تعالت في المدة الأخير أصوات تدعو إلى ضرورة تحرك السّلطات العمومية لمعالجة ظاهرة اللاجئين القادمين من الدول الإفريقية، وما زاد في حالة القلق في أوساط المواطنين هو ظهور تجمعات أو قرى إفريقية على ضفاف الأودية وقرب المدن الكبرى، على غرار تلك القرية التي أطلق عليها اسم "أفريكا تاون"، الواقعة على ضفاف وادي الحراش، وهو ما يهدد الصّحة العامّة بسبب انعدام النّظافة خاصة أن القرية أقيمت بمحاذاة مجرى للمياه القذرة. كما تواترت الأخبار حول الاعتداءات التي يتورّط فيها اللاّجئون الأفارقة على المواطنين، وقد عالجت المحاكم عشرات القضايا من هذا النوع خلال الأشهر الماضية، أضف إلى ذلك أعمال التّسول التي يقوم بها عدد كبير من الأفارقة في الطرق والشّوارع الرئيسية، وهي كلها معطيات تحتم على السّلطات سرعة التّحرك لجرد اللّاجئين وتجميعهم في مخيمات وتقديم الخدمات الإنسانية الضّرورية لهم، بدل تركهم يندمجون مع المجتمع بالطّريقة التي نراها. وإذا كان من الطبيعي أن تسود مشاعر القلق من تطور الظاهرة واتساعها، فإنه من غير المقبول أن يتم إطلاق أوصاف عنصرية ضد اللاجئين والمطالبة بطردهم من البلاد، وإغفال الجانب الإنساني في القضية، خاصة أن أغلب هؤلاء اللاجئين جاؤوا من بلدان تمزقها الحروب والنزاعات، وهي ظروفٌ أسوأ من تلك الظروف التي دفعت بالجزائريين إلى خوض أهوال البحر والمرور إلى الضفة الأخرى من البحر المتوسط. إن الإنسان الجزائري كان ولا يزال ضحية المشاعر العنصرية لدى الإنسان الأوروبي سواء خلال الاستعمار الفرنسي للجزائر، أم بعد الاستقلال، وهو واقع يعيشه ملايين الجزائريين الآن في أوروبا وهم يتابعون التصريحات اليومية لرموز اليمين المتطرف الداعي إلى طرد العرب والمسلمين من أوروبا، فلا يُعقل أن نقف الموقف نفسه مع اللاجئين الفارين من جحيم الحروب! ومع ذلك، فإن تحرك السّلطات مطلوب، لتنظيم ظاهرة الهجرة غير الشرعية، والتضييق على الجهات التي تسهم في التدفق اليومي لهم، واتخاذ الإجراءات القانونية الردعية في حق اللاجئين الذين يتورطون في أعمال غير قانونية كالتّسول والدّعارة والاعتداءات على المواطنين، أما التّعامل مع الظّاهرة بطريقة النّعامة وتجاهل الأخطار التي تشكلها على المجتمع فهو الخطأ الأكبر الذي ترتكبه السلطات، وهو ما يفتح المجال كذلك للأصوات النشاز المشبعة بمشاعر الكراهية والعنصرية.