باشرت مختلف بلديات الوطن في عملية توزيع قفة رمضان على الفقراء والمحتاجين، التي حددت وزارة التضامن الاجتماعي قيمتها ب5 آلاف دينار جزائري، ورغم قلة المبلغ المخصص غير أن "قفة الكرامة" مثلما تفضل غالبية السيدات تسميتها جاءت لتقيهن شر الحاجة في الشهر الكريم. "الشروق" تنقلت أمس، إلى بلدية الجزائر الوسطى وحضرت عملية التوزيع لتنقل الأجواء السائدة. وصلنا إلى المخزن العام لبلدية الجزائر الوسطى في حدود العاشرة صباحا، وقد تحول المكان إلى ما يشبه خلية نحل فكل التجهيزات والوسائل مسخرة، وجميع عمال البلدية مجندون لإنجاح عملية توزيع قفة رمضان فلم يدخروا أدنى جهد في إرشاد وتوجيه المواطنين المتوافدين تباعا وإيصالهم إلى حد المكان المخصص، بل وإعادتهم إلى منازلهم سالمين محملين، وغالبيتهم من كبار السن رغم تقدم العمر وحرارة الشمس والمرض لكنهم جاؤوا لاستلام إعاناتهم. كان المخزن يعج بالعاملين ومئات القفف الجاهزة والمنظمة في انتظار المستفيدين فما عليهم سوى تقديم بطاقة التعريف الوطنية الخاصة بهم حتى تتحقق إحدى الموظفتين من بياناتهم ويوقعون ثم يستلمون قفتهم. يحكي لنا أحد الساهرين على العملية: "مثلما تلاحظون غالبية القادمين للاستفادة من القفة هم مسنون، دخلهم لا يتجاوز 18 ألف دينار، جميعهم مسجلون في قوائم المحتاجين ولديهم ملفات بالبلدية وتم التحقق من وضعيتهم الاجتماعية قبل تدوينهم كمستفيدين، ومثلما تلاحظين تقدمهم في السن جعلهم لا يقدرون حتى على حمل القفة لذا وضعت لهم البلدية سائقا خاصا لإيصالهم".
مدير الوسائل العامة: وزعنا 213 قفة منذ الخميس و5 سيارات لإيصالهم إلى مساكنهم كشف مدير الوسائل العامة ببلدية الجزائر الوسطى بلحوسين عبد الكريم، عن قيامهم بتوصيل قفة رمضان إلى غاية مقرات إقامة المستفيدين خلال الأعوام الماضية، لكن الأمر ولد نوعا من الحساسية والإحراج لدى البعض منهم أمام جيرانهم في الحي، وفضلوا أن يتم الأمر في سرية تامة بعيدا عن أعين المحيطين بهم، لذا قررت البلدية هذه السنة الاتصال بالمستفيدين عبر الهاتف ودعوتهم إلى التقرب من المخزن للحصول على قفتهم. وقد وضعت 5 سيارات بسائقين حتى يتم إيصالهم لمساكنهم داخل إقليم بلدية الجزائر الوسطى مباشرة، وأضاف المتحدث أن عملية التوزيع بدأت يوم الخميس الماضي وإلى غاية نهار أمس، تم توزيع 213 قفة من أصل 1300 قفة وستتواصل العملية خلال الأيام القادمة حتى الانتهاء منها.
موظفون مكلفون بالاتصال بالمعوزين وأكثر من 50 اتصالا في اليوم يحكي لنا "وليد" موظف مكلف بالاتصال بالعائلات لإخطارهم بضرورة التقرب للحصول على مساعدتهم، أنه اتصل أمس منذ الساعة الثامنة وحتى حدود الحادية عشرة بأزيد من 50 عائلة، وسيستمر في الاتصال حتى يبلغ جميع المذكورة أسماؤهم في القائمة التي سلمتها لهم مصلحة النشاط الاجتماعي وتضم أزيد من 300 مستفيد. وانتهزنا الفرصة لنتجاذب أطراف الحديث مع إحدى الموظفات، وقد أكدت لنا أن العملية تتم بشكل جيد فالجميع خصوصا كبار السن مسرورون ويتوافدون بأعداد هائلة والعمل مستمر من الثامنة صباحا حتى الرابعة والنصف. وعن محتويات القفة راح مدير الوسائل العامة بلحوسين عبد الكريم يستظهر أمامنا مستلزمات بقيمة 5 آلاف دينار جزائري، وهي عبارة عن 5 لترات من الزيت النباتي، علبتي قهوة وزنها 250 غ، 2 كلغ من السكر العادي، علبة طماطم مصبرة وزنها 800 غ، 1 كلغ من الحمص الجاف، 2 كلغ كسكس متوسط، 500 غ فريك، 1 كلغ أرز مفور، 500 غ عينة مجففة، 500 غ زبيب، 5 كلغ فرينة، 500 غ مارغرين، علبتي حليب مسحوق، علبة خميرة الخبز، علبة عجائن "فيرميسال"، كيس سميد 10 كلغ وقفة جميلة من الحجم الكبير.
مستفيدات من القفة: البلدية تتذكرنا في الوقت الذي ينسانا فيه الجميع اقتربنا من إحدى السيدات، تقيم في شارع العربي بن مهيدي "ديزلي"، وقد بدت راضية جدا بالقفة فقالت لنا: الحمد لله كل عام يتذكروننا هذه القفة تكفينا شر الجوع ومد اليد في شهر الرحمة، فالآن تغير الوضع كثيرا لا يوجد جار يعين جاره ولا من يتفقد المحتاجين من أبناء حيهم وحدها البلدية ما تزال تتذكرنا، لتكمل في العام الماضي جلبوا لي القفة حتى باب منزلي في سرية تامة ولم يعرف أحد من جيراني حقيقة استفادتي من قفة رمضان. أما إحدى المسنات تقطن في حي تيليملي فعبرت عن فرحتها الكبيرة فمن هذه القفة ستأكل وتشرب طوال شهر رمضان، ومع جهلها لمحتوياتها لكنها خير على حد قولها، لتواصل أنا لا أريد أكلا ولا شرابا يكفيني الشعور بالأمن في بلادي لا حروب ولا مشاكل، فالحمد لله الجزائر بخير وعلى نعمة الأمن والأمان لتختم حديثها بالدعاء للجزائر. وعبر السائق عكروز مفتاح، الذي كان يستعد لإيصال السيدتين إلى مقر سكناهما عن سعادته البالغة بفعل دعوات الخير من المسنات في هذه الأيام المباركة، وهو ما يدفعه إلى إيصال القفة حتى باب الدار كما كان يقول فهم يقومون بعملهم فقط وزادهم التعامل مع كبار السن حرصا على القيام به على أكمل وجه.