شهد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز توقيع اتفاقات بقيمة قد تتجاوز 65 مليار دولار مع بدء زيارته لبكين، الخميس، في وقت تتطلع فيه المملكة أكبر منتج للنفط في العالم لتعزيز العلاقات مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم. ويقوم العاهل السعودي، الذي يسعى منذ توليه العرش قبل عامين إلى تطبيق خطة طموح لإصلاح الاقتصاد، بجولة آسيوية تستغرق شهراً. وتهدف زيارة الملك لدول من مستوردي النفط السعودي الأسرع نمواً في العالم إلى الترويج لفرص الاستثمار في المملكة بما في ذلك بيع حصة في شركة أرامكو النفطية الحكومية العملاقة. وتسعى السعودية لزيادة مبيعاتها من النفط إلى الصين ثاني أكبر سوق للنفط في العالم بعدما فقدت حصة سوقية لصالح روسيا في العام الماضي وذلك من خلال العمل أساساً مع أكبر ثلاث شركات نفطية حكومية في الصين. وفي قاعة الشعب الكبرى في بكين قال الرئيس الصيني شي جين بينغ للملك سلمان، إن الصين سوق مستقرة لصادرات النفط يمكن الاعتماد عليها وإن على البلدين تعزيز التعاون بينهما. وقال شي: "منذ فترة طويلة تتبادل الصين الاحترام مع الدول الإسلامية وتتعاون معها بشكل يعود بالنفع على الجميع وقدم (الجانبان) نموذجاً للتعايش السلمي بين الثقافات المختلفة"، وفقاً لوزارة الخارجية الصينية. وذكرت الوزارة، أن الملك سلمان عبر للرئيس الصيني عن أمله بأن تلعب بكين دوراً أكبر في شؤون الشرق الأوسط. وقال سلمان، إن السعودية مستعدة للتعاون الوثيق مع الصين من أجل تعزيز السلام والأمن والرخاء على الصعيدين العالمي والإقليمي. صديقان قديمان قال نائب وزير الخارجية الصيني تشانغ منغ، إن مذكرات التفاهم وخطابات النوايا التي جرى توقيعها قد تتجاوز قيمتها نحو 65 مليار دولار وتشمل جميع المجالات من الطاقة إلى الفضاء، لكنه لم يخض في تفاصيل. وقال تشانغ: "الرئيس شي جين بينغ والملك سلمان صديقان قديمان". وأضاف "التعاون الفعال بين الصين والسعودية حقق بالفعل إنجازات كبيرة وينطوي على إمكانات هائلة". وبجانب مذكرات التفاهم التي اتفقت عليها الحكومتان وقعت شركات سعودية وصينية 21 اتفاقاً تشمل استكشاف فرص الاستثمار في النفط والبتروكيماويات والتجارة الإلكترونية والتعاون في أسواق الطاقة المتجددة. أما بالنسبة لأرامكو، فإن الاستثمارات المحتملة تتناسب مع إستراتيجيتها لتوسيع محفظتها للتكرير والكيماويات في مسعاها لتنويع الأصول وإبرام اتفاقات طويلة الأجل لنفطها. وجرى توقيع مذكرة تفاهم مع شركة نورينكو التي تديرها الدولة لدراسة بناء مشروعات للتكرير والكيماويات في الصين، بينما اتفقت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) مع سينوبك على تطوير مشروعات بتروكيماويات في الصين والسعودية. وقال مصدر بالقطاع، إن اتفاق نورينكو قد يتضمن استكشاف إمكانية إنشاء مصنع جديد للتكرير والكيماويات في بانجين بإقليم لياونينغ وتحديث منشأة قائمة للتكرير والبتروكيماويات في نفس المنطقة. وتشترك سينوبك وسابك، إحدى كبرى شركات البتروكيماويات في العالم، في إدارة مصفاة في تيانجين. وسيط نزيه لا تلعب الصين عادة دوراً كبيراً في الصراعات أو الجهود الدبلوماسية في الشرق الأوسط رغم اعتمادها على المنطقة في النفط، لكنها تسعى لتعزيز مشاركتها في الجهود الرامية لإنهاء الحرب الأهلية الدائرة في سوريا منذ ست سنوات والتي تدعم فيها الرياض مقاتلي المعارضة ضد الرئيس السوري بشار الأسد. وفي العام الماضي عرضت الصين دعم الحكومة اليمنية التي يساندها تحالف تقوده السعودية في حربها ضد الحوثيين المتحالفين مع إيران والذين يسيطرون على معظم أنحاء البلاد. وقال تشانغ، إن الزعيمين السعودي والصيني ناقشا أزمتي اليمن وسوريا واتفقا على ضرورة حل هذه القضايا سياسياً من خلال المحادثات. لكن الصين اضطرت إلى تبني نهج حذر نظراً لارتباطها بعلاقات وثيقة مع إيران. وزار شي السعودية وإيران في جانفي من العام الماضي. ومن المقرر أن يزور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الصين في الأسبوع المقبل. وقال دبلوماسي في بكين من دولة ذات أغلبية مسلمة لوكالة رويترز للأنباء، إن الصين تحاول الاضطلاع بدور "الوسيط النزيه" في الشرق الأوسط. وقال الدبلوماسي الذي طلب عدم ذكر اسمه: "الصين لا تنحاز لأي جانب وهذا أمر يحظى بالتقدير".