئيس في ديسمبر 2003 ، فان زيارة التفقد التي قررت لجنة النقل بالمجلس الشعبي الوطني القيام بها أمس الثلاثاء إلى عدة محطات بالمشروع بحضور عدد من الصحفيين تركزت حول ضرورة تبسيط هذه التساؤلات ونقلها إلى مسؤولي الشركة كما هي لدى المواطن وهي متى " يركب الجزائريون الميترو ؟ " بحكم وجود إشاعات متداولة في الشارع مفادها أن الجزائريون أضحوا يعتقدون أن هذا المشروع الذي بدا الكلام عنه في عشرية السبعينات ولم ير النور إلى اليوم أضحى مجرد خرافة . * ولهذا الاعتقاد السائد لدى قطاع كبير من المواطنين أسبابه يكفي سرد المراحل التي مر بها المشروع منذ ظهور فكرة انجازه لمعرفتها ويعود ذلك إلى الفترة الممتدة بين عامي 1970 و 1980 أين وصلت كل الدراسات التي تم انجازها حول تطوير النقل الحضري بالعاصمة إلى توصية مفادها ضرورة انجاز ميترو أنفاق إلى جانب النقل الحضري الموجود للاستجابة للطلب المتزايد على النقل عبر أحياء عاصمة البلاد . * وكان أول قرار رسمي لانجاز الميترو شهر جوان من عام 1981 خلال اجتماع لمجلس الحكومة في عهد الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد لتطلق ابتداء من افريل 1982 الشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية الدراسات الهندسية والتي أنجزت في ظرف ثلاث سنوات أي إلى غاية عام 1985 وانتهت إلى وضع تصميم لمشروع ميترو من ثلاثة خطوط تمتد على مسافة قدرها 56 كلم و 54 محطة مع وضع أولوية لانجاز الخط الرابط بين وادي قريش وحي البدر بمسافة تقدر ب 12.5 نظرا لحجم حركة النقل الكثيفة عبر هذا الخط . * لكن هذا المشروع الكبير كغيره من المشاريع والورشات العديدة التي فتحتها الجزائر خلال عشرية الثمانينات جمدت أشغال انجازه لعدم وجود تغطية مالية بسبب الأزمة الاقتصادية التي ضربت الجزائر خلال هذه الفترة بسبب انهيار أسعار النفط ابتداء من عام 1986 ليعاد فتح ملف المترو من جديد في جوان 1990 حيث قررت الحكومة إطلاق المشروع من جديد ولكن بطريقة تدريجية أين يتم انجاز مقاطع المشروع بصفة منفصلة على أن تكون البداية بانجاز الخط الرابط بين الأمير عبد القادر والحامة غير أن كل شيء توقف عام 1995 لأسباب دون أن يعرف الجزائريون السبب رغم أن الكل يعتبر بان القرار ذو علاقة بالأزمة المتعددة الجوانب التي عاشتها الجزائر خلال عشرية التسعينيات . * * مسؤولون ينفرون من مشروع لا يصدقون أنهم سيدشنونه في يوم من الأيام * * بغض النظر عن هذه الأسباب الموضوعية المتعلقة بالظروف الاقتصادية والسياسية التي عرفتها الجزائر خلال منذ قرابة الربع قرن والتي كانت وراء هذا المسار المتدبدب الذي عرفه مشروع ميترو الجزائر فان احد من عايشو هذا " المشروع الحلم " منذ ظهوره وهو إطار سابق شارك في الاجتماعات التي كانت تخصص لبعث المشروع لم يفوت فرصة وجوده ضمن وفد من النواب والصحفيين خلال جولة للوقوف على أشغال الانجاز ليؤكد مخاطبا الجميع بما فيهم مسؤولي شركة ميترو الجزائر أن كل ما تم تقديمه كأسباب لا يمكن أن يغطي على حقيقة عايشها خلال السنوات الماضية مفادها أن توقف أشغال انجاز المشروع وتباطؤها مرده عدم وجود إرادة سياسية من السلطات العليا لتجسيده وبصفة أدق يقول هذا الإطار " لا بد أن تعرفوا أن كل