انطلقت الحملة الانتخابية وانطلقت معها الحلول السحرية والوعود الهلامية التي أطلقها المترشحون في الشوارع والأسواق والمقاهي والمساجد، فمنهم من أشهر سيف الحجاج ضد الفساد، ومنهم من استعان بعصا موسى وخاتم سليمان في وعود طالما تكررت وطال انتظارها، على غرار حل أزمة السكن والبطالة وتخفيض الأسعار ورفع الأجور.. ومن جهتهم، استقبل المواطنون خطابات المترشحين البراقة بنوع من السخرية والمداراة ولسان حالهم يقول "أوفوا بوعودكم..". خرجت الأحزاب من مغاراتها واستفاق المترشحون من سباتهم، لينشطوا الموعد الانتخابي الذي يتجدد كل خمس سنوات، وتتجدد معه المصالح والمطامع والأحلام، غير أن الواقع المرير الذي صادف بداية الحملة الانتخابية على غرار ارتفاع الأسعار وأزمة السكن الخانقة وفضائح طالت كل القطاعات، جعلت المترشحين في مهمة شبه مستحيلة لتبييض الواقع وإقناع المواطن بضرورة المشاركة من أجل التغيير. مقري: سنجعل العاصمة جنة ونسقط جمهورية "السكوار" استهل رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، حملته من العاصمة التي جاب رفقة متصدر القائمة عبد المجيد مناصرة شوارعها وأزقتها.. دخل المحلات وصلى في المساجد رفقة الوفد المرافق له، ومن بين أهم الوعود التي أطلقها خلال اليوم الأول هو تحسين وجه العاصمة وجعلها مدينة لا تنام على مصاف العواصم الكبرى تحت شعار "معا لجزائر الهناء والنماء" كما وعد بغلق سوق السكوار وتشجيع التجارة وتطوير الاقتصاد. غول: سأمنع الدعم عن الأغنياء وأنا محامي الفقراء سلط رئيس حزب تجمع أمل الجزائر، عمار غول، في خرجته الأولى بولاية تيارت الضوء على ترشيد سياسة الدعم، مؤكدا أنها ستوجه للفقراء من دون غيرهم، مؤكدا أن سياسة الدعم لبعض المواد الاستهلاكية الاستراتيجية "خاطئة" واقترح في برنامج حزبه ما يجعله أكثر معقولية بتوجيهها في أجور الطبقات الضعيفة بدل منحها للجميع، حيث يقترح حزب تاج تحديد سقف الأجر الذي عنده تتدخل الدولة بالدعم، ليبقى الفائض كتمويل لمشاريع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي يقيمها الشباب. ربط غول في تجمع له بمدينة تيارت الواقع السياسي الحالي المتميز بالصعوبات الاقتصادية والفتن على اختلاف أنواعها بالاقتصاد. أويحيى: أعد المواطنين بالرفاهية والاستقرار ركز رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى في خرجته الأولى من ولاية الطارف على وعود تمحورت حول النمو والرفاهية والاستقرار، مؤكدا أن الحفاظ على الأمن والوحدة الوطنية أمر أكثر من ضروري وهو أكثر من الخبز ذاته، لا سيما في ظل ما تعيشه بعض الدول العربية من تقاتل وتناحر، وفي الشق الاقتصادي، قال أويحيى إن حزبه يريد تحرير الجزائر من التبعية للنفط من خلال مرحلة انتقالية في المجال الاقتصادي تعتمد على تسعة عناوين تتمثل في تحسين ظروف الاقتصاد والإبقاء على مصاريف الدولة في الاستثمار والتنمية المتوازنة عبر كامل الجهات والولايات ودعم كل من الاستثمار المنتج والصادرات خارج المحروقات وتكييف منظومتي التكوين والتربية مع حاجيات الاقتصاد واستكمال برامج النمو الفلاحي وقطاع البناء والحرص على الاستقلال الطاقوي. فروخي: لن نبيع الريح وسنحل أزمة السكن ركز فارس الآفلان في العاصمة، سيد أحمد فروخي، في خرجته الأولى على ملف السكن، مرجعا فضل ترحيل الجزائريين وإسكانهم إلى حزبه قائلا "لن نبيع الريح وسنواصل الدفاع عن الفئات الهشة، وجئنا بمشروع متفتح على الآخرين ولن نرجع بالجزائريين إلى القرون الوسطى" . وحاول توظيف ملف السكن عندما أشار إلى أن المجالس الشعبية المنتخبة التي يسرها الأفلان نجحت في ترحيل آلاف العائلات الجزائرية إلى بيوت لائقة وستواصل ذلك.
مترشحات بوجوه مخفية ومواطنون يردون: لن ننتخب الأشباح تمزيق صور المترشحين وتكسير اللوحات الإشهارية يؤرقان الأحزاب تفاوتت ردود فعل المواطنين بشأن انطلاق الحملة الانتخابية، فبينما استقبل البعض خرجات المرشحين في الشارع ببعض من الاهتمام والترقب، انتقم كثيرون من سوء وضعيتهم الاجتماعية بتدوين شعارات معادية على صور النوّاب المرتقبيِن، أو تمزيقها وتخريبها كليا، فيما أتلف شباب غاضب أو "منحرف" اللّوحات الإشهارية المتواجدة في أماكن معزولة. طالت النساء المترشحات للانتخابات التشريعية واللواتي قمن بتغطية وجهوهن في قوائم العديد من الأحزاب خاصة في مناطق الجنوب، الكثير من الانتقادات، فمنهن من تصوّرت بستار أسود غطى كامل وجهها، مثلما فعلت مرشّحة بقائمة "الأفانا"، وأخرى وضعت شريطا أسود على وجهها، في حين أخفت الكثيرات صورهن بماسح إلكتروني "فوتوشوب" وهو السلوك الذي استنكره المواطنون، وعلقوا عليه بالقول "من التصويت على الشيوخ إلى انتخاب الأشباح..... !!". ومن جهة أخرى، وصف المواطنون المادة المصنوعة منها اللوحات الإشهارية "لاريزين" بالتبذير، خاصة أنها سريعة الكسر والتلف، متسائلين عن سبب الاستغناء عن اللوحات المصنوعة من الحديد، ليفسر البعض السبب بالتقشف. في وقت أكد أحد أميار العاصمة ل"الشروق" أن البلديات الفقيرة استفادت من اللوحات الإشهارية مجانا من الولاية، في حين دفعت الغنية مبلغا ماليا، وخصصت ولاية الجزائر 1480 موقع للوحات الإشهارية. أكياس الخبز اليابس بدل صور المرشحين وببلدتيْ باش جراح وبئر خادم، تعرضت العديد من لوحات قوائم المرشحين للتحطيم، وأخرى حوّلها البعض إلى لوحة دوّنوا عليها مكبوتاتهم، والطريف هو تعليق أكياس الخبز اليابس على اللوحات. فببئر خادم، وعلى جانب الطريق السريع نحو البليدة، تعرضت اللوحات المشكلة من مادة سهلة للكسر للتحطيم، وأخرى كتب عليها باللون الأسود "انتخبوني وسأرفع عنكم الغبن....". وأخرى "أنا هو الرئيس المفضل..."، والخطير هو تدوين كلمات مخلة بالأدب، ولحسن الحظ مسحها المواطنون بسهولة. وخلال جولتنا ببعض أحواش بلدية بئر توتة، تساءل سكانها عن سبب تجاهل البلديات وضع حاويات القمامة، في وقت سارعت إلى نصب اللوحات الإشهارية. أما على مواقع التواصل الاجتماعي، فالحملة اتخذت منعرجا آخر، ميزته الطرافة والتنكيت، فالبعض قارن بين الحملات الإشهارية للمرشحين الفرنسيين ونظرائهم الجزائريين، فرأوا في الأولى التنظيم وحسن التنصيب، وفي الثانية الفوضى والإهمال... كما غزت صور أكياس الزبالة والخبز اليابس المعلقة فوق اللوحات "الفايسبوك"، وعلق عليها كثيرون "لو جعلوها مكان القمامة أفضل من صور المرشحين...". فيما نشر كثيرون فيديوهات لخرجات مرشحي حركة "تاج" التي لم تخل كعادتها من المهرجانات والغناء والرقص وحتى الكرم، فمن أراد "يْفاجِي على روحو ولا يشرب قهوة بَاطل، يحضر حملات تاج...".