رغم أن المسافرين باستمرار إلى تونس والذين يعرفون منطقة الشريط الحدودي الشرقي يعلمون أكثر من غيرهم بأن بطن الأراضي الجزائرية مليئة بالمياه، حيث تتفجر الينابيع باستمرار، إلا أن بعض التجمعات السكانية صارت تحج بأبنائها ونسائها إلى مناطق بعيدة بحثا عن الماء الشروب قبل التفكير في إرواء شياهها أو سقي منتوجاتها الفلاحية.. ولم نكن ندري عندما اتصل بنا بعض سكان المناطق الحدودية ليشكوا عطشهم المزمن، أن الأمر قد بلغ درجة السفر إلى البلد الجار لأجل نقل المياه وهي الصورة التي يعيش عليها سكان منطقة الصفصاف ببلدية عين الزرقاء التابعة لولاية تبسة الذين يعيشون أزمة حادة في الحصول على الماء الشروب، وهذا بسبب عدم تمكنهم من استغلال البئر المنجز منذ سنة 2007 لتزويد سكان الشريط الحدودي بتجمعات "الزقاية وعايد والنجارية"، وهو البئر الذي صرفت عليه السلطات مبلغا ماليا ضخما وبقي من دون استغلال دون تمكننا من الحصول على إجابة عن هذا اللغز، وهو ما جعل تفسير المواطنين للمشكلة الأقرب إلى التصديق وهو كون البئر جاف أصلا.. لسكان في رحلة البحث عن الماء صاروا يقطعون مسافات طويلة لتحقيق المبتغى، بعضهم يتنقل إلى مقر البلدية أو المجرى المائي بوادي الصفصاف وكلها مناطق بعيدة، ولكن الأغلبية لجأت إلى بئر يقع بالأراضي التونسية لجلب الماء رغم ما للعملية من مخاطر ومشقة. "الشروق اليومي" قامت بزيارة إلى هذه المنطقة فكشف بعض المواطنين بأن البئر الذي يوجد بأراضيهم أنجز سنة 2007 على عمق يقارب ال 200 متر وهو من أضخم الآبار بالجزائر، حيث وصلت تكلفته الى ما يقارب 500 مليون سنتيم، وكان محل زيارة من قبل المنتخبين المحليين ومسؤولين على مستوى الدائرة بعد نهاية الإنجاز، وعوض أن يتم استغلاله لفائدة ما لا يقل عن سبعين عائلة، بقي الوضع على ما هو عليه دون تقديم أي تفسير.. لتبقى العائلات الجزائرية تتزود بمياه البئر التونسي الواقع بالشريط الحدودي، حيث تابعت "الشروق اليومي" معاناة المواطنين في التنقل بشكل يومي لأجل التزود بمياه هذا البئر أمام أعين حرس الحدود التونسيين.. وقد عبر الكثير من السكان عن تذمرهم من هذا الوضع واعتبروه غير مقبول، فمن غير المعقول - كما قالوا - أن يبقى المواطن الجزائري يجلب الماء من بلد آخر في وقت أن الأراضي الجزائرية تتمتع بكل الخيرات، وفي مقدمتها الماء. وفي رده عن هذا الانشغال، كشف نائب رئيس البلدية السيد عبدالله زروق بأن مشكلة الماء لسكان الشريط الحدودي بالصفصاف والقليعة ستجد حلا نهائيا خلال الأيام القليلة القادمة، وقال أن البلدية حلت مشكلة الكهرباء والطريق، حيث تم تخصيص غلاف مالي يقدر ب 10 ملايير سنتيم لإنجاز 7 حنفيات مائية بالاضافة الى تهيئة البئر الذي سيستغل أحسن استغلال لفائد السكان.. ونحن نغادر المنطقة بعد أن أخذ منا السكان كل المياه التي كانت بحوزتنا، تساءل ضاحكا أحد المواطنين وهو يقول.. "ماذا لو كان البلد الحدودي المجاور لنا يعتمد قانون التأشيرة"؟؟