المسؤولين كانوا يتحفظون على دعم مشروع بهذا الحجم ما داموغير متأكدين من أنهم سيكونون في مناصبهم يوم تدشينه " بما معناه أن العديد من المسؤولين فضلوا نفض أيديهم من هذا المشروع المكلف في ظل وضع سياسي واقتصادي غير مستقر . * * بوتفليقة ينفخ الروح في جسد المترو * * عاودت الحكومة الالتفات لهذا المشروع في جانفي 2000 بعد أن قررت وزارة النقل القيام بدراسة تقييم مالية و اقتصادية للمشروع انتهت عامين من بعد ، ليكون تدشين الرئيس بوتفليقة لمرحلة جديدة في ديسمبر 2003 عندما أعاد إطلاق أشغال انجازه ليتم بعدها إبرام اتفاق مع المجمع الجزائري الألماني "GAMMA " لانجاز المقطع الرابط بين الحامة وحي البدر ليتم في جانفي 2006 توقيع اتفاق آخر مع مجمع " SIEMENS- VINCI-CAF " الفرنسي الاسباني لإتمام أشغال انجاز هذا الخط حيث أنهيت الأشغال الخاصة بالهندسة في أوت 2006 فيما تؤكد شركة ميترو الجزائر أن الأشغال الكبرى ستنتهي عبر الخط الأول الرابط بين البريد المركزي وحي البدر نهاية السنة الجارية مع العلم ان خطوط السكة وضعها بنسبة تصل 95 بالمئة مع توقيع عقد مع شركة " كاف " الاسبانية لانجاز العربات حيث ستشرع الجزائر في استلامها ابتداء من هذا الشهر كما انطلقت عملية تهيئة محطات الميترو مع تحديد تاريخ جويلية 2009 لدخول المشروع حيز الخدمة غير ان العديد من المراقبين يشككون في قدرة السلطات وحتى الشركات المكلفة بإنهاء المشروع في الوفاء بهذا الوعد لماذا ؟ * * الرئيس لايجب ان يغفل عن المشروع * * ومن هؤلاء رئيس لجنة النقل بالمجلس الشعبي الوطني محمد بن دحو الذي حرص على التأكيد على هامش زيارة تفقد لأشغال انجاز كل الميترو والترامواي بالعاصمة أن هناك ضعف في وتيرة سير الأشغال مقارنة بالآجال التي وضعها القائمون على هذا المشروع لدخوله حيز الخدمة ابتداء من منتصف العام القادم وأوضح بن حمو أن التجارب السابقة على غرار ماحدث مع مطار الجزائر الدولي تؤكد أن تدخل السلطات العليا وفي مقدمتها رئيس الجمهورية ضروري في هذه المرحلة لتسريع وتيرة الانجاز بشكل تكون من خلاله الشركات المكلفة بالمشروع في الموعد العام القادم . * غير ان نائب المدير العام لشركة مترو الجزائر فيرى ذلك تشاؤما وطرحا مبالغا فيه وحسبه فان الأشغال وصلت إلى مرحلة لا يمكن فيها التشكيك في مستقبل مشروع ميترو الجزائر لان كل الظروف حسبه والوتيرة الحالية تؤكد بأن الشركات المكلفة ستكون في الموعد العام القادم ، وعن المرحلة التي وصل إليها مشروع ميترو الجزائر يقول ذات المسؤول أن الأشغال الكبرى ستنتهي مع نهاية العام الجاري للدخول في مرحلة التجريب ابتداء من جانفي القادم والى غاية شهر جويلية كموعد لدخول الميترو حيز الخدمة .. * أما فيليب سوفارد مدير شركة سيمنس فينسي التي أفتكت صفقة تجهيز الميترو فقد أكد أن المشروع دخل مرحلته النهائية مضيفا أن انجاز مشروع بحجم ميترو الجزائر في مدة 35 شهرا يعد انجازا كبيرا وطموحا بالنسبة للجزائر ، ورغم ذلك يبقى الجزائريون وحتى من هم على اطلاع على أشغال انجاز المشروع يرفضون تصديق ان مشروع عمره يضاهي عمر الجزائر المستقلة سيرى النور في يوم من الأيام حتى وان كان ركوب عربات ميترو الجزائر أصبح قاب قوسين أو أدنى من التجسيد .