سؤال أردت من خلاله طرح مجموعة من الأفكار على القراء الكرام، وتصور سيناريوهات لإجابات وقناعات نتقاسمها، وتصب كلها في اتجاه الاعتناء بمستقبلنا ومستقبل أجيالنا مهما كان الثمن ومهما كانت الظروف، لأن مستقبلهم من مستقبل الجزائر، ومستقبل الجزائر أهم من كل واحد منا، وأهم من كل الهزات، وكل الانتصارات والانكسارات الظرفية، وأهم من كل قلم أو لسان يسيء إلينا أو يمدحنا.. * لقد أخذ منا الرد على افتراءات وأكاذيب وشتائم الإعلام المصري كل الوقت والجهد، وشغلنا عن الاهتمام بشؤوننا الرياضية والكروية، وحتى الحياتية المصيرية الأخرى، ووجدنا أنفسنا رهائن تجار القلم والكلام، نرد عليهم ونبرر مواقفنا وتصرفاتنا، ونشغل أنفسنا وأبناءنا بأمور اتخذنا بشأنها موقفا رسميا وشعبيا لن نحيد عنه لأننا أصحاب كلمة ومواقف وحق. * قبل مباراة مصر كانت لنا حياتنا ومشاكلنا وهمومنا وأفراحنا وأحزاننا وطموحاتنا، وكان لنا منتخبات وأندية ومنافسات، وأهداف رسمناها وحققناها، وأخرى لم نقدر عليها في كل الرياضات وكل المجالات، وبعد المونديال المقبل سنجد أنفسنا أمام تحديات أخرى أكبر وأهم، لأن الطموحات كبرت والأفاق توسعت ومنتخب كرة القدم دخل عالم الكبار وفتح شهيتنا على التألق، ولكن الجزائر ليست فقط منتخب كرة القدم، وليست بلد الرياضة فحسب، بل هي أكبر بكثير من ذالك، ومن كل ما من شأنه أن يعكر صفو حياتنا ومستقبل أبنائنا. * قبل بداية التصفيات كان هدفنا التأهل إلى المونديال، وقد تحقق، وأهدافنا وطموحاتنا المقبلة هي التأهل إلى ثمن نهائي كأس العالم والفوز بكأس أمم إفريقيا وكؤوس إفريقيا للأندية، وغايتنا ولوج عالم الاحتراف وإعادة النظر في النصوص والقوانين، وإعادة هيكلة الحركة الرياضية الوطنية، وإعادة تأهيل إطاراتنا ومرافقنا الرياضية، والاستثمار في كل هذه التحولات الرياضية والسيكولوجية والاجتماعية التي خلفها تأهل الخضر، والتجاوب الجماهيري والرسمي مع الحدث، والاستثمار في الاعتزاز بالانتماء لهذا الوطن رغم كل عيوبنا ومشاكلنا وعدم رضانا على كثير من شؤوننا وأحوالنا . * ونظرا لكل هذا، ما رأيكم لو نعود لنهتم بشؤوننا ونواصل السير بالقافلة إلى الأمام دون أدنى اعتبار لما يكتب ويقال عنا في وسائل الإعلام المصرية، خاصة بعد أن انكشف أمرهم وانقلب عليهم سحرهم وبهتانهم، ولم يعد يثق فيهم حتى قراءُهم ومشاهديهم ، وبعد أن وقفنا وقفة بطولية بكل فئاتنا من اللاعبين إلى المسيرين والرسميين والجماهير والإعلاميين. * الجزائريون بعد الذي فعله منتخبهم، والذي فعلته صحافتهم، وبعد وقفة شعبهم وسلطات بلادهم الرجولية والحكيمة، ليسوا بحاجة إلى تأكيد أو تبرير أي شيء لأننا سنكون مع الكبار في المونديال المقبل، ولم نعد بحاجة للدفاع عن كرامتنا لأنها محفوظة، ولم نعد بحاجة للدفاع عن الحق والعدل لأنه يعلو لوحده، ولا بحاجة إلى تبرير أي تصرف أو ردفعل لأنها قناعتنا اليوم وغدا. ولأن شعبنا صار يعرف قدراتنا على رفع التحديات ويدرك معنى حكمتنا عندما صمتنا على الأذى، ومغزى حكمتنا عندما انتفضنا لنفضح الأكاذيب والافتراءات، ونكشف النقاب عن الوجه الزائف لدعاة العروبة والأخوة والشرف ودعاة المصالحة المصلحية الظرفية، فإنه وجب علينا اليوم أن نمر وننتقل إلى مرحلة أخرى من التخطيط والتفكير والجهد، ونسعى إلى تثمين انجازاتنا وتصحيح أخطائنا والحفاظ على روح أم درمان التي هي من روح شبابنا وشعبنا، ويجب أن تنعكس كل يوم على كل مناح الحياة عندنا. * صحيح أن الاجتماع الوزاري المشترك الذي عقد الأسبوع الماضي حول كرة القدم كان بداية التفكير في هذا المستقبل الذي ننشده، ولكنه أبدا لن يكون كافيا، وقد يكون مثل سابقيه من الاجتماعات الوزارية المصغرة الأربعة التي انعقدت منذ بدية الألفية، واتخذت فيها قرارات لم تر النور إلى اليوم، ولو نفذت وطبقت في وقتها لكنا اليوم في أحسن حال، ونخطط لأمور أخرى، لأن قرارات منح الأراضي للأندية وتدعيمها وبناء مركز تكوين للمنتخب ووضعه تحت الوصاية المباشرة للدولة وإعادة النظر في بعض القوانين هي كلها أمور تقررت منذ 2002 ولم تنفذ للأسف لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية. * لذالك ومع احترامي لتركيبة الاجتماع الوزاري المشترك وصدق نواياه، فإننا بحاجة إلى المزيد من الصرامة والمتابعة في تنفيذ التوصيات والقرارات، أو إلى رفع درجة الاهتمام إلى مستوى مجلس الوزراء حتى يكون الإلزام والالتزام أكبر وأعمق، وضرورة تخصيص مجالس لقطاعات التربية والصحة والشباب والرياضة والعدل والثقافة، وغيرها من المجالات الهامة المؤثرة على حياتنا ومجتمعنا والتي تعود بالخير على كل الجزائريين، لأن شعبنا يستحق كل الخير، وبلدنا يملك كل المال والرجال والأفكار التي تغنينا عن البقاء رهائن قرارات لا تطبق ورهائن الجدل البيزنطي، ونتجاوز الحديث عن الاعتذار والصلح والكلام عن التأهل إلى المونديال، لنصل إلى الحديث عن ما سنفعله في المونديال وما بعد المونديال، ونصل إلى إعادة تأهيل العباد والقوانين مع المستجدات لأن شعبنا يستحق كل الخير. * أنا شخصيا أريد أن أتكلم وأكتب عن المستقبل، وعن كل هذه التحديات لنصنع صفحات جديدة في تاريخنا دون نسيان الماضي، ودون نسيان من أساء ومن أحسن إلينا، ولكن دون أن نبقى رهائن هذا الماضي الذي نقلب صفحته دون تمزيقها. * نريد رؤية انعكاسات كل المأساة والانجازات التي حصلت وتحققت، ونريد استثمارا فعليا لكل الذي حدث.. والبداية تكون على الأقل من تنفيذ كل التوصيات والإجراءات المتخذة على مستوى الاجتماع الوزاري المصغر .. * مارأيكم؟