أقدم برلمان تونس، ليلة السبت، سحب الثقة من حكومة الحبيب الصيد بغالبية ساحقة، وأتى ذلك بعد ضغوط طالت الجهاز التنفيذي منذ اقترح الرئيس "الباجي قائد السبسي" تشكيل حكومة وحدة وطنية في الثاني جوان الأخير. مثلما كان متوقعًا، نجح مجلس الشعب في إسقاط الحكومة بقوة 118 نائبا صوّتوا ضد تجديد الثقة، مقابل ثلاثة فقط، فيما اختار 27 آخرين الامتناع عن التصويت. وتعرّض "الصيد" (67 عاما) لضغوط كبيرة مؤخرا بعد 18 شهرا عن توليه الحكومة. وأشاد العديد من النواب ب"نزاهة" الصيد لكنهم انتقدوا حكومته، وجرى اتهام حكومة "الصيد" بعدم التحرك بفاعلية في مرحلة حساسة تمر بها البلاد، فرغم نجاح تونس في انتقالها السياسي بعد ثورة 2011، إلاّ أنّ اقتصادها ظلّ يواجه الأزمات، فيما تستهدفها هجمات جهادية عنيفة. وكان الصيد الذي لم يبلغ مسبقا بمبادرة الرئيس، عبّر عن استعداده للاستقالة إذا كانت مصلحة البلاد تقتضي ذلك، لكنه دان بعد ذلك الضغوط وأعلن أنه لن يرحل إذا لم يسحب منه البرلمان الثقة. وأعلنت أحزاب عدة بينها احزاب الائتلاف الحكومي الاربعة: نداء تونس والنهضة وآفاق تونس والاتحاد الوطني الحر، عدم تجديد ثقتها بالحكومة، بينما سيتم بدء مشاورات لتكليف "الشخصية الأقدر" بتشكيل حكومة جديدة. وفي "خطاب الوداع"، دافع "الصيد" عن عمله بشكل حازم أمام النواب وهاجم الأحزاب السياسية التي اتهمها بتجاهل التقدم الذي تحقق على حد قوله ضد الارهاب وغلاء المعيشة وكذلك على صعيد وضع خطة خمسية. وقال إنّ "الهدف لهذه الحكومة (...) هو أن تدوم في الزمن (...) لأنّ الوضع في بلادنا يحتم الاستمرارية" مؤكدا ان "كل تبديل عنده انعكاسات سلبية وسلبية جدا على اقتصادنا وعلى سمعتنا في الداخل والخارج". وأكد "الصيد": "فوجئت (...) بمبادرة رئيس الجمهورية بتكوين حكومة وحدة وطنية" معتبرا أنّ هذه المبادرة أثارت شكوكا حول المستقبل وشلت عمل الحكومة، وقال الصيد الذي قاطعه النواب مرارا بالتصفيق، إنه تعرض لضغوط لحمله على الاستقالة، منددا بالعمل على التخلص منه. وقال ان الهدف من مبادرة الرئيس بات "تغيير رئيس الحكومة"، مؤكدا أنّ البعض كانوا يسألونه لماذا لم يستقل ويحضونه على الاستقالة، ونسب مقربوه طلبوا عدم ذكر اسمائهم هذه الضغوط إلى أوساط نجل الرئيس حافظ القائد السبسي القيادي في حزب "نداء تونس". وكان هذا الحزب الذي أسسه الرئيس الحالي، فاز في الانتخابات التشريعية التي جرت في 2014، قبل أن ينقسم ويفقد مكانته الأولى في البرلمان لمصلحة حركة النهضة الإسلامية وسط قلق حيال المرحلة المقبلة.