أشادت مرشحة اليمين الفرنسي المتطرف مارين لوبن ب"النتيجة التاريخية" التي حققها حزبها الجبهة الوطنية، بعد تأهُّلها للدورة الثانية للانتخابات الرئاسية الفرنسية. وقالت لوبن بعيد إعلان تقديرات نتائج الدورة الأولى: “تم تجاوز المرحلة الأولى التي توصل الفرنسيين إلى الإليزي. هذه النتيجة تاريخية”، معتبرة أن الدورة الثانية المقررة في السابع من ماي ستدفع الفرنسيين إلى الاختيار بين “العولمة المتوحشة” المجسدة بخصمها ماكرون، و”البديل الأكبر”. وانطلقت لوبن في حملتها الانتخابية، متكلمة “باسم الشعب” في قضاياه الحياتية، قبل أن تعود إلى موضوعيها الأساسيين: الهجرة ومكافحة الإرهاب، وباتت تحلم بانتصار تاريخي في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، بعد تأهُّلها للدورة الثانية. وخلال الحملة الانتخابية، رجَّحت الاستطلاعات استمرار وصولها إلى الدورة الثانية، بعد أن ركَّزت في خطابها على استياء الفرنسيين “المنسيين” الذين يعانون من البطالة ومن تردي أوضاعهم، مدعومة في ذلك بموجة قومية تجتاح أوروبا. باشرت ابنة جان ماري لوبن، أحد مؤسسي حزب “الجبهة الوطنية” عام 1972، حملتها في فبراير الماضي مركزة على “الوطنية” و”الأفضلية الوطنية”، فقدَّمت نفسها على أنها “مرشحة الشعب” في مواجهة “يمين المال ويسار المال”. ومع تسجيلها تراجعا طفيفا في استطلاعات الرأي في الأيام الأخيرة، شددت مارين لوبن (48 عاما) من خطابها وأضافت إلى وعودها الانتخابية وعدا ب”تعليق الهجرة الشرعية”. وتدعو مارين لوبن إلى الخروج من اليورو وفرض ضرائب على المنتجات المستورَدة، كما تعد بتعليق اتفاقات شنغن لحرية تنقل الأفراد داخل الاتحاد الأوروبي، وطرد الأجانب المدرجة أسماؤهم على لوائح التطرف لدى أجهزة الأمن، وإلغاء حق الجنسية للمولودين على الأراضي الفرنسية. وقالت مارين لوبن في إعلان حملتها الانتخابية: “أنا فرنسية في الصميم، باعتزاز وإخلاص. أتلقى الإهانات الموجَّهة إلى فرنسا وكأنَّها موجَّهة إليَّ مباشرة”. وتابع أنصارُها من شتى الأعمار والأوساط الاجتماعية خطاباتها بانتباه شديد في تجمُّعاتها العامة، وكانوا يقاطعونها مرارا هاتفين: “نحن في ديارنا”، في شعار وصفه خصومها بأنه “صيحة معادية للأجانب”، فيما اعتبرته هي “صرخة حب” لفرنسا. وغالبا ما شهدت تجمُّعاتها الانتخابية، حيث تتخذ وضعيات عسكرية وترتدي ملابس بألوان العلم الوطني، تظاهرات لمعارضين لها وصدامات مع الشرطة. عمدت لوبان منذ توليها رئاسة الجبهة الوطنية في 2011 خلفا لوالدها الذي قطعت علاقاتِها معه تماما، إلى استبعاد المسؤولين الأكثر تطرُّفا والناشطين "المعادين للسامية" التوّاقين إلى ما يسمونه "الجزائر الفرنسية"، وربما بالنسبة إلى البعض، إلى نظام فيشي المتعاون مع ألمانيا النازية، والكاثوليك المتزمِّتين. وعمدت خلال عملية إعادة تنظيم الحزب هذه إلى إبعاد والدها الذي كان يثير ضجّة تلو أخرى بتصريحاته المعادية لليهود. في مطلع ماي 2015 وعلى إثر تصريحات جديدة "معادية للسامية" صدرت عن جان ماري لوبن، وقعت القطيعة نهائيا بين الأب وابنته التي أقصته من الحزب. وكانت استراتيجية إعادة ترتيب الحزب هذه مجدية إذ بات يحقق تقدما متواصلا في كل انتخابات. لم يكن من المفترض أساسا لمارين لوبن، الصغرى بين بنات جان ماري لوبن الثلاث، المطلقة مرتين، الأم لثلاثة أولاد، وهي تعيش حاليا مع أحد مسؤولي الحزب لوي آليو (دون زواج)، خوض المعترك السياسي.. بل كان من المقرَّر عوضا عن ذلك أن تخلف شقيقتها ماري كارولين والدهما الذي هيمن على الحزب نحو أربعين عاما. غير أن الحياة السياسية الصاخبة والمتقلبة للجبهة الوطنية والخلافات العائلية في التسعينيات فتحت الطريق أمام هذه المحامية صاحبة الطباع النارية. وأطلت مارين لوبن على الرأي العام في الخامس من ماي 2002 في ليلة الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، لتدافع بضراوة عن والدها بعدما هُزم بفارق كبير أمام جاك شيراك، وفرضت نفسها وريثة له، قبل أن تنقلب عليه وتقطع علاقتها معه.