كان موضوع التشغيل وتداعياته على الاقتصاديات العربية وسبل مكافحة البطالة محل تحليل خلال المائدة المستديرة التي بادرت بها منظمة العمل العربية أمس بالقاهرة بمشاركة وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي والرئيس الحالي لمجلس إدارة المنظمة السيد طيب لوح. وقد اطلع المشاركون في هذه الندوة التي تحمل عنوان "العقد العربي للتشغيل... الواقع والآفاق" من وزراء وممثلي المنظمات وأرباب عمل عرب وباحثين وجامعيين على المقترحات والتصورات لتنفيذ العقد العربي للتشغيل(2010- 2020) وتحقيق أهدافه. (وأ) وكانت القمة الاقتصادية العربية التي عقدت في جانفي الماضي في الكويت قد أصدرت قرارا بتنفيذ البرنامج المتكامل لدعم التشغيل والحد من البطالة في الدول العربية المقدم من قبل المنظمة واعتماد الفترة 2010 -2020 عقدا عربيا للتشغيل تتويجا لكافة الجهود التي بذلت على مدار عامين. ويهدف هذا العقد إلى تخفيض معدلات البطالة في جميع البلدان العربية بمقدار النصف وتخفيض نسبة المشتغلين ممن يقل دخلهم عن خط الفقر المعتمد إلى النصف ورفع معدل النمو في الإنتاجية إلى 10 في المائة خلال هذه الفترة في كل البلدان العربية وتوفير بيئة عمل مناسبة تحفز على رفع الإنتاجية وفق المعايير الدولية. كما يسعى إلى تحسين جودة التعليم عموما والتعليم الفني والمهني والتطبيقي إلى جانب مجموعة من الاعتبارات والتوجهات التي أبرزها التأكيد على أهمية التنمية الاجتماعية إلى جانب التنمية الاقتصادية وتوجيه صناديق التنمية العربية في هذا الاتجاه. وأشار في هذا الصدد وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي السيد طيب لوح إلى تداعيات الأزمة المالية الاقتصادية على كافة دول العالم بما فيها الدول العربية وآثارها على سوق العمل والتشغيل مبرزا أهمية العقد العربي للتشغيل الذي كلفت منظمة العمل العربية بتنفيذه وتحقيق الأهداف المسطرة له. وأشار السيد لوح إلى أن "التسيير الجيد والحكيم هو تسيير الحاضر بمعطيات المستقبل" مضيفا أن التحكم في الإحصائيات والمعلومات عن العمالة وخصائص السوق ونسبة النمو السكاني في العالم العربي "يمكننا من استشراف المستقبل وتحديد الإجراءات الكفيلة بتنفيذ الخطة المسطرة". وقدم في السياق لمحة عن واقع التشغيل في العالم العربي وعلاقاته بالنمو السكاني حيث أشار إلى ارتفاع عدد السكان في الوطن العربي الذي بلغ قرابة 4ر338 مليون نسمة سنة 2008 وبلغ نموه السنوي 2 في المائة خلال العقد الحالي 2000 -2009، وتقدر نسبة الشباب أكثر من 20 في المائة مع تفاوت ملحوظ بين البلدان، ففي الجزائر على سبيل المثال تفوق النسبة 30 في المائة. وبخصوص القوى العاملة في البلدان العربية فإنه يوجد 204 ملايين شخص في سن العمل بينما يبلغ حجم القوى العاملة حوالي 125 مليون وفق تقديرات 2008. وذكر الوزير أن نسبة البطالة في العالم العربي تبلغ 14 في المائة بما يعادل 17مليون عاطل عن العمل وأغلبهم من الشباب المتعلم والإناث مما يتطلب استحداث حوالي 4 ملايين منصب عمل سنويا لتفادي تفاقم مستوى البطالة فقط. وأشار إلى تقديرات البنك الدولي ومنظمة العمل العربية التي تؤكد على ضرورة توفير بين 80 و100 مليون فرصة عمل من الآن حتى العام 2025 أي بمعدل 6 ملايين فرصة سنويا. ولاحظ الوزير في هذا الشأن عدم مواءمة مخرجات التعليم والتدريب بصفة عامة في الوطن العربي مع احتياجات التنمية الاقتصادية ومتطلبات السوق خلافا لما نجده في البلدان الأخرى خاصة لدى الدول الآسيوية فضلا عن أن نسبة الطلبة في التخصصات التكنولوجية أو التقنية أقل مما هو موجود في الدول الأخرى. وأشار إلى أن نسبة المسجلين في الاختصاصات العلمية والتكنولوجية تقدر ب28 في المائة من مجموع المسجلين وهي أقل من مثيلاتها في الدول الآسيوية التي تبلغ 50 في المائة مذكرا أن نسبة المسجلين في هذه الاختصاصات تبلغ في الجزائر أكثر من 40في المائة. كما تطرق الوزير إلى أهمية تكثيف الاستثمارات لمكافحة البطالة والتركيز على الاستثمار المولد لفرص العمل وتنويع الاقتصاد والابتعاد عن الاستثمار في مجال المحروقات مشيرا في السياق إلى الورشات الاقتصادية الكبرى التي شرعت فيها الجزائر في سعيها لتنويع الاقتصاد الوطني وذلك في إطار برنامج رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة. وذكر أن الجزائر خصصت في الخماسي السابق 2004 / 2009 أكثر من 160مليار دولار لتمتين البنى التحتية كالطرقات وعصرنة الموانئ إلى جانب الاهتمام بالسكن والشؤون الاجتماعية للمواطن فضلا عن تخصيص 150 مليار دولار في الخماسي القادم 2010 / 2014 لاستكمال مشاريع البنى التحتية حتى يكون الاقتصاد الجزائري متينا وقائما على أسس سليمة. وذكر السيد لوح أنه يوجد في الجزائر أكثر من 80 في المائة من المواطنين مغطون من قبل الضمان الاجتماعي حيث بلغت تعويضات الأدوية في سنة 2008 حوالي 3ر77 مليار دينار مما كان له الأثر الجيد على الحماية الاجتماعية. وكان السيد لوح قد ترأس أمس الدورة ال72 لمجلس إدارة منظمة العمل العربية التي تضمن جدول أعمالها خطة وميزانية المنظمة للسنتين القادمتين وحصيلة نشاطاتها بين دورتي المجلس واستعراض تقرير عن نتائج أعمال الدورة 98 لمؤتمر العمل الدولي المنعقد بجنيف (سويسرا) في جوان الماضي ونشاطات المجموعة العربية المشاركة في هذا المؤتمر. كما صادق المجلس على تعديل دستور منظمة العمل الدولية والتي كانت قد تقدمت بها الجزائر خلال المؤتمر الدولي الأخير ونالت موافقة المجموعة العربية ومجموعة دول عدم الانحياز واستعرض المجلس الترتيبات التحضيرية الجارية تمهيدا لانعقاد المؤتمر العربي الأول لتشغيل الشباب المزمع عقده بالجزائر بين 15 و17 نوفمبر الجاري.