ألهبت تصريحات والي العاصمة عبد القادر زوخ، على هامش الزيارة التفقدية التي قادته إلى بلدية وادي قريش، غضب سكان "البرارك" الذين هددوا بالخروج إلى الشارع في حال تجسيد الولاية تهديداتها المتعقلة بالإقصاء من الترحيل لمن لا ينتخب، ورد هؤلاء على تصريحاته قائلين: "حرمتمونا من بطاقات الانتخاب فكيف لنا أداء هذا الواجب؟" زوخ الذي قام بخرجة "غير متوقعة" عشرة أيام قبل الموعد الانتخابي، مطلقا تصريحات وُصفت ب "اللا مسؤولة" جاءت في رده على أسئلة الصحفيين، فجرت غضبا وسط الأحياء القصديرية المعنية ببرنامج إعادة الإسكان، المنتظرة منذ سنة كاملة، والمتوقع مباشرتها بعد 17 أفريل القادم، خصوصا وأن زوخ قال إن الترحيل مقترن بمشاركة السكان في الانتخابات الرئاسية.
60 ألف عائلة تقطن 700 حيّ فوضوي ومعلوم أن ولاية الجزائر تحصي أكثر من 60 ألف عائلة تقطن أكثر من 700 حي فوضوي، وفي حال تواجد خمسة أفراد في العائلة الواحدة، وبعملية حسابية بسيطة فإن عدد الناخبين في الأحياء قد يناهز 200 ألف مواطن بالغ سن 18 سنة التي تمنحه الحق في الانتخاب. وتطرح خرجة زوخ الأخيرة العديد من علامات الاستفهام بالنظر إلى الظرف الذي طرحها فيه، والتي تسبق الموعد الانتخابي بعشرة أيام، ما اعتبره الكثيرون محاولة لإجبار سكان الأحياء القصديرية على المشاركة في الانتخابات الرئاسية و"معاقبة" المقاطعين لها، خصوصا أنها تناقض تماما التصريحات السابقة المتعلقة بموعد الترحيل، آخرها رده على سؤال "الشروق" بخصوص تاريخ الترحيل بحي الرملي بجسر قسنطينة حين قال: "الترحيل كي يكتب ربي".
50 بالمائة من سكان "البرارك" لا يحوزون بطاقة الناخب وردا على تصريحات زوخ، أكد سكان بالأحياء القصديرية ممن اتصلت "الشروق" بهم، أن نسبة كبيرة منهم لا يملكون أصلا بطاقات الناخب، قائلين: "الأميار يرفضون منحنا بطاقة الناخب فكيف لنا المشاركة في الانتخابات؟" وقال في هذا الصدد مواطنون من عين المالحة الذي يعتبر أحد أكبر الأحياء الفوضوية ببلدية جسر قسنطينة وهي البلدية التي تحصي أكثر من 12 ألف عائلة موزعة على 19 حيّا، أن البلدية رفضت مؤخرا تسجيلهم ضمن المراجعة الاستثنائية لقوائم الانتخابات الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول ما يريد زوخ أن يوصله لهم، وقال ساكن بهذه الأحياء مضيفا: "أكثر من 70 ٪ من قاطني البرارك لا يملكون بطاقات الناخب". وبالمقاطعة الإدارية للحراش التي تحصي 4 آلاف بيت قصديري، أفاد بعض مواطنيها أن أكثر من 1500 مواطن محروم من الانتخاب بسبب افتقادهم بطاقات الناخبين، على غرار 57 عائلة بحي "ديصولي"، وحي "سبيناردو" في بوروبة. وتبعا لخرجة زوخ المفاجئة، هددت لجان الأحياء القصديرية بعدم الاستسلام ل "شروط" والي العاصمة- على حد تعبيرهم-، بينما سلم السكان القدامى من تصريحات زوخ، حيث سبق للأوائل منهم حيازة البطاقة بعدما ربطت منازلهم بالكهرباء والماء، قبل تعليمة الداخلية التي منعت الأميار من منح شهادات الإقامة لقاطني القصدير.
ممثلو مترشحين وتصريحات زوخ حزب العمال: ابتزاز غير مقبول الأفانا: تدخل سياسي لتوجيه الناخبين وابتزازهم اعتبر رمضان تعزيبت، عضو قيادي بحزب العمال، ما قاله والي العاصمة عبد القادر زوخ، بخصوص حرمان المواطنين من الترحيل في حالة عدم توجههم لمكاتب الاقتراع بالتصريح غير المقبول، ليصرح "كل شخص عنده الحق في التعبير عن رأيه بكل حرية سواء بالتصويت أو عدمه"، وأضاف "هذا الابتزاز غير مقبول وليس لأي شخص مهما كانت سلطته الحق في ذلك". ومن جهته، عبد القادر بوجوراس، مدير حملة المترشح موسى تواتي، استنكر تصريحات والي العاصمة، ليقول "لو أراد القيام بحملة تحسيسية حول الانتخاب لما انتظر حتى آخر لحظة، وفي فترة الحملة الانتخابية"، وأضاف "لكن ما صرح به زوخ، هو توجيه للناخبين وسلب لحرياتهم"، ليعتبر ما قام به بالتدخل السياسي خاصة أنه أمر الناخبين بالتصويت على مرشح معين، وأضاف "دور الوالي منحصر في التجهيز للانتخابات في الشق المادي لا التدخل في العمل السياسي وابتزاز المواطنين".
احذروا من العودة إلى أساليب الحزب الواحد حقوقيون: والي العاصمة خرق مبادئ حقوق الإنسان انتقد حقوقيون وناشطون في مجال حقوق الإنسان أمس التصريحات التي أدلى بها عبد القادر زوخ والي ولاية الجزائر، بخصوص عملية الترحيل والتي ينتظرها الآلاف من المواطنين، حيث ربط هذا المسؤول التنفيذي عملية الترحيل بالانتخاب ليعلن بأن الذي لا ينتخب لن يرحل. في هذا السياق، قال حسين زهوان رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، في اتصال مع "الشروق"، بأن خطاب والي العاصمة "تعسفي ويدخل ضمن التهديد والإكراه"، ليصرح: "التصويت أو الانتخاب هو حق وليس التزاما، والحق يمارس بحرية"، حيث اعتبر محدثنا بأنه من حق أي جزائري التصويت أو عدم التصويت، وله الحرية في استعمال هذا الحق ولا يوجد أي قانون يجبره على ذلك. وصرح زهوان بأنه إذا تم إجبار المواطنين على الانتخاب يدخل ذلك ضمن الإكراه، مشيرا إلى أن خطاب الوالي في هذه الفترة الحساسة هو مصادرة للحريات التي أقرّها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذا خرق لقانون الانتخاب، ليتساءل: "هل تريد السلطة إرجاع الناس إلى العهد الاستعماري بالتهديد على الانتخاب مقابل السكن؟" من جانبه، أكد الأستاذ برغل خالد المحامي المعتمد لدى المحكمة العليا، ل "الشروق"، بأن تصريحات والي العاصمة ممثل الهيئة التنفيذية تندرج في إطار الحملة الانتخابية، والدعوى للمشاركة في اقتراع 17 أفريل الجاري. وأضاف: "الخوف من العزوف والمقاطعة هو السبب وراء تصريحات الوالي للدعوى إلى الانتخاب"، معتبرا بأنه من الطبيعي أن يستغل زوخ هذا الظرف ويوجه نداء لآلاف المواطنين الذين ينتظرون الاستفادة من السكنات والترحيل ليربط حق السكن بالانتخاب. وقال برغل بأنه من الناحية القانونية، فالانتخاب هو حق وواجب لكل مواطن يتمتع بشروط وحقوقه المدنية، وله الحق أن يصوت أو يمتنع لأسباب سياسية أو شخصية، مضيفا أن أسلوب والي العاصمة من الأساليب القديمة التي كانت تمارس في عهد الحزب الواحد، وهو تصرف وسلوك غير قانوني، لأن الدستور وقوانين الانتخاب يمكن المواطن من حقه في التصويت أو الامتناع ، وتدخل الوالي هو مساس بحق من حقوق الإنسان، ويتعلق الأمر- يقول الأستاذ- أن الحق للمواطن في التصرف في رأيه، وأضاف: "أن تأتي سلطة إدارية أو قضائية تجبر المواطن بالتهديد أو الوعيد أو حتى الترغيب فهذا تعسف". ويشاطر برغل بوجمعة غشير رئيس الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان، الذي اعتبر في تصريح ل "الشروق" بأن والي العاصمة تجاوز صلاحياته، وتدخل في التشريع بربطه الانتخاب مقابل السكن، معتبرا هذا الشيء تهمة يعاقب عليها قانون العقوبات، ليقول: "التصويت حق وواجب وعدم المشاركة موقف سياسي ومن حق أي شخص التعبير عنه"، مضيفا: "تصريحات الوالي هي تعسف في استخدام السلطة ومن المفروض أن تحرك النيابة العامة لدى مجلس قضاء العاصمة دعوى ضده لتدخله في مجال التشريع والتعسف في استخدام السلطة".