لا أحد ينكر على الفنانين الجزائريين تميّزهم في الخارج، غير أنهم في المقابل اضطروا إلى دفع ضريبة شهرتهم. ولم تشفع لهم المكانة الإبداعية التي بلغوها في الخارج عدم التعرض إلى مشاكل عنصرية، دفعت ببعضهم إلى التخلي عن جنسيتهم الجزائرية التي تحولت في أيامنا إلى تهمة خطيرة أو تجنب سياط الإعلام الأجنبي الذي يتفنّن في جلدهم حين يخطئون ويعاقبون مرتين على أخطائهم.. وهذا ما نحاول إلقاء الضوء عليه من خلال هذا التحقيق. * * "في يوم وليلة".. مشوار وردة في مهب رياح غضب المصريين! * من يصدق أن الفنانة القديرة وردة الجزائرية وبعد مشوار فني طويل أطربت فيه الملايين على امتداد الخريطة العالمية، تنهار نفسيتها بسبب لحظة عبّرت فيها عن رغبتها بفوز منتخب بلادها في مباراة لكرة القدم؛ تلك اللحظة التي استفزت الملايين من المصريين وحركت نزعة غضبهم الفرعوني، حتى بلغ الأمر بمحام مصري إلى المطالبة بترحيلها من القاهرة وإسقاط جنسيتها المصرية، بعد أن اختار لها تهمة التنكر لفضل مصر والمصريين عليها. كانت الضربة أو ضريبة الشهرة قاسية جدا على الفنانة وردة، ولأنها لم تقو طويلا على تحمّل وقع الصدمة، راحت الفنانة التي طالما كانت سيدة المسارح والمهرجانات الدولية تدخل ثانية المستطيل الأخضر وتصرح بأنها ستشجع هذه المرة حتى لا تغضب أحدا، منتخبي الخضر والفراعنة في بطولة الأمم الإفريقية في أنغولا وبأنها لم تنسَ فضل مصر عليها! * * مامي.. نجومية تختنق بين جدران زنزانة فرنسية! * من سعيدة إلى "بوبيني".. حدثت المفارقة العجيبة مع أمير الراي، حين انطلقت مسيرة الشهرة العالمية للشاب مامي من مسارح قريبة جدا من محكمة "بوبيني" الفرنسية، وتحولت بعد مرور 23 سنة إلى منعرج دراماتيكي في مسيرته الفنية، أين حوكم بتهمة الاعتداء القسري على مصورة فرنسية وأدين بالسجن لمدة 05 سنوات. ولم يعاقب مامي بالسجن فحسب على تهمة قد يكون نجوم فرنسيون ارتكبوا أخطر منها، لكنهم لم ينالوا عقابهم عنها، ولكنه عوقب في زنزانته أيضا بسياط الإعلام الفرنسي التي راحت تتفنّن في جلده بإهانته وتقزيم مكانته الفنية وادّعت بأنه يتوسط مجرمين ولصوصا داخل السجن، وبقدر النجاح الذي حققه مامي صاحب ال20 مليون شريط في العالم، بقدر ما كان ثمن تلك الشهرة والعالمية باهظا جدا. * * خالد.. شبح الضرائب واعتداء بالكؤوس والقارورات الزجاجية * فنان تمكن من إخراج الأغنية العربية من حدودها الضيّقة نحو العالمية، وحقق نجاحات خرافية في الضفة الأخرى، لكنه دفع ثمنا لشهرته تلك، بعد أن اضطر إلى مغادرة فرنسا مهد نجاحه، نحو لوكسمبورغ، هربا من الضرائب التي فاقت كل التخيّلات. وتزامن وقوع خالد في مشاكل مع الضرائب، مع تراجع أغنية الراي بالبلد في السنوات الخمس الأخيرة لأسباب عديدة، كان أهمها احتكار شخصيات يهودية لشركات الإنتاج الفرنسية.. ودفع أيضا ضريبة الشهرة حين اعتدي عليه بالمغرب بالكؤوس والقارورات الزجاجية حين أحيا حفلا ساهرا بالبلد ورفع علم "البوليساريو". * * فلة.. مُنعت من دخول مصر دون سند قانوني * سليلة مداح حيزية الراحل عبد الحميد عبابسة، نالت هي الأخرى نصيبها من ضريبة الشهرة، فبالإضافة إلى كونها ثاني فنانة جزائرية بعد وردة استطاعت أن تفرض نفسها بقوة بين فنانات المشرق العربي، إلا أنها في النهاية تعثّرت بمشكلة قابلتها بأم الدنيا، بعد أن أدخلت السجن بتهمة أخلاقية تبرّأت منها ومنعت على إثرها من دخول مصر على الرغم من عدم وجود أي حكم قضائي يمنعها من ذلك. هذه المشكلة خلفت عند فلة ألما عميقا لم يفارقها، سيما وقد عاد المصريون يستذكرون الحادثة خلال شنّهم للحملة الإعلامية الشعواء ضد كل ما هو جزائري عقب خسارتهم الكروية الأخيرة مع المنتخب الوطني. * * فلاق.. مونولوجست يُضحك الفرنسيين بهموم الجزائريين! * محمد فلاق، المخرج والممثل والكاتب ونجم المونولوج الجزائري، من يتتبع مشواره يكتشف إلى أي مدى استطاع تحويل هموم الجزائري إلى نكت لإضحاك الفرنسيين، سيما في عمله الأخير والموسوم ب"كل الجزائريين ميكانيكيين"، والغريب أنه لم ينكر خلال لقاءاته الصحفية، بأنه لا يحيد في مسرحياته عن اليوميات الجزائرية، بل وعلق بسخرية قائلا: "سأظل وفيّا لمسقط رأسي وأستمد مختلف مواضيع أعمالي الكوميدية من يوميات بني جلدتي التي أعتبرها خزانا لا ينفد". * * أحمد مكي.. عضّ قلبي ولا تعض رغيفي! * الواقع أن هذا المكي هو نموذج سيّئ جدا عن الجزائري الذي تجاسر على التبرؤ من جنسيته الجزائرية، حتى لا يخسر شهرته التي بلغها في مصر.. بعد أن أعلن ولاءه التام لمصر خوفا من اتهامه بالخيانة، في الوقت الذي تعالت وتكالبت فيه أصوات منافسيه من نجوم الشباك على الجزائر شعبا وحكومة، عقب فوز المنتخب الجزائري بأم درمان السودانية، لكن صاحب كومة الشعر المستعار لم ينل إلا قلة القيمة والمهانة من المصريين، الذين شجبوا تصرفه وتخليه بمنتهى السهولة عن جنسيته حتى لا يفقد نجوميته وشهرته.