اتفق نواب أحزاب المعارضة على مقاطعة جلسات مناقشة مخطط الحكومة الذي سيعرضه الوزير الأول، عبد المالك سلال، على البرلمان الأحد المقبل، تزامنا مع إطلاق مشاورات لتشكيل قطب للضغط داخل المجلس، لعرقلة مشاريع القوانين في مقدمتها مشروع تعديل الدستور. أثارت برمجة مخطط الحكومة قبل عرض حصيلتها على ممثلي الشعب حفيظة نواب المعارضة، الذين رفضوا أن تنطلق الحكومة في كل مرة من نقطة الصفر، بدل الاستمرار في إنجاز البرامج التي ما تزال عالقة منذ حكومة سلال الأولى. واتفق نواب المعارضة على تجاهل جلسات المناقشة، إلى جانب تشكيل جبهة للضغط، لإسقاط مشاريع القوانين التي تفرض أن يصوت عليها ثلاثة أرباع النواب، من بينها مشروع تعديل الدستور. وانتقد هؤلاء النواب الطريقة التي اعتمدها مكتب المجلس في تسجيل أسماء المتدخلين الذين سيناقشون مخطط الحكومة، بدعوى إطلاق العملية في سرية تامة قبل توجيه دعوات رسمية إلى النواب لحضور جلسة النقاش. وبحسب ما كشف عنه لخضر بن خلاف، نائب عن جبهة العدالة والتنمية، تمكن نواب الموالاة من احتلال المراتب الأولى في إلقاء التدخلات، وبالفعل تصدر 25 نائبا من أحزاب السلطة قائمة النواب المتدخلين، قبل أن يفسح مجال التسجيل لنواب المعارضة، وهو ما اعتبر في تقديرهم تزويرا مسبقا وتضخيما للقوائم، على غرار استخدام الأسلاك المشتركة في تضخيم نتائج الاستحقاقات. وتجري مشاورات بين نواب التكتل الأخضر والأفافاس وكذا الأحزاب الصغيرة الممثلة في البرلمان، لاتخاذ موقف موحد من مخطط الحكومة، بدعوى انعدام الجدية وإصرار الحكومة على تجاهل المادة 84 من الدستور التي تنص على عرض بيان السياسة العامة، فضلا عن الظرف الذي تم اختياره لمناقشة المخطط، والمتزامن مع تنظيم امتحانات مصيرية، وهي شهادة البكالوريا، التي قد تصرف نظر المواطنين وحتى النواب عن مخطط الحكومة، بسبب انشغالهم بمصير أبنائهم، ويحتج نواب المعارضة على الحكومة بدعوى عدم التزامها أمام الشعب بعرض حصيلتها، إذ منذ أول انتخابات تعددية، التي نظمت سنة 97 وخلال 13 حكومة متعاقبة، حظي البرلمان باستقبال رؤساء الحكومة لعرض الحصيلة أربع مرات فقط، أولها كان أحمد أويحيى سنة 98، ثم بن فليس سنة 2001 وبعدها أويحيى في سنتي 2005 و2010، ويعيب نواب المعارضة على الحكومة عدم احترامها للاستمرارية، مع أن ذلك كان شعار الحملة الانتخابية للرئيس، وفق تأكيد نعمان لعور، نائب عن التكتل الأخضر، قائلا: "نقبل الانطلاق من نقطة الصفر لو أفرزت الانتخابات رئيسا جديدا". وبالنسبة إلى أحزاب الموالاة، فإن عدم التزام الحكومة بعرض الحصيلة لا يشكل أي حرج بالنسبة إليها، حيث اكتفت بإعطاء توجيهات لنوابها حول كيفية تناول المخطط، فضلا عن تنسيق المواقف فيما بينها. وسمحت الجبهة الشعبية الجزائرية بهامش من الحرية، بتمكين نوابها من إبداء الملاحظات في حال تسجيل نقائص وفق ما قاله لمين عصماني، منسق الكتلة، موضحا بأنهم لن يعارضوا الحكومة، لكنهم سيعملون على تقييم وتقويم ما يتضمنه مخططها من برامج، وأفاد منسق كتلة حزب تجمع أمل الجزائر، عبازي كمال، بأنه لا يوجد ما يمنعهم من مناقشة مخطط حكومة سلال، وأن مساهمتهم ستكون إيجابية، من خلال منح حرية النقاش لإبداء الآراء وتوجيه الانتقادات إن وجدت، قائلا بأن عرض الحصيلة هو مقنن في الدستور ومحبذ، غير أن البلاد مرت بمنعرجات ومحطات مهمة، ويقصد الانتخابات، جعلتها تركز على عرض المخطط بدل الحصيلة. ولا يحتج أيضا نواب الأرندي على عدم التزام الحكومة بتقديم بيان السياسة العامة، قبل عرض مخططها على البرلمان. وأفاد شرفي، رئيس الكتلة، بأن الأمين العام للحزب، عبد القادر بن صالح، قدم توجيهات أمس لنواب الأرندي حتى يكون النقاش منسجما مع موقع الحزب ضمن الجهاز التنفيذي، باعتباره طرفا أساسيا فيه.