يدلي نحو 47 مليون فرنسي بأصواتهم، الأحد، لاختيار رئيسهم المقبل، بين الوسطي إيمانويل ماكرون واليمينية المتطرفة مارين لوبن، وطبقا لاستطلاعات الرأي العام الفرنسية، فإن 60 % من الناخبين مقبلون على منح ثقتهم لمرشح الوسط زعيم حزب "إلى الأمام" الشاب ماكرون. لكن الفارق بينه وبين غريمته مارين لوبن قد يتقلص، فنوايا التصويت لم تحسم المعركة بشكل نهائي رغم إجماع وسائل الإعلام الفرنسية على ظهور ماكرون بموقف أكثر إقناعا ومصداقية في المناظرة التلفزيونية التي بثت مساء الأربعاء الماضي. ويحظى ماكرون ببعض الأفضلية، فعدد من المرشحين في الدور الأول، أعلنوا دعمهم له في صورة بونوا وفيون، علاوة على بعض السياسيين كحال الرئيس هولاند، ووزيره الأول كازنوف، ونفس الحال مع النجم زين الدين زيدان، وأمام 47 مليون ناخب فرنسي- يشكل المسلمون نسبة 5 % منهم - الاختيار بين مشروعين على طرفي نقيض. فماكرون يحمل برنامجا ليبراليا ومواليا لأوروبا، فيما تحمل لوبن شعار مناهضة الهجرة والانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وإذا كانت أصوات الناخبين في الجالية العربية والمسلمة قد وزعت في الجولة الأولى بين المرشحين بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم فإن إيمانول ماكرون يبدو الأقرب إلى خيارهم. لكن هذه الجالية ليست وحدة متجانسة بسبب تعدد ثقافاتها وانتماءاتها الدينية. بالتالي سيختار ناخبوها بين لوبن وماكرون وفقا لمصالحهم المختلفة وقناعاتهم السياسية. كما أن بين الناخبين من أصول عربية من سيقاطع الاقتراع ومن لم يحسم موقفه نظرا لأنه صوت لمرشح آخر في الجولة الأولى، مثل جان لوك ميلونشون - مرشح اليسار - أو فرانسوا فيون مرشح اليمين. اتسم خطاب إيمانويل ماكرون خلال الحملة الانتخابية تجاه الجالية العربية والمسلمة بالانفتاح. ففي أحد مهرجاناته الانتخابية في مدينة مرسيليا في الجنوب الفرنسي والتي تقطنها جالية مغاربية كبيرة العدد، خاطب ماكرون جمهوره قائلا: "أرى الجزائريين والمغاربة والتونسيين والماليين، والسنغاليين... أرى أبناء مارسيليا، أرى فرنسيين... إنها فرنسا التي أفتخر بها". في المقابل، تعهدت مارين لوبن في مهرجاناتها بالحد من الهجرة وتشديد شروط اللجوء ورفض تسوية أوضاع الأجانب المقيمين في فرنسا بصفة غير قانونية. هذا إضافة إلى الانطباع الذي تخلفه تصريحاتها التي تنم عن كراهية دفينة لكل ما هو أجنبي عن فرنسا، وإلصاق تهمة التطرف والإرهاب صراحة بالإسلام والمسلمين. وجود ملايين العرب والمسلمين ممن يحملون الجنسية الفرنسية والمندمجين في نسيج المجتمع الفرنسي له تأثير وازن في السياسة الداخلية الفرنسية. ولا أدل على ذلك مشاركة عدد من الأسماء العربية في الحكومات السابقة خصوصا ذات الأصول المغربية والجزائرية. بالتالي قد ترى هذه الجالية في انتخاب ماكرون صمام أمان للحفاظ على رصيدها ونفوذها السياسي ومكانتها في مجتمعها، لأن البديل سيقضي على منجزاتها. إلى ذلك، أعلن مركز الحملة الانتخابية لماكرون، أمس، تعرض الحملة لقرصنة إلكترونية ضخمة، وقال المركز، في بيان، إن منفذي القرصنة الإلكترونية، أخلطوا الوثائق الحقيقية للحملة بأخرى مزيفة، ثم عمدوا إلى تسريبها ونشرها على شبكة الإنترنت، وأشار المركز إلى أن القراصنة يهدفون إلى إلحاق الضرر بماكرون قبيل الانتخابات.