عبد المجيد تبون يريد أن يرأس الحكومة ويبقى وزيرا للسكن في الوقت ذاته، لذلك جاءت تعليمته الأولى إلى البنوك العمومية من أجل ضخّ 3 آلاف مليار سنتيم لتمويل المشاريع السكنية المتأخرة، تأكيدا على منحه الأولوية لهذا القطاع الذي تردَّد أنه كان سببا مباشرا في سقوط سلفه عبد المالك سلال عقب خلاف حاد بين الرجلين! من حق الوزير الأول منح الأولوية للسكن، على اعتبار أن ملايين الجزائريين ينتظرون الحصول عليه، في ظل إطلاق مشاريع ضخمة وتأخر توزيعها وتمويلها حتى الآن، لكن ليس من حقه إقصاءُ بقية الأولويات على غرار الصحة والتعليم مثلا، أو التعامل مع الجبهة الاجتماعية التي تغلي حاليا بسبب بعض القوانين كالتقاعد، وكأنها مشكلة بسيطة يمكن حلها بالتسويف والوعود. ماذا عن ملف التحويلات الاجتماعية و"سرّ" عودته إلى الواجهة هذا الأسبوع؟ وهل للأمر علاقة بتمويل السكنات؟ لماذا عجزت الحكومة حتى الآن عن اتخاذ قرار صريح أو العثور على صيغة مناسبة وبديلة للدعم العشوائي، لا تحرم المواطنين حقهم، ولا تُكرّس الطبقية أكثر مما هي مستفحلة؟ علما أن التقارير الإعلامية الأخيرة حول تبذير الجزائريين في رمضان ما قيمته 8 ملايير، والتخلص من 10 ملايين خبزة في القمامة يوميا، تم توظيفها في سياق مغرض عنوانه "شفتوا الشبعة واش ادّير"؟ في هذا الصدد، يأتي قرار حكومة تبون باستشارة الأحزاب السياسية في كيفية مراجعة التحويلات الاجتماعية ودعم المواطنين بمثابة التوريط المباشر لتلك الأحزاب؛ فالحكومة التي لم تستشر أحدا في كيفية صرف المال العام أثناء فترة البحبوحة تريد استشارة "أيّ أحد" في زمن التقشف لإنهاء عهد "السوسيال"! الغريب أن تأتي هذه الدعوة في ظلّ استمرار القطيعة مع النقابات المستقلة، علما أن هذه الأخيرة وفي يوم دراسي أشرفت على تنظيمه هذا الأسبوع، أوضحت، وبالأرقام، خطورة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، ونشرت دراسة تكشف وجود أزيد من 85 بالمائة من العمال أجورهم أقل من الحد الأدنى للعيش، وأن هنالك 1.5 مليون عامل يقبضون راتبا أقل من الحد الأدنى للأجور! لماذا لا يتمُّ الاستماع جدّيا لهذه النقابات، خصوصا أن السيد تبون لم يمنح أي إشارة حول تبدُّل سياسة الإقصاء التي مارستها حكومات سلال، كما بقيت دعوات بعض الوزراء الجدد على غرار الصحة والعمل لفتح حوار مع الشريك الاجتماعي، بمثابة دعوات مفتوحة من أجل الاستهلاك الإعلامي فقط، لا جدية فيها ولا مضمون؟ أليس من واجب تبون أيضا قول رأيه بصراحة حول دعوة أحمد أويحيى، وهو شريكٌ في الحكومة، إلى بيع الشركات العمومية، هل يعد هذا رأيا أم جسّ نبض تمهيدا لقرار الخصخصة؟ وهل للأمر علاقة باستبعاد وزير "الأرندي" عبد السلام بوشوارب من قطاع الصناعة في التعديل الحكومي الأخير؟!