عمّمت وزارة الصحة إجراء تزويد المؤسسات العمومية للصحة الجوارية، بمختصين نفسانيين، يستمعون لانشغالات ومشاكل المواطنين، خاصة المرضى الذين لم تكشف التحاليل إصابتهم بأمراض عُضوية، حيث يتم تحويلهم مباشرة إلى مختص نفساني. وفي هذا الصدد، تنقلت "الشروق" إلى العيادة متعددة الخدمات ببن عمر بالقبة، التابعة للمؤسسة العمومية للصحة الجوارية بالعناصر بالعاصمة، وحاولنا الحديث إلى مواطنين قصدوا مكتب المختصة النفسانية، لكن للأسف لا تزال الأسرار والمشاكل العائلية طابوهات لا يمكن الكشف عنها لغرباء، فارتأينا الاستفسار عن الظاهرة من المختصة النفسانية راضية بوجرادة... قابلنا بمكتبها ربة منزل في الثلاثينات من عمرها، أخبرتنا بأنها أحضرت ابنتها ذات 9 سنوات، والتي تعاني من ظاهرة التبول اللاّإردي ليلا ونهارا، ورغم تشخيص حالتها بأنها مرض عضوي يتمثل في وجود "شحمة" بالعمود الفقري وتحتاج لعملية، ارتأت الوالدة اصطحاب ابنتها للطبيبة النفسانية لمساعدتها على الشفاء، قائلة "رغم أن مجتمعنا يصف كل من يذهب للطبيب النفساني ب "المهبول" فأنا لا أخجل من الأمر، مؤكدة أن ابنتها في تحسن مستمر، وكشفت السيدة أنه سبق لها أن قصدت طبيبا نفسيا رفقة زوجها في مشكلة أخرى. شابة أخرى من العاصمة، جاءت باحثة عن تفسير لحالة شقيقها البالغ 39 سنة، والذي توقف فجأة عن تعاطي الأنسولين بعد تشخيص إصابته بالسكري، ماتسبب في تدهور حالته الصحية. وتلقت الشابة تفسيرا، أن شقيقها تلقى صدمة نفسية بعدما كشف له الطبيب إصابته بالسكري بطريقة عنيفة. وتأسفت محدثتنا كون بعض الأطباء هم أنفسهم بحاجة لتكوين نفسي، خاصة أثناء تشخيصهم للأمراض المزمنة والخطيرة. تقصدني نساء ل"إفراغ قلوبهن" وفقط.. وعن نوعية المشاكل المعروضة عليها، كشفت المختصة النفسية بأن 90 بالمئة منها متعلقة بمشاكل زوجية، وأهمها إهمال الزوج لزوجته ماديا ومعنويا، العنف الزوجي، تناول المسكرات والمخدرات، وأيضا الأطفال المتوحدون.." مؤكدة أن غالبية مرضاها نساء، ولكنها تصر عليهن لإحضار الزوج للاستماع لوجهة نظره، وهو ما يحصل. ومن الأمور التي تصادفها المختصة في عملها، أن بعض النساء يقصدنها فقط "ليفرغن ما في قلوبهن.." مبررات ذلك، أنهن لا يُردن رواية همومهن للأهل أو الجيران مخافة "معايرتهن"... ونصحت المختصة الزوجين بضرورة الحوار ولو لمدة 5 دقائق يوميا، وذلك في مكان بعيد عن أعين الأطفال. التبول اللاإرادي أكبر مسبب للعقد النفسية لدى الأطفال ظاهرة أخرى، متعلقة بتقليل بعض العائلات من أهمية الدور الذي يقوم به المختص النفساني في بعض المدارس، حيث روت لنا قصة مؤثرة، أقدمت فيها والدة على تأنيب ابنها المتمدرس بعدما صارح المختصة النفسانية بالمدرسة بشأن معاناته من التبول الاإرادي، ووالد آخر استفزه موضوع تلقيه استدعاء من طبيب المدرسة النفساني، لشرح وضعية ابنه، فجاء مهددا الطبيب وقائلا "ما رانيش مهبول باش تعيّطلي!".