يعيش الآلاف من مستعملي القطارات هذه الأيام حالة تذمّر واستياء شديدين من وزارة عمّار تو التي لم تتخذ إلى يومنا هذا قرارا "جدّيا" بشأن إضراب ما يقارب 9 آلاف سائق وعامل بشركة النقل بالسكك الحديدية الذي يدخل أسبوعه الثاني على التوّالي، وفشلها في تجميد هذا الإضراب الأول من نوعه. لم تحمل تهديدات المديرية العامة لشركة النقل بالسكك الحديدية بالمتابعات القضائية والخصم من الأجور وحتى الفصل عن العمل للمضربين في قطاع السكة الحديدية، أي تأثير على هؤلاء، بل بالعكس زاد في تمسّكهم رغم يقينهم بقرارات الخصم من أجورهم التي يقولون عنها أنّها "زهيدة"، غير مبالين بحالة الملايين من المواطنين مّمن تعطّلت مصالحهم كل حسب حالته. انطلاقا من محطّات نقل المسافرين بالثنية مرورا ببومرداس والرغاية والرويبة والدار البيضاء وباب الزوار والحراش وحسين داي وتافورة، وانطلاقا من محطّات العفرون وموزاية والبليدة وبني مرّاد وبوفاريك مرورا ببابا علي وبئر توتة وعين النعجة والسّمار يطارد الملايين من المواطنين سيما الطلبة والعمال وموظفي مختلف القطاعات "جحيم حقيقي" بسبب إضراب القطارات، حيث يصطفّون في طوابير لا يتصورّها إنسان عاقل، أغلبهم لا تُتاح له فرص التنّقل عبر حافلات النّقل رغم المكوث ساعات وساعات أمام محطّات النقل الجماعي، أمّا بالنّسبة لسيارات الأجرة فالمحظوظ فقط من المسافرين من يتمكّن الظفر بمقعد بداخلها، فيما تحوّلت مئات من سيارات "الكلونديستان" إلى عملات نادرة قلّما يعثر عليها المواطنون. وقد انعكس الإضراب سلبا على الطلبة الجامعيين الذين أقصي عدد منهم من امتحانات السداسي الثاني بسبب تأخّرهم عن الموعد، فيما تعرّض موظفو الإدارات والقطاعات الخاصة والعمومية إلى الخصم من أجورهم بسبب تأخّر التحاقهم بمناصب عملهم، كما يهدد الإضراب بأزمة اقتصادية بسبب الخسائر. يحدث هذا في ظلّ المفاوضات الماراطونية بين نقابة عمال السكّك الحديدية والمديرية العامة للشركة ووزارة النّقل التي "لا تسمن ولا تغني من جوع"، فلا الوزارة استطاعت تلبية مطالب العماّل برفع الأجور بحجة الصعوبات المالية التي تواجهها الشركة، ولا العدالة وقفت في وجه هؤلاء رغم صدور قرار الوقف الفوري للإضراب "بصفته غير شرعي" واستئناف العمل بدءا من نهاية الأسبوع الماضي، وحتى وساطة الأمين العام للإتحاد العام للعمال الجزائريين لم تأت بالجديد. وكان وزير النقل عمار تو قد صرّح أول أمس بأن القطارات ستستأنف عملها بدءا من أمس الأحد، ومديرية الموارد البشرية قد وعدت بضمان الحد الأدنى على الأقل لضمان تنقّل الطلبة ونقل البضائع الحساسة والمعرّضة للتّلف، لكن لا شيء من هذا وذاك تجسّد على أرض الواقع.