الصور الرمزية التي يظهر عليها المترشح للرئاسيات عبد العزيز بوتفليقة للمرة الرابعة على التوالي تثير الكثير من الدلالات السياسية ، دلالات تحيل لممارسة الإنتاج الزائد للعناصر الواصفة على عد تعبير لوسيان سفاز ، من خلال تركيب صور بوتفليقة و تزيينها ببرامج الفوتوشوب أو غيرها من أجل معالجة عيوب صوره، التي تظهر في الحقيقة العجز والوهن اللذان ألما به منذ بداية مرضه في 2005 إلى الآن . كما تم الاستعانة بإعادة توليد صوره و فيديوهاته القديمة حين كان في أوج حيوته ونشاطه لإظهار كل مقومات القوة ، والعظمة ، و السلطة لديه ، لإثارة الدهشة و الإعجاب من جديد في عقول الجماهير ، و تكمن الدلالة الرمزية لإعادة توظيف هذه الصور في إعادة استرجاع ما مضى من إنجازات وأحداث على مدى عهدات الرئيس الثلاث الماضية ،و من ثمة محاولة إقناع المواطنين من جديد أن بوتفليقةلايزال بخير و بإمكانه مواصلة الحكم و تحقيق مزيد من الانجازات . لقد جرى اعتماد أساليب تركيبية واضحة على كل الصور التي أخذت لبوتفليقة منذ أن ألم به المرض ، الى غاية الصور الاخيرة التي أظهرته في غاية التعب و الإعياء لما أودع ملف ترشحه لدى المجلس الدستوري بتاريخ 3مارس الماضي ، إذ تحيلنا الصور التي التقطت له الى مشاهدة أعراض مرض بارزة على الرجل كشحوب الوجه ، صعوبة النطق ، تحديق العينين وبروزهما ، خفوت الصوت ... على الرغم من انتقاء الصور واختيار زوايا تصوير معينة و تركيز اضاءة جيد ، إلا أن كل هذه العناصر التركيبية أعطت صورة غير لائقة عن الرئيس على حد تعبير عبد العزيز رحابي –وزير الاتصال السابق- عوض أن تبرزه في مظهر القوة والكفاءة، فحتى تصريحه الشفوي و ابدائه النية بالترشح ورد خافتا وباهتا ، عكس ما كان معروفا على الرجلمن تحكمه بالخطابة و بلاغته اللغوية وصوته الجهوري. إن غياب بوتفليقة شخصيا عن إدارة الفضاء العمومي للحملة الانتخابية سواء بتنشيط التجمعات وإلقاء الخطابات الجماهيرية، أو بالحضور الاعلامي عبر التصريحات لوسائل الإعلام وتكليف من ينوبه بذلك ، يثير دلالات سياسية و رمزية سلبية ، ويصنع صورة مشوشة و غامضة حول المشهد السياسي الجزائري ، إذ لم تشهد أية انتخابات سياسية في العالم غياب المرشح نفسه ، والاكتفاء بتكليف آخرين بإدارة الحملة ، كمن يكلف غيره للزواج مكانه ، أو بإجراء عملية جراحية عوضا عنه . من المتعارف عليه في أدبيات التسويق السياسي أن يدير الحملة الانتخابية فريق مكون من مختصين في الاتصال السياسي ومن السياسيين... لكن المترشح نفسه هو من يشرف على مخاطبة جماهيره ، لكن هذا المبدأ هو استثاء لدى فريق المترشح بوتفليقة ، لكن ما يثير التساؤل أكثر من النهاية الى متى سيستمر غياب بوتفليقة عن البروز الاعلامي و الجماهيري ؟ والى متى سيظهر عوضا عنه آخرون ؟ و الى متى ستسير البلاد بالنيابة ؟