تجرى الانتخابات الرئاسية الخامسة في تاريخ التعددية التي أقرها دستور 23 فيفري 1989 في ظل تحديثات محلية وإقليمية على الجزائريين جميعا مواجهتها وعلى رأسها تحدي الحفاظ على الاستقرار والسلام في محيط إقليمي دمرته استراتيجية الفوضى الخلاقة التي تنفذ تحت عنوان الربيع العربي. ويقول عارفون بالشأن الأمني إن المحاولة الأولى لاستهداف الجزائر كانت خلال جانفي 2011 من طرف مجموعات مرتبطة مع جهات أجنبية ومنظمات غير حكومية توفر الغطاء لتدمير الدول العربية تحت غطاء الربيع. ويضيف هؤلاء أن الجهات التي دمرت العراق وسوريا ومصر وتونس وليبيا واليمن لم تتمكن من هضم فشلها في تفجير الجزائر فعادت مرة أخرى لتنفيذ استراتجيتها في 16 جانفي 2013 من خلال تفجير مصنع الغاز بتيڤنتورين في محاولة لضرب استقرار الجزائر وتصويرها على أساس الدولة الفاشلة أمنيا وبالتالي فرض تدخل القوى الغربية تحت مبرر حماية مصالحها الاقتصادية وحماية رعاياها، قبل أن يفشل الجيش الجزائري الخطة من أصلها بعد نجاحه في تدمير المجموعة الدولية التي هاجمت الجزائر قادمة من مالي وليبيا. وتثير الجزائر التي باتت تتوفر على جميع عناصر القوة الصاعدة، الكثير من المخاوف لدى قوى تقليدية ترفض أن ترى دولة بحجم الجزائر في ثوب الدولة القادرة على حماية حدودها والقادرة على اتخاذ قراراتها الاستراتجية بكل حرية وبدون إملاءات من أحد وخاصة بعد أن تحررت نهائيا من قبضة المؤسسات المالية الدولية بقيادة نادي باريس ونادي لندن بعد دفعها لمديونيتها الخارجية نهائيا عام 2007 بفضل حنكة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي تمكن من تحقيق نصر غير مسبوق في هذا المجال حيث يعرف على نطاق واسع أن الدول الكبرى تحرص أشد الحرص على إنهاك البلدان الإفريقية بسلاح الديون وبمنعها من إقامة عدالة اجتماعية وتنمية بلدانها. وهي الرسالة التي فهمها الرئيس بوتفليقة منذ وصوله إلى الحكم حيث أقر برامج إنفاق عمومي بقيمة 480 مليار أورو لإعادة إعمار البلاد وتطوير بنيتها التحتية التي تخلفت بسبب الأزمة المالية لعام 1986 ثم بسبب الأزمة الأمنية التي دمرت الأخضر واليابس طيلة 10 أعوام والتي تسببت فضلا عن خسائر اقتصادية تفوق 30 مليار دولار في تعطيل الاقتصادي الجزائري كليا وتفكيك 40 ألف مؤسسة تابعة للقطاع العام وتشريد 500 ألف عامل وكانت السبب المباشر في هجرة داخلية لأزيد من مليون جزائري وهروب جماعي لأزيد من 400 ألف حامل لشهادة عليا نحو الخارج منذ 1991. ونجح بوتفليقة منذ عام 2001 في إعادة الأمل من خلال المزاوجة بين النمو ومتطلبات التنمية الاقتصادية حيث عمل على احترام قواعد العدالة الاجتماعية والتنمية الوطنية العادلة ومتطلبات إعادة البناء من خلال برامج استثمار محلية ضخمة ومراجعة الترسانة التشريعية الوطنية لجلب الاستثمارات العربية والأجنبية وتمكين جميع القوى الحية في المجتمع بالعمل والمشاركة في جهد البناء حيث تحولت الدولة في الجزائر المسؤولة على جميع الاستثمارات الضخمة من الزراعة إلى الصناعة مرورا بالطاقة والبناء والأشغال العامة والري والخدمات والصحة والتربية من خلال ثلاثة برامج خماسية للنمو ودعم النمو، كما أعلنت وزارة الدفاع الوطني في عام 2010 عن برنامج طموح لإعادة بعث القاعدة الصناعية الجزائرية من خلال مشاريع استمارات ضخمة في الصناعات الثقيلة في كل من قسنطينة والعاصمة وتيارت وخنشلة ووهران بالتعاون مع ألمانيا والإمارات العربية المتحدة. وفي العهدة الثالثة للرئيس بوتفليقة أعلن عن إصلاحات دستورية هيكلية وفي مجال الحريات السياسية والاقتصادية، حيث التزم الرئيس بتعديل جوهري للدستور لتحصين مؤسسات الدولة وحماية البلاد من الأخطار المحدقة محليا ودوليا كما وفر إمكانات تاريخية لوزارة الدفاع الوطني لتمكينها من لعب دورها الدستوري وحماية الحدود البالغة 7500 كلم وهو ما يمثل شوكة في حلق أعداء الجزائر وخاصة مع العودة القوية للجزائر للعب دورها الإفريقي والعربي بفضل فرضها لحضورها على الساحتين وهو ما أكدته الدولة الجزائرية خلال استعراض تاريخي لقدراتها في حربها على الإرهاب وحتى عندما قررت الدولة الجزائرية بكل سيادة إقامة جسر جوي لنقل 30 ألف مناصر للفريق الوطني بين الجزائر والسودان والعودة في ظرف 48 ساعة وهو ما لا تستطيع القيام به سوى القوى العسكرية التقليدية المعروفة في العالم.