انطلقت أمس أشغال المؤتمر التأسيسي لحزب طلائع الحريات لعلي بن فليس بفندق الهيلتون بالجزائر العاصمة تحت شعار "وحدة وعدالة ورقي" بمشاركة 1200 مندوب يمثلون كل الولايات. وحضر مراسم افتتاح المؤتمر، الذي ستنتهي أشغاله اليوم، رؤساء الحكومات السابقون، بلعيد عبد السلام ومقداد سيفي وأحمد بن بيتور، فيما غاب مولود حمروش. كما حضر عدد كبير من وزراء حكومات العشرية الأخيرة، وهم من مؤسسي الحزب، أبرزهم وزير الخارجية الأسبق أحمد عطاف ووزير الثقافة والإعلام عبد العزيز رحابي، إلى جانب ممثلين عن أحزاب المعارضة المنضوية تحت لواء تنسيقية الانتقال الديمقراطي، وضباط سامون سابقون في المؤسسة العسكرية، الذين خصهم بن فليس بالترحيب، وقال: "يوجد بيننا اليوم ضباط سامون في الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير". وأضاف: "الجيش لديه مكانة خاصة في قلب كل الجزائريين، فهو الجناح المسلح الذي لا يتلاشى للشعب والحصن المتين للجمهورية". واستغل بن فليس خطابه لتفريغ جام غضبه على النظام القائم والحديث عن إخفاقات السلطة، ورسم صورة سوداء عن أوضاع البلاد على الصعيد الاقتصادي، المتميز بانكماش مداخيل البلاد بسبب انهيار أسعار النفط. وعلى صعيد ممارسة الحقوق والسياسة، وعلى المستوى الاجتماعي. وقال رئيس الحكومة الأسبق إن النظام يرفض التعددية الحزبية ويخشى من المعارضة، ولا يشجع التعددية إلا عندما يتعلق الأمر بأحزاب مصنوعة خصيصا للولاء والطاعة والخضوع، وإذا حاولت هذه الأحزاب أن تكون حاسمة ويكون رأيها مناقضا لرأي السلطة فتتعرض ساعتها للمضايقات والمطاردات والعقوبات"، مضيفا أن السلطة فقدت مصداقتيها في العمل السياسي والممارسة السياسية. وانتقد بن فليس ما يعتبره "فراغا في مؤسسات الدولة الناتج عن شغور السلطة". وقال: "إن قوى غير مؤسساتية استولت على مركز القرار الوطني، بسبب شغور السلطة، وفي هذه اللحظة بالذات التي نجتمع فيها هنا تنتشر، في كل جهات الوطن، الإشاعات أو التسريبات التي تُطلق كبالونات اختبار لقياس مدى قابلية عملية الاستنساخ لنظامنا السياسي، بواسطة ما أصبح معروفا بالتعيين تحت تسمية الانتقال التوريثي أو عن طريق التعيين من نفس المجموعة"، في إشارة منه إلى ترتيبات السلطة لمرحلة ما بعد بوتفليقة. وأضاف بن فليس أن "الصورة التي أصبح عليها نظامنا السياسي اليوم، هي كالآتي: تسيير شغور للسلطة في الوقت الذي تفلت من يده مظاهر ذلك يوما بعد يوم، المحافظة على الوضع القائم، أي الجمود حتى لا يتحرك أي شيء أو يتغير، والسهر على استمرار النظام بكل الوسائل. والأخطر من ذلك بحسب بن فليس يكمن في تحضير عملية الاستنساخ لاحقا وعدم التراجع أمام أي طريقة ولو كانت الأكثر معاداة للجمهورية أو للوطنية".
حكومة سلال وضعت البلاد في تبعية مؤلمة ومدمرة واتهم المترشح السابق لرئاسيات 2014 حكومة عبد المالك سلال بوضع البلد في "تبعية مؤلمة ومدمرة، والفشل في حل مشاكل الجزائريين"، مبرزا بالقول: "لقد استهلك النظام السياسي القائم مبالغ ضخمة في مخططات الإنعاش، التي لم تنعش شيئا"، و"هي المبالغ التي أثْرت البعض على حساب البلد، هي مبالغ تعطي الإحساس بالدّوار لكنها في نفس الوقت تخلّف الشعور بخسارة كبيرة. فلماذا إذن نجد اقتصادنا في هذه الحالة بينما كانت له كل وسائل تطوره؟ عناصر الإجابة تفرض نفسها بنفسها". وفي الشأن الاقتصادي، قال بن فليس إن الجزائر لا تملك اقتصادا بل اقتصاديات عديدة، لدينا اقتصاد بيروقراطي يتعايش مع اقتصاد لم يأخذ من اقتصاد السوق ومن الليبرالية سوى جانبهما الأكثر وحشية، ولدينا اقتصاد شكلي متحجر وآخر مواز منظم، لدينا جيوب صغيرة للعصرنة الاقتصادية في نظام بال، مضيفا أن النظام السياسي الحالي فضل السهولة والملذات وجاذبية الاقتصاد الريعي، ففوت على البلد كل الفرص الذهبية السانحة لتنويع مصادر خلق الثروة الوطنية. ورفض بن فليس، على هامش أشغال المؤتمر، الرد على اتهامات الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، الذي اتهمه أمس بنكران الجميل، وقال بن فليس للصحفيين: "لا تتوقعوا مني أن أتحدث عن الناس"، و"كل اهتماماتي تصب حول المواطنين الذين يبحثون عن الحلول والمقترحات لتحسين ظروفهم المعيشية وبناء الديمقراطية". وقال بن فليس إن حزب طلائع الحريات ليس مفتوحا لأصحاب البداوة السياسية، في إشارة منه إلى المناضلين الذين يرتحلون متن تشكيلة سياسية إلى أخرى بحثا عن المناصب والمنافع، مبرزا أن تشكيلته السياسية تأتي لوضع حد لدوامة الانتكاسات التي غذاها النظام السياسي القائم طيلة عشرية كاملة